السعودية تؤسس اليوم شراكة عربية ـ إسلامية ـ أميركية تاريخية

قادة وممثلو الدول يواصلون توافدهم إلى الرياض لحضور القمة

العاهل البحريني حمد بن عيسى لدى وصوله الرياض أمس وفي مقدمة مستقبليه الأمير فيصل بن بندر (واس)
العاهل البحريني حمد بن عيسى لدى وصوله الرياض أمس وفي مقدمة مستقبليه الأمير فيصل بن بندر (واس)
TT

السعودية تؤسس اليوم شراكة عربية ـ إسلامية ـ أميركية تاريخية

العاهل البحريني حمد بن عيسى لدى وصوله الرياض أمس وفي مقدمة مستقبليه الأمير فيصل بن بندر (واس)
العاهل البحريني حمد بن عيسى لدى وصوله الرياض أمس وفي مقدمة مستقبليه الأمير فيصل بن بندر (واس)

يعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في الرياض اليوم، قمة خليجية أميركية، وكذلك قمة عربية إسلامية أميركية، لتأسيس شراكة جديدة في مواجهة الإرهاب، ونشر قيم التسامح والتعايش المشترك وتوطيد العلاقات الاستراتيجية، بما يعزز الأمن والاستقرار العالمي، ومن المتوقع أن يلقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خطابه لقادة الدول العربية والإسلامية.
وسيسبق انعقاد القمة الخليجية الأميركية لقاء تشاوري يجمع قادة الدول الخليجية، لدعم العلاقات الثنائية ولمزيد من تضافر الجهود نحو تحقيق التطلعات لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وستساهم القمة الخليجية الأميركية في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون، وهي مؤشر واضح للعالم بأن هناك علاقة استراتيجية تربط الطرفين، وهناك مبادرات كثيرة يتم بحثها تتعلق بموضوع التسليح والجانب الأمني والجانب الاقتصادي ومواجهة الإرهاب وتمويله وتعزيز التعاون في المجال التعليمي، ومن المتوقع أن تكون هناك اتفاقيات خليجية - أميركية، سيتم توقيعها اليوم.
كما ستعقد في اليوم نفسه، القمة العربية الإسلامية الأميركية في ظل تحديات وأوضاع دقيقة يمر بها العالم، لتؤسس القمة التاريخية لشراكة جديدة في مواجهة الإرهاب، ونشر قيم التسامح والتعايش المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار والتعاون. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال في تصريحات سبقت زيارته للسعودية: «مهمتنا ليست أن نملي على الآخرين كيف يعيشون، بل بناء تحالف يضم أصدقاء وشركاء يتشاطرون هدف مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والفرص والاستقرار في الشرق الأوسط الذي تمزقه الحروب».
وقالت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، إن القمة العربية الإسلامية الأميركية تاريخية والأولى من نوعها، ومن المتوقع أن تكون القمة حدثا تاريخيا يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة والغرب بشكل عام.
وذكرت، أن الموضوع الأساسي والعام للقمة العربية الإسلامية الأميركية، هو «العزم يجمعنا»، في جميع القرارات ضد التحديات التي تشهدها المنطقة، حيث سيتوج بعد نهاية الجلسة إطلاق قادة الدول المشاركة المركز العالمي لمواجهة التطرف في الرياض «وهو المركز الذي سيقوم بتجميع الموارد لمواجهة المعركة الآيديولوجية الفكرية، والهدف هو إيجاد التسامح والتعايش والعمل معا من أجل إحراز التقدم والازدهار».
ورأت أن القمة تريد أن تكون العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي علاقة شراكة وليس توترا، وتوضح لمن يريد أن يخلق عداوة بين هذين العالمين، سواء في الغرب أو العالم الإسلامي، أنهم يسيرون في الاتجاه المعاكس.
من جهة أخرى، تواصل أمس توافد قادة وممثلي الدول العربية والإسلامية إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في أعمال القمة العربية الإسلامية، المقرر انعقادها اليوم بمشاركة عربية إسلامية واسعة، حيث وصل العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، وفهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس مجلس الوزراء بسلطنة عمان.
كما وصل إلى الرياض، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يرافقه وفد رفيع المستوى. وأوضح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن الرئيس السيسي سيلقي كلمة أمام قمة الرياض، يستعرض خلالها الرؤية المصرية لصياغة استراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب من خلال تكثيف الجهود الدولية الساعية، لوقف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين وتوفير الملاذ الآمن لها.
بينما وصل كذلك إلى الرياض أمس محمد فؤاد معصوم رئيس الجمهورية العراقية، وجوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا، وشوكت مير ضيايوف رئيس جمهورية أوزبكستان، والسلطان حسن البلقية سلطان بروناي دار السلام، وإمام علي رحمون رئيس جمهورية طاجيكستان، ومحمد أشرف غني رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية، وعثمان غزالي رئيس جمهورية القمر المتحدة، وفور ناسينبي رئيس جمهورية توجو، وفائز مصطفى السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، وسعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني ممثل الجمهورية اللبنانية.
كذلك وصل محمد نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء الماليزي، وألفا كوندري رئيس جمهورية غينيا، وجوزيه ماريو فاز رئيس جمهورية غينيا بيساو، والدكتور إرنست باي كوروما رئيس جمهورية سيراليون، وآداما بارو رئيس جمهورية جامبيا، وروك مارك كريستيان كابوري رئيس جمهورية بوركينا فاسو، وماكي سال رئيس جمهورية السنغال، والحسن وتارا رئيس جمهورية كوت ديفوار، وديفيد آرثر غرانجر رئيس جمهورية غويانا التعاونية، وتالون باتريس رئيس جمهورية بنين، وويلز بولاك يبقل وزيرة الخارجية لجمهورية سورينام رئيسة وفد بلادها للقمة، والنائب الأول لرئيس الوزراء بقرغيزيا المبعوث الخاص لرئيس قرغيزيا محمد غالي أبو الغازييف، ومدير إدارة العلاقات الدولية بمجلس الوزراء القرغيزي أيبك أيدار بيكون، والفريق طه أحمد الحسين وزير الدولة ومدير مكتب الرئيس السوداني، وإدريس ديبي رئيس جمهورية تشاد، وعبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائرية، للمشاركة بالقمة.
في حين وصل رئيس جمهورية المالديف إلى الرياض أمس، وأكد، في تصريحه لوكالة الأنباء السعودية بعد وصوله، أن استضافة السعودية للقمة العربية الإسلامية الأميركية تأكيد على مكانتها عالميا، واصفا هذه القمة بأنها مهمة جداً.
وقال: «كل الأعين والأنظار من أنحاء العالم متجهة إليها، ولذا فإن المملكة العربية السعودية لها صوت قوي ومكانة مؤثرة بصفتها قائدة على المستوى الإقليمي، من أجل نقل ما يهم العالم الإسلامي للمجتمع الدولي».
وأضاف الرئيس المالديفي: «لا شك أن هذه القمة ستعطي رسالة واضحة للدول التي مع المملكة العربية السعودية أنها ضد الإرهاب، ونحن كدولة صغيرة نتوقع كثيرا من هذه القمة، فنحن نعلم أن العالم الإسلامي قد عانى من الإرهاب».
وأعرب عن تطلعه بأن تضع القمة خطى ثابتة ضد الإرهاب الذي لا دين ولا حدود له، وأن يكون هناك التزام فيما يخص الهجرات الحدودية، خصوصا في البلدان السياحية مثل المالديف، مؤكدا ضرورة التعاون البيني بين الدول فيما يخص المعلومات الاستخباراتية الذي سيسهم في حماية الحدود.
واختتم الرئيس المالديفي: إن «المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة والناتو قد أصدرت قرارات بشأن الإرهاب، وأظن أنه قد حان الوقت ليسمع صوت العالم الإسلامي وأن تسهم هذه القمة في حلّ هذه القضية التي تهم العالم أجمع».
كما وصل إيسوفي محمدو رئيس جمهورية النيجر، إلى جانب عدد من زعماء وقادة الدول، تمهيدا لحضور القمة العربية الإسلامية الأميركية التي ستعقد اليوم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».