دبلوماسي سعودي: ليست لدينا أطماع في اليمن

السفير آل جابر قال إن اختيار الحوثيين الحل العسكري يحقق أهداف إيران

جانب من الجلسة التي عقدت في «شاتام هاوس» بلندن أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الجلسة التي عقدت في «شاتام هاوس» بلندن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

دبلوماسي سعودي: ليست لدينا أطماع في اليمن

جانب من الجلسة التي عقدت في «شاتام هاوس» بلندن أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من الجلسة التي عقدت في «شاتام هاوس» بلندن أمس («الشرق الأوسط»)

كانت سيمياء حضور من الباحثين والمهتمين لقاء عقد في العاصمة البريطانية لندن أمس، أقرب إلى الدهشة عندما سمعوا أن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، قال إنه لا يزال على تواصل مع الحوثيين وصالح، مضيفا أنه لطالما طالبهم بالانصياع إلى حل الأزمة والالتزام بالخريطة الأممية للحل، «لكنهم لم يستجيبوا إلى ذلك». والشيء ذاته تكرر عندما قال: «المملكة ليس لديها خلاف مع أي مكون سياسي أو مذهبي أو عرقي أو مناطقي في اليمن، وليس لديها أي أطماع في اليمن».
وشدد على أن الحل في اليمن سياسي، ويؤكد بالقول إن الحوثيين وصالح وبدعم من إيران اختاروا الخيار العسكري لتحقيق أهدافهم السياسية في اليمن، ولتحقيق أهداف إيران في المنطقة، التي لا تخفى على أحد.
ويصف آل جابر، في لقاء نظمه مركز الخليج للدراسات بالتعاون مع المعهد الملكي للعلاقات الدولية «شاتام هاوس»، بحضور كثير من الباحثين وأعضاء منظمات إغاثية دولية، القضية اليمنية بأنها «قديمة وجديدة... سهلة ومعقدة»، ثم يقول إنها سهلة عندما كانت المملكة العربية السعودية ودول الخليج، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة تساعد اليمنيين في معالجة قضاياهم السياسية سلمياً، وتدعم حكومتهم أمنيا لمواجهة تنظيم القاعدة، وتدعمهم اقتصاديا لمساعدة الشعب اليمني وفي المجالات كافة. من جهة أخرى - والحديث للسفير - فإن القضية اليمنية أصبحت معقدة بعدما دعمت إيران أقلية متطرفة ودفعتها للسيطرة على الدولة.
«ولكن، ما الفرق بين التحالف والميليشيات فكلاهما ينفذ أعمالا عسكرية؟»، سأل أحد الحضور سؤالا، وأجابه السفير: «التحالف مسؤول، ويواجه أخطاءه بشجاعة، ويتلقى ما ترسله الجهات المختلفة حول الضربات، لكن الحوثيين وصالح لا يستطيع أحد في العالم مساءلتهم».
خلال اللقاء، «أظهر المتحدثون اليمنيون خيبة أمل كبيرة من المنظمات الدولية وجهودها حيال المعتقلين اليمنيين القابعين تحت التعذيب في سجون الانقلاب»، وفقا لبراء شيبان الباحث السياسي اليمني، عضو مؤتمر الحوار الوطني الذي أضاف، أن الأمم المتحدة لم تتطرق في كل بياناتها عن المعتقلين، وزاد: «الآليات التي تستخدمها المنظمات الدولية في التعامل مع اليمن ما زالت تركز فقط على صنعاء ومحيطها، ولم يتم التعامل مع كثير من المحافظات التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، رغم أن الوصول إليها يسير، ومحافظيها يعملون على الأرض وبالإمكان الوصول إليهم».
ولم يخف شيبان أن الطريقة المركزية في التعاطي مع الأزمة اليمنية «تعقد المسألة ولا تساعد في بناء اللامركزية المنشودة في الدولة».
من ناحيته، أشارت وزيرة الإعلام اليمنية السابقة، الدكتور نادية السقاف، إلى أن الحوثيين «زرعوا ثقافة الرعب، وقمع الحريات عن طريق تأليب المواطنين ضد بعضهم، وجعلهم يبلغون عن بعضهم»، مضيفة أنهم جعلوا المنهج المدرسي «يخدم فكرهم المتطرف والمتعصب وخلق جيل من اليمنيين بثقافة رجعية لا يفهمون إلا العنف والكره وعدم القبول بالآخر».
وعرجت الوزيرة على «سيطرتهم (أي الحوثيين وصالح) على الإعلام لخدمة مصالحهم السياسة من دون أي مشروع وطني»، وقالت إن تقديسهم لبشر مُعينين بحكم السلالة وجعل بقية اليمنيين يشعرون بالدونية والتفاهة مقارنة بهؤلاء «المختارين» يعني أن «قيمة الإنسان العادي لا شيء مقارنة بهم».
وبالعودة إلى تصريحات السفير السعودي لدى اليمن، فإن آل جابر أفاد خلال كلمته وردوده على أسئلة الحضور في اللقاء الذي استعرض وجهة النظر السعودية للأزمة اليمنية، بالقول إن اليمن «بلد جار وشقيق، وتجمعنا به صلات القربى واللغة والإسلام، قبائلنا وعائلاتنا متداخلة، وممتدة، وأمن اليمن واستقراره أمر أساسي وضروري للأمن القومي للمملكة ودول الخليج، وللمنطقة والعالم، كونه يشرف على باب المندب وخطوط الملاحة التجارية على البحر الأحمر».
وأضاف أن «المملكة تدعم اليمن منذ عقود في جميع المجالات وتساهم في مساعدته في تخطي الصعوبات الاقتصادية للمساهمة في تحقيق أمنه واستقراره، وأجد أنه من الضروري أن أشير إلى أن مستشفى صعدة وحجة وكثيرا من مشاريع التنمية في اليمن وكهرباء المحافظات الشمالية نفذت بتمويل سعودي منذ سنوات، وأن مشروع (مأرب3)، كان من المفترض أن يكتمل في مارس (آذار) 2015، وكان من المخطط أن يغطي باقي المحافظات. في عام 2010 وقبل ثورات الربيع العربي شاركت المملكة في مؤتمر أصدقاء اليمن، والتزمت بتقديم نصف التزامات جميع الدول في هذا المؤتمر، التي بلغت 7 مليارات دولار، وفي عام 2011 أوقفت حربا أهلية بدأت في العاصمة صنعاء وفي كثير من المحافظات اليمنية وقدمت المبادرة الخليجية التي نقلت السلطة سلميا من الرئيس السابق علي صالح، إلى الرئيس الحالي عبد ربه هادي، ووضعت مسارا للعملية السياسية وللمرحلة الانتقالية تضمنت معالجات للقضايا العسكرية والأمنية وحوارا وطنيا بين جميع المكونات اليمنية دون استثناء (الجنوبيون والحوثيون والنساء والمهمشون)، ووضعت في هذا الحوار حلولا لقضية صعدة، والقضية الجنوبية».
يكمل السفير بأن «الحوار استمر 10 أشهر، دعمته المملكة والدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، وتلا ذلك البدء في كتابة الدستور اليمني، وأعدت مسودته من قبل قضاة وقانونيين من مختلف المكونات اليمنية تمهيدا للاستفتاء عليه وانتخاب رئيس لليمن».
وخلال الفترة من 2012 حتى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، أشار آل جابر إلى 9 مليارات دولار قدمتها بلاده دعما لمساعدة الحكومة اليمنية في استكمال العملية السياسية.
يستدرك آل جابر بالقول إن «إيران رأت أن نجاح ذلك يعني تحقيق أمن واستقرار لليمن والخليج، وهو ما يتعارض مع استراتيجيتها وممارساتها بالتدمير وإشعال الفتن والحروب الطائفية في المنطقة وتشجيع ودعم المتطرفين». ثم يقول: «دفعت ميليشيات الحوثيين التي دعمتها بالمال وبالتدريب خلال عقدين من الزمن، إلى تدمير آمال اليمن وتحطيم العملية السياسية ونقض كل الاتفاقيات والبدء بهجوم شامل بدعم ومساندة من علي صالح وأتباعه الذي يطمع في العودة إلى السلطة عبر أحد أبنائه أو إخوته».
وأضاف السفير: «موقف المملكة واضح بأن الحل في اليمن سياسي وبموجب المرجعيات الدولية الثلاث المبادرة الخليجية والحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن (2216)، وهي في ذلك تدعم جهود المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وعلى الحوثيين تسليم السلاح والانسحاب ومشاركتهم في الحكومة ومؤسسات الدولة وفق حجمهم. وضرورة إيقاف التدخلات الإيرانية في اليمن لضمان أمن واستقرار اليمن والمنطقة والممرات الملاحية، ومكافحة الإرهاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.