الإعلام الأميركي ترقب أول زيارة رسمية لترمب ووثقها بتفاصيلها

الصحف والفضائيات أعجبت بـ«الاستقبال الملكي» وسارعت بتحليل مخرجات القمم

الإعلام الأميركي ترقب أول زيارة رسمية لترمب ووثقها بتفاصيلها
TT

الإعلام الأميركي ترقب أول زيارة رسمية لترمب ووثقها بتفاصيلها

الإعلام الأميركي ترقب أول زيارة رسمية لترمب ووثقها بتفاصيلها

قبيل توجه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب للسعودية، اهتم الإعلام الأميركي بها وشرع بنشر خلفيات تاريخية عن العلاقات بين البلدين، ونشر التغيير في العلاقات بين ترمب والرئيس السابق باراك أوباما، ونشر توقعات صفقات تجارية واستثمارية.
وقبل 20 يوما من الزيارة، أذاع تلفزيون «سي إن إن» خبرا عن شراء السعودية لما تبقى من أسهم غير سعودية في أكبر مصفاة نفط في الولايات المتحدة. في نفس اليوم، نشرت دورية «فورين افيرز» تحليلا عن الوضع في الشرق الأوسط تحت عنوان: «طموحات إيران»، وفيه جزء عن السعودية.
وبعد 3 أيام، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا على العلاقات بين إيران والسعودية على ضوء هجمات إيران على الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد بسبب التحذير الذي وجهه لإيران.
وقبل 10 أيام من الزيارة، نقل تلفزيون «سي إن بي سي» خبرا عن توقع صفقات أسلحة بين السعودية والولايات المتحدة تحت عنوان يقول: «روسيا تحاول دخول سوق الأسلحة السعودية». كان ذلك في نطاق منافسات خفية وغير خفية بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط. في نفس اليوم، كتبت دورية «أميركان ثنكر» (المفكر الأميركي) الفكرية تقريرا تحت عنوان: «ترمب والسعودية: ود أم عداء؟».
يوم 10 مايو (أيار)، نشرت وكالة «بلومبيرغ» مقابلة مع محمد التويجري، نائب وزير الاقتصاد، تحدث فيها عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتوقع زيادة كبيرة فيها في عهد الرئيس ترمب.
ومع اقتراب الزيارة، أذاع تلفزيون «فوكس» تقريرا عن وضع المرأة السعودية، وعن دورها المتزايد في المجال الاقتصادي.
وفي اليوم التالي، قادت وكالة «رويترز» أخبار تأكيد صفقة أسلحة بين البلدين خلال زيارة ترمب. وقالت إن قيمة الصفقة هي 100 مليار دولار (كانت مصادر إخبارية أخرى قالت إنها 150 مليارا أو 200 مليار).
وفي يوم 15 مايو، نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» تقريرا إيجابيا عن زيارة ترمب للسعودية. وتحدثت عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتوقع اشتراك استثمارات سعودية في خطط ترمب الاقتصادية في الولايات المتحدة، وخاصة في مجال البنيات التحتية.
مع اقتراب الزيارة، كانت هذه عناوين تقارير صحافية وتلفزيونية:
«واشنطن بوست»: «مستشارو ترمب يجهزون له ملفات جولته بداية بالسعودية».
«نيويورك تايمز»: «منظمات تدعو ترمب لمناقشة ملف اليمن مع السعوديين».
«سي إن إن»: «زينات ولافتات وأعلام أميركية في السعودية لاستقبال ترمب».
وقبيل يوم واحد من الزيارة، كتبت صحيفة «بوليتيكو» رأيا عن آراء سابقة عن السعودية كان أدلى بها ترمب. ونشرت مجلة «فوربس» (لرجال الأعمال) تقريرا قالت فيه إن الزيارة «أكثر دبلوماسيات ترمب دراماتيكية». ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» افتتاحية رئيسية عن الزيارة. وجاء في الافتتاحية أن ترمب «غير العلاقات تغييرا كاملا» (إشارة إلى العلاقات في عهد أوباما).
في نفس اليوم، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أكثر من موضوع عن زيارة ترمب للسعودية: نشرت افتتاحية. ونشرت خبرا عن قرار ترمب بأن تكون السعودية هي الدولة الخارجية الأولى التي سيزورها. ونشرت خبرا عن جاريد كوشنر، صهر ترمب ومستشاره في شؤون الشرق الأوسط، وعن دور كوشنر في صفقة الأسلحة. ونشرت تقريرا عن استثمارات ترمب في الشرق الأوسط.
وبعد وصول ترمب الذي تابعه العالم بأجمعه وانقضاء أول أيام الزيارة، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» صورة كبيرة في صدر صفحتها الأولى لترمب قبيل بدء المفاوضات بين البلدين. ونشرت في موقعها فيديو عن الزيارة. ونشرت أكثر من خبر عن الزيارة منها: استقبال حافل. واهتمت القنوات التلفزيونية الأميركية بمشاهد لترمب وهو يشترك في رقصة العرضة السعودية. وبجولة ميلانيا ترمب، السيدة الأولى في مدارس ومستشفيات المملكة. وبالتوقيع على اتفاقية الأسلحة. وتحدثت صحف وإذاعات عن اللقاء المتوقع بين ترمب وقادة دول عربية وإسلامية الذي انعقد أمس.



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.