قانون الانتخاب اللبناني: أزمة ديموغرافية سياسية

آخر مليون ناخب دخلوا القوائم كان بينهم 800 ألف مسلم

قانون الانتخاب اللبناني: أزمة ديموغرافية سياسية
TT

قانون الانتخاب اللبناني: أزمة ديموغرافية سياسية

قانون الانتخاب اللبناني: أزمة ديموغرافية سياسية

تلعب القوى السياسية اللبنانية لعبة «حافة الهاوية» في مسعاها لإنتاج قانون انتخاب جديد على بعد شهر من انتهاء ولاية البرلمان في 20 يونيو (حزيران) المقبل. وعلى الرغم من وجود شبه إجماع على ضرورة إعداد قانون جديد للانتخاب، فإن الطروحات المتناقضة للقوى السياسية تؤشر إلى استحالة التوافق على قانون مماثل، في ظل تحكم عاملين أساسيين في إنتاج أي قانون انتخاب جديد: أولهما رضى كل الأطراف اللبنانية عليه، وثانيهما حصول هذه القوى على ما تعتبره «حقا» لها من عدد النواب في البرلمان.
وفي ظل التعنت الحاصل في المواقف، يبدو أن كل الطروحات الانتخابية لن تنجح في الحصول على الرضى المطلوب. هذا الوضع يضع البلاد أمام خيارين كلاهما مر، أي الفراغ في السلطة التشريعية، أو العودة إلى «قانون الستين» الذي أجريت الانتخابات على أساسه في عام 1960، ثم ألغي بعد «اتفاق الطائف» ليعود فيطل برأسه بعد «اتفاق الدوحة» عام 2008، والأخير هو الاتفاق الذي جرت «شيطنته» من قبل غالبية الطبقة السياسية؛ ما يجعل من اعتماده كارثة على شعبيتها.
تتلخص أزمة قانون الانتخاب في لبنان، باعتماد البلاد المناصفة في مقاعد البرلمان بين المسيحيين والمسلمين، كما أقره «اتفاق الطائف»، على الرغم من التفاوت في أعداد الناخبين بين المسلمين والمسيحيين الذين باتوا يشكلون فقط نحو ثلث عدد السكان.
أما الخلاف المفصلي، فهو فيما تطرحه القوى المسيحية الرئيسية، وفي مقدمها فريق الرئيس اللبناني ميشال عون، وهو انتخاب النواب المسيحيين بأصوات المسيحيين أنفسهم؛ ما يخلق الكثير من التعقيدات، لعل أبرزها صعوبة تقسيم الدوائر لتحقيق هذه الغاية، ومحاذير اعتماد طرح انتخاب كل طائفة لنوابها، وتأثيراتها السلبية على التعايش بين الطوائف.
يقول مرجع لبناني رفيع لـ«الشرق الأوسط»: إن الخوف المسيحي مما يجري في المنطقة من حروب واستهداف المسيحيين في سوريا والعراق ومصر، يجعل من هؤلاء أكثر ميلا لاعتماد الحلول المتطرفة؛ بحثا عن مشاركتهم في السلطة. لكن المرجع يشير إلى أن ما يثير المخاوف هو العامل الديموغرافي، ذلك أن آخر مليون لبناني دخلوا في سجلات الناخبين (بلغوا الـ21 من العمر) كان من بينهم 800 ألف مسلم؛ وهو ما يؤشر إلى مخاطر كبيرة على التوازن الديموغرافي».
ويشكو المسيحيون من أنه منذ إقرار «اتفاق الطائف»، جرى تهميش قواها الأساسية، فأطيح بالعماد ميشال عون إلى المنفى عام 1990، ووضع قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في السجن عام 1993، وبات التمثيل المسيحي في عهدة القوى الإسلامية التي تستطيع أن تأتي بأكثر من نصف النواب المسيحيين في مناطق الجنوب والبقاع والشمال وبيروت. وبعد عودة الطرفين إلى الساحة السياسية بقوة إثر خروج نظام الوصاية السوري من لبنان، يسعى الطرفان إلى استعادة هذه «الحقوق».
الحقيقة أن قصة السعي إلى قانون انتخاب قصة «إبريق الزيت» التي لا تنتهي. ففي كل مرة كان يجري فيها إجراء الانتخابات، كان يقال إن أولوية البرلمان الجديد هي إقرار قانون انتخاب جديد، وهو ما لم يحصل، إلا في عام 2008 عندما ذهب السياسيون اللبنانيون إلى الدوحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه جراء انجرار البلاد إلى حرب أهلية مصغرة في 6 مايو (أيار) 2008. يومها وصل الصدام السياسي بين القوى السياسية إلى صدام عسكري تمثل في اجتياح «حزب الله» بيروت ومحاولته اقتحام مناطق في الجبل. وعندها تم التوافق على العودة إلى قانون «الستين» (1960) الذي يعتمد الدوائر الصغرى بدلا من القوانين التي أقرت بعد الطائف، والتي كانت تميل إلى الدوائر الكبرى.، وإلى تقسيم هذه الدوائر بشكل يخدم بعض القوى على حساب القوى الأخرى. وأجريت هذه الانتخابات عام 2009 على أساس «الستين» مع تعهد من قبل البرلمان بأن يكون إقرار قانون جديد للانتخاب من أولويات البرلمان الجديد. ومن ثم مددت ولاية البرلمان الذي انتخب في ذلك العام مرتين، من دون طرح قانون فعلي لمناقشته والتصويت عليه.

الخوف المسيحي
ولمراعاة تصاعد الخوف المسيحي، كانت مبادرتان، الأولى قدمها رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري في عام 2013، تنبثق من نص «اتفاق الطائف» الذي يقول بإلغاء الطائفية السياسية، وأنه مع انتخاب أول برلمان خارج القيد الطائفي يجري استحداث مجلس للشيوخ يمثل الطوائف. ولكن طرح الحريري كان بإنشاء مجلس للشيوخ مع المحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس النواب. وفي أوائل العام الحالي طرح رئيس مجلس النواب نبيه برّي فكرة مشابهة تتمثل بإلغاء المذهبية في البرلمان، مع الاحتفاظ بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، أي بإلغاء تمثيل المذاهب، مقابل إقرار مجلس للشيوخ.
وكانت ذروة ما تم التوصل إليه مسيحياً هو ما بات يعرف بـ«القانون الأرثوذكسي» الذي ينص على انتخاب كل طائفة نوابها في المجلس؛ الأمر الذي لاقى اعتراضا إسلامياً واسعاً، بالإضافة إلى معارضة قوى مسيحية له. لكن هذا القانون كان يمثل ذروة الخوف المسيحي، وقد وافق عليه «حزب الله» تضامنا مع حليفه عون، لكن لم يكتب له النجاح.
وللرد على القانون الأرثوذكسي، صعد نجم القانون «التأهيلي» الذي يعتمد التأهيل الطائفي، ثم الانتخاب على المستوى الوطني. وكان أول من طرحه الرئيس برّي «تجاوباً مع حجة الفريق المسيحي بأن عدداً من النواب المسيحيين يفوزون بأصوات غير المسيحيين، فإنه يرى أن يتأهل للمنافسة من يحصل على 10 في المائة من الأصوات في المرحلة الأولى، بدلاً من حصرها بالمرشحَين الأولين»، ولكن برّي تراجع عن تأييده للتأهيلي بعد اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل قانوناً يجري بموجبه انتخاب النواب طائفياً في المرحلة الأولى، ثم اختيار اثنين منهم للتصويت على المستوى الوطني، وقال برّي معللا رفضه «أنا اقترحته لينتج نقانق وغيري أخرج منه خنزيراً».
ومع تراجع برّي عن تأييده التأهيلي، اتخذ الحريري موقفاً لافتاً؛ إذ تراجع عن موافقته على تمديد ولاية البرلمان لسنة كما تفاهم مع برّي؛ ما دفع بالوضع مجددا إلى التأزم الفعلي، بعودة رئيس مجلس النواب و«حزب الله» إلى النسبية الكاملة على أساس الدوائر الكبرى، بينما عاد الفريق المسيحي إلى مربع «الأرثوذكسي».
وهكذا عاد الحوار إلى «المربع الأول»، فكلما كان الحريري ماضيا في خيار تمديد ولاية البرلمان خوفا من الفراغ، كان بري يتشدد في التمسك بموقفه، فيما كان باسيل يحاول تقديم الاقتراحات، لكن مع تراجع الحريري عن التمديد حصل العكس.

الاحتمالات الواردة
وحول الاحتمالات التي ينتظرها قانون الانتخاب، يقول وزير الداخلية السابق زياد بارود لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «نحن أمام احتمال من اثنين: إما إنضاج القانون، وبالتالي الذهاب إلى مجلس النواب بعد انقضاء الشهر لإقراره. وإما نعود إلى المربّع الأول، وحينها، إذا قرّر مجلس النواب التمديد لنفسه للمرة الثالثة، فالأرجح أن الرئيس لن يوقّع قانون التمديد، وسيستعمل صلاحياته بردّ القانون إلى المجلس النيابي لمناقشة ثانية. وإذا أصرّ المجلس بأكثرية 65 صوتاً على التمديد، يصبح القانون نافذاً، إنما يعود للرئيس أن يطعن به أمام المجلس الدستوري». وتابع: «في أي حال، صحيح أن ما يُعرف بقانون الستين لم يُلغَ بقانون، ولكن نفاذه لا يعني أنه قابل للتطبيق. فالمهل التي نص عليها سقطت كلها، ولم يتم تعيين رئيس وأعضاء هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية التي يعطيها القانون صلاحيات جوهرية».
ويؤكد بارود أن العودة إلى قانون «الستين» الذي يعتبر نافذا ليست أمراً بسيطاً. وبالتالي، هو «نافذ نظرياً فقط، وهو غير مأسوف عليه. فمنذ انقضت مهلة نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي لم يوقّعه رئيس الجمهورية، لم يعد بالإمكان تنظيم انتخابات على أساسه. إضافة إلى عدم تشكيل مجلس الوزراء هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية، التي ترتبط بها مهل وإجراءات جوهرية»، مضيفا: «بالمختصر، حتى إذا أرادوا العودة إلى قانون الستين، فإن ذلك يستوجب قانوناً يمدّد المهل ويعدّلها».
وهكذا، عمليا تبدو مواقف الكتل السياسية الأساسية كما يعبر عنها نوابها لـ«الشرق الأوسط» كالتالي:

«التغيير والإصلاح»: معارضة للفراغ ـ و«الستين»
يقول النائب نبيل نقولا عضو تكتل «التغيير والإصلاح» (التيار العوني) أن الاتصالات بين الأفرقاء التي تبحث بسبل الخروج من أزمة قانون الانتخاب لا تزال قائمة، ولكن بعيدا عن الإعلام، مذكرا بموقف وزير الخارجية جبران باسيل الذي قال: «إننا لم نعد بعيدين عن الاتفاق على قانون جديد».
ويوضح نقولا، أن «التيار الوطني الحر» حاليا «في موقع المستمع والمتلقي بعدما كان طوال الأشهر الماضية في موقع المبادر»، مشيرا إلى أنه قدّم أكثر من 20 طرحا انتخابيا، وتم رفض كل هذه الطروحات. ويضيف «حتى أنهم رفضوا طروحات كانوا هم من عرضوها بوقت سابق؛ فقط لأننا تبنيناها ووافقنا عليها، وهو ما حصل تماما بموضوع القانون التأهيلي الذي كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو من خرج به، وبات اليوم يعارضه».
وينبّه نقولا من أن المعطيات الراهنة تشير إلى أن «لا شهية لدى عدد كبير من القوى السياسية على الاتفاق على قانون جديد، وكأن الأغلبية إما تريد الفراغ أو العودة إلى قانون الستين، وهما خياران نعارضهما تماما». ويستطرد «نحن لا نتمسك حاليا بطرح معين، إنما بمبدأ القانون العادل الذي يؤمّن تمثيل كل الأفرقاء. وبالتالي، لن نقدم المزيد من الاقتراحات وننتظر ما سيعرضونه هم علينا لنعطي رأينا بمشروعاتهم».

برّي: النسبية الكاملة
النائب ميشال موسى، عضو كتلة «التنمية والتحرير»، التي يرأسها الرئيس نبيه برّي يقول إن «مطلب برّي واضح فيما يتعلّق بقانون الانتخاب، وهو ما كان قد عبّر عنه في الطرح الذي قدّمه قبل ذلك، وهو يستند بشكل أساسي على النسبية واتفاق الطائف إنما لم يلق تجاوبا، ويمكن القول إنه جمّد إنما لم يطو». ويضيف إن «المطلوب اليوم هو البدء ببحث الطروحات النهائية بعدما قدّم كل فريق رؤيته... كذلك ننتظر أي طرح جديد شرط أن يكون مقبولا ومنطقيا للبحث به».
ويعتبر موسى أن سبب عدم التوصل إلى اتفاق لغاية اليوم هو «الانقسام بين الأطراف اللبنانية التي يسعى كل منها إلى مصالحه السياسية الخاصة». ولا ينفي موسى أنه لغاية الآن ليس هناك بوادر أو إشارات إيجابية يمكن البناء عليها بشكل كبير للتوصل إلى اتفاق قبل جلسة مجلس النواب في 29 مايو الحالي، مؤكدا في الوقت عينه أن الأمل يبقى موجودا حتى اللحظة الأخيرة، ولا سيما في لبنان، حيث اعتدنا على هذا الأمر.

«المستقبل»: أي قانون يحصل التوافق عليه نسير به
عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري «على موقفه الرافض للتمديد لمجرد التمديد لمجلس النواب، أما إذا كان الهدف وقف الفراغ وإفساح المجال أمام التوافق على قانون انتخابي فهذا أمر آخر، فالتوافق مطلب أساسي بالنسبة إلينا».
ويتابع الحجار «موقف تيار المستقبل من الصيغ الانتخابية التي تُطرح لن يكون علنياً ومباشرا، وسيكون محصوراً في الغرف المغلقة تسهيلاً للتوافق وتجنباً للمساجلات الإعلامية. الصيغة التي تجمع مجلس الشيوخ مع مجلس النواب على أساس نسبي وفقاً لطروحات الطائف إنما كانت من طرح الرئيس الحريري منذ عام 2013، لكنها لم تلق صدى آنذاك، وبعد إعادة طرحها من قبل الرئيس نبيه برّي اليوم، يبدو أنها تحتاج إلى إجماع».
ويختم: «أما عن مرحلة ما بعد 19 يونيو ومصير الانتخابات في حال تعذّر التوافق، عندئذ فالتنسيق مع رئيس المجلس على مرحلة ما بعد حزيران قائم... والفراغ أمر مرفوض، وأي قانون يتم التوافق عليه نسير به»، مشيراً إلى «أن (قانون الستين) نافذ على الأقل من الناحية القانونية».

«القوات»: للعودة إلى «الستين» إذا تعثر التفاهم
فيما يخص حزب «القوات اللبنانية» يعتبر العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، مستشار رئيس الحزب، أن تعثر المباحثات في موضوع قانون الانتخاب «سببه الرئيسي تمسك كل فريق بشروطه وجلوسه على سلاحه، منتظرا من الفريق الآخر تقديم التنازلات التي من شأنها المساهمة في التوصل إلى اتفاق حول القانون الجديد»، منبهاً إلى أن «الوقت والمهل باتت داهمة، وبالتالي المطلوب من كل فريق القيام بخطوة إلى الأمام كي نتلاقى عند منتصف الطريق».
ويشدد قاطيشا على أن موافقة «القوات اللبنانية» على السير بـ«النسبية الكاملة» مشروط باعتماد الضوابط اللازمة التي من شأنها أن تسمح للمسيحيين بانتخاب العدد الأكبر من نوابهم في ظل الاختلال الديموغرافي الحاصل، لافتا إلى أن «هناك أفرقاء وضعوا يدهم على حقوق فريق آخر يرفضون اليوم التخلي عنها». ويرى قاطيشا أن «(قانون الستين) لم يمت ليعود من بين الأموات»، مضيفا: «في حال لم تنجح القوى السياسية بالاتفاق على قانون جديد قبل موعد 19 يونيو المقبل، سنتجه مجدداً لانتخابات نيابية على أساس القانون النافذ، ألا وهو (الستين) لننتظر سنوات بعد التفاهم المنشود على قانون عصري جديد».

«الكتائب»: أكثري بدوائر صغرى... أو نسبي ودوائر متوسطة
عضو كتلة حزب الكتائب النائب إيلي ماروني، قال لـ«الشرق الأوسط» عندما التقيناه: «سبق وطرحنا قانوناً انتخابياً يتمثل بالدوائر الصغرى، لكن ذلك لم يحظ بقبول الكتل النيابية الأخرى. وتمنينا لدى طرحنا هذا القانون أن يكون ذا معيار واحد. إضافة إلى أننا دعونا أيضاً إلى اعتماد قانون حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي الذي يُعتبر قانوناً مقبولاً، ويعتمد النسبية على الدوائر المتوسطة والصغرى».
ويرى ماروني أن العودة إلى اعتماد القانون الحالي هو «فضيحة الفضائح». ويسأل «هل يُعقل بعد أن مددنا إلى المجلس النيابي في عامي 2013 و2014 والمهل الدستورية على وشك الانقضاء، نعود إلى طرح (الستين)؟!... إن ما يجري هو سيناريو يُعدّ من قِبل البعض، في حين أن من رفضوا هذا القانون، ولا سيما من المسيحيين، يعودون اليوم للموافقة عليه عبر تنازلات ليتبين أن الهدف هو الحصص والدخول في المحاصصة، فتلك فضيحة لا مثيل لها».

جنبلاط: قانون «الستين» هو الأكثر واقعية
عن تكتل «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، يقول النائب فؤاد السعد: إن «محاولات التوافق على قانون انتخاب يرضي الجميع، باتت أشبه بحكاية إبريق الزيت التي لا نهاية لها ولا قرار؛ وذلك لأن صياغة قانون انتخاب في دولة متعددة الطوائف والمذاهب كالدولة اللبنانية مهمة غير سهلة، لا بل معقدة، وتحتاج إلى كاسحات ألغام طائفية غير متوافرة حاليا في لبنان». متابعاً «(قانون الستين) يبقى في ظل الاختلاط الطائفي والمذهبي في الأقضية والمحافظات، هو القانون الأكثر واقعية مقارنة مع ما هو مطروح من مشروعات قوانين يمكن وصفها بالإلغائية لطائفة أساسية في التركيبتين السياسية والطائفية».
ويلفت السعد إلى أن تأمين إجماع وطني في لبنان على قانون انتخاب يرضي جميع الأطراف «يحتاج إلى ثقافة وطنية علمانية... أي إلى سنوات من البحث والمشاورات والمناقشات المضنية لتجاوز الألغام والأفخاخ الطائفية». ويختم السعد مشيراً إلى أن «(الستين)... يبقى القانون الأفضل مقارنة مع المختلط والنسبية الكاملة؛ كونه أكثر تماشيا مع الواقع الطائفي والمناطقي في لبنان، ناهيك من أنه استطاع خلال الحرب الأهلية الحفاظ على جوهر وتقسيمة الكيان اللبناني، وأظهر حسناته الوفيرة، وإلا لما كان قد استمر منذ الاستقلال حتى اليوم... اللقاء الديمقراطي لم يكن يوماً معرقلاً لإنجاز والتوافق على أي قانون انتخابي، إنما ما عُرِض أخيراً من مشروعات قوانين مثل الأرثوذوكسي والتأهيلي يؤدي إلى ضرب التعايش الإسلامي – المسيحي والوطني بشكل عام».



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.