مصرفيون: نقص التمويل في مصر يعرقل مدفوعات السلع الأساسية

انكماش احتياطيات النقد الأجنبي دفع الواردات للتراجع إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات بنهاية 2013

تستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص ({الشرق الأوسط})
تستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص ({الشرق الأوسط})
TT

مصرفيون: نقص التمويل في مصر يعرقل مدفوعات السلع الأساسية

تستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص ({الشرق الأوسط})
تستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص ({الشرق الأوسط})

قال مصرفيون وتجار إن الأزمة المالية في مصر تعرقل مدفوعات السلع الأساسية الغذائية مع عودة مشكلات التمويل التي كانت ظهرت أوائل العام الماضي.
ويشكل دعم الغذاء مسألة مهمة لدرء اضطرابات اجتماعية في أكبر مشتر للقمح في العالم حيث أدت احتجاجات إلى الإطاحة برئيسين في السنوات الثلاث الماضية.
وقال تجار ومصرفيون في تقرير لـ«رويترز» إن قلة احتياطيات النقد الأجنبي إضافة إلى اتخاذ البنك المركزي لنهج حذر بشكل خاص في تخصيص تلك الأموال يبطئ إجراءات الدفع للأغذية التي تشتريها جهات حكومية.
وقال محمد طوسون رئيس تمويل التجارة بوحدة البنك الأهلي المتحد في مصر «أثر الاضطراب السياسي في مصر منذ 2011 على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بسبب الهبوط في إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر.. أرغم هذا البنك المركزي على اتخاذ إجراءات صارمة لتوجيه الأموال المتاحة إلى السلع الأولية الاستراتيجية والمواد المرتبطة بالغذاء والدواء».
وقال بعض التجار إن الانتخابات المزمعة في وقت لاحق هذا الشهر في أكبر بلد عربي سكانا تبطئ أيضا الإجراءات الإدارية في أجهزة الحكومة، إلا أنهم أكدوا أنه وعلى الرغم من وجود تأخيرات فإنه لم يحدث أي تخلف عن السداد.
وقال طوسون «ربما نواجه بعض التأخير في تخصيص التمويل الكافي بالعملة الأجنبية الضروري لتغطية الأنشطة التجارية للعملاء تبعا لحجم الصفقات لكننا نلبي المطالب في نهاية المطاف».
وبلغت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي 17.489 مليار دولار في أبريل (نيسان) منخفضة بشكل حاد من مستواها قبل انتفاضة 2011 الذي بلغ نحو 36 مليار دولار.
وتستورد مصر نحو 10 ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص لكن في 2013 دفع انكماش احتياطيات النقد الأجنبي الواردات إلى التراجع إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات. وعادت الواردات منذ ذلك الحين إلى مستوياتها شبه العادية.
وعلى الرغم من أن السلع الأساسية الغذائية تحتل قمة الأولويات في الإنفاق فقد عانى تجار من بعض التأخيرات في خطابات الضمان التي تصدر لسلع يوردونها إلى مشترين حكوميين من بينهم الهيئة العامة للسلع التموينية.
وقال تاجر مقره القاهرة على دراية بالأمر «توجد الآن بضع شحنات جاهزة وتنتظر خطابات الضمان الخاصة بها التي تأخرت لما يزيد على شهر في بعض الحالات».
وعند ترسية أي من المناقصات الحكومية فإن الشركة التي تبيع السلعة يطلب منها خطاب ضمان من أحد البنوك المصرية المملوكة للدولة ثم تقوم بعد ذلك بتأكيده لدى البنك الذي تتعامل معه.
ويقدم البنك المركزي الغطاء للبنوك الحكومية في مصر.
وقال تجار إنه رغم الموافقات التي تمنحها وزارة المالية للبنوك المحلية للإفراج عن أموال ففي بعض الأحيان لا تصدر الموافقة النهائية من البنك المركزي أثناء الفترة الزمنية المعتادة.
وأوضح تاجر ثان مقره القاهرة «ربما أنهم يحاولون ترتيب الأولويات بشأن أوجه إنفاق ما لديهم من احتياطيات من النقد الأجنبي لكن من غير الواضح سبب عدم صدور الموافقات في الوقت المناسب».
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من مسؤولي البنك المركزي. ولا يقوم التجار في العادة بشحن القمح حتى يفتحوا خطابات الضمان للمستوردين.
وقال التجار إنهم يواجهون تأخيرات أيضا بعد المناقصات من الشركة القابضة للصناعات الغذائية المملوكة للدولة وشركة ميدي تريد لتجارة السلع الغذائية اللتين تشتريان الزيوت النباتية بالنيابة عن الهيئة العامة للسلع التموينية.
من ناحيته قال تاجر أوروبي «تتأخر المدفوعات في بعض الأحيان سبعة إلى ثمانية أسابيع عن الموعد المتوقع المعتاد».
وتنفق الحكومة المصرية التي تعاني شحا في السيولة ربع ميزانيتها على دعم الغذاء والوقود. ويغطي دعم الغذاء السكر والأرز والزيوت النباتية والقمح.
وقال كاريل فالكين رئيس تمويل الأنشطة العالمية للتجارة والسلع الأولية لدى روبوبنك الهولندي «نواصل تأكيد خطابات الضمان بشكل انتقائي.. لم نواجه أبدا أي تأخير في السداد رغم أننا ننتظر في بعض الأحيان لبعض الوقت حتى تصدر خطابات الضمان».
ويعمل روبوبنك مع شركات تتاجر في السلع الأولية وتورد سلعا إلى مؤسسات الشراء الحكومية في مصر.
وفي حال استمرت التأخيرات فإن بعض الشركات التجارية ربما تحجم عن المشاركة في المناقصات المصرية أو قد تضيف علاوة مخاطر على الأسعار التي تعرضها.
وقال التاجر الثاني الذي مقره القاهرة «لأن مصر مستورد كبير للسلع الأولية فإنني أعتقد أن علاوة المخاطر ستكون المسار الأكثر ترجيحا».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.