الحكومة التونسية تبدأ مفاوضات مضنية مع المحتجين

عددهم يقدر بالمئات... واعتصامهم في الصحراء تجاوز أربعة أسابيع

الحكومة التونسية تبدأ مفاوضات مضنية مع المحتجين
TT

الحكومة التونسية تبدأ مفاوضات مضنية مع المحتجين

الحكومة التونسية تبدأ مفاوضات مضنية مع المحتجين

عقد عماد الحمامي، وزير التكوين المهني والتشغيل التونسي المكلف ملف تطاوين، والقيادي في حركة النهضة، مجلسا حكوميا أمس بمقر ولاية (محافظة) تطاوين، الواقعة جنوب شرقي تونس، للنظر في مطالب اعتصام «الكامور»، الذي بلغ أسبوعه الرابع على التوالي.
ويهدف هذا الاجتماع إلى تلافي الخلافات الحادة في وجهات النظر بين حكومة يوسف الشاهد والشباب المحتج الرافض لمقترحات الحكومة، حيث تمسك المحتجون طيلة الأيام الماضية بكل المطالب والمقترحات التي قدموها إلى حكومة الشاهد، والتي ترقى حسب مراقبين إلى مرتبة الشروط، وتشمل توفير 1500 فرصة عمل في الشركات البترولية الموجودة في صحراء تطاوين، و3000 فرصة عمل في شركات البيئة، وإضافة ألف مليون دينار تونسي (نحو 400مليون دولار) للصندوق الجهوي للتنمية.
وفشلت عدة جلسات تفاوضية سابقة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، ولم يحقق اجتماع وزير التكوين المهني والتشغيل الذي عقد في 30 من أبريل (نيسان) الماضي أي نتائج إيجابية.
وتستغل الأطراف الداعمة للاحتجاجات الاجتماعية في منطقة تطاوين الصحراوية، قربها من الحدود الليبية، وتواصل التهديدات الإرهابية التي عرفتها مناطق مجاورة مثل بن قردان، التي تعرضت لهجوم إرهابي في 7 مارس (آذار) 2016. في إدارة المفاوضات، معتمدة على بعد المنطقة عن السلطات المركزية وتوفر مناطق لإنتاج النفط للضغط على الحكومة، والحصول على أكبر قدر ممكن من المنافع.
ووفق مراقبين لتطورات العلاقة بين الحكومة والمحتجين، فإن المتظاهرين يبدون كثيراً من الشك والريبة تجاه نوايا الحكومة في تنفيذ وعودها، ولذلك يطالبون بتدخلات عاجلة لاستيعاب العاطلين عن العمل، وتوفير فرص شغل لهم. ولذلك فمن غير المتوقع التوصل إلى حلول ترضي الطرفين في ظل تمسك الحكومة والمحتجين بمقترحاتهما.
إلا أن الحكومة باتت في موقع أكثر قوة منذ العاشر من مايو (أيار) الحالي، بعد أن طلب الرئيس الباجي قائد السبسي من وحدات المؤسسة العسكرية مراقبة المنشآت النفطية ومواقع الثروات الطبيعية بما يؤمن تواصل منظومات الإنتاج.
وانتقد علاء الدين اللونيسي، المتحدث باسم اعتصام الكامور، إعلان رئيس الدولة في خطابه الأربعاء الماضي تولي الجيش مستقبلا حماية مواقع الإنتاج، وأكد تمسكهم بالاعتصام إلى حين تحقيق كل المطالب المقترحة.
وتدعم عدة منظمات حقوقية واجتماعية، من بينها اتحاد الشغل (نقابة العمال)، الاحتجاجات الاجتماعية في أكثر من مدينة. وفي هذا الشأن، قال نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، إن المنظمة النقابية لا تعمل على الإطاحة بحكومة يوسف الشاهد لأنها لا ترى في تغييرها الحل الأسلم في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، ووسط تراجع نسب النمو الاقتصادي وعدم توفر مناخ ملائم للاستثمار، موضحا أن نقابة العمال لا تطالب سوى بإصلاحات جوهرية لنموذج التنمية وبحلول اقتصادية واجتماعية تراعي واقع الجهات وثرواتها الطبيعية. وتدرس نقابة العمال في الوقت الحالي تفاصيل مبادرة وطنية، وتؤكد على أنها ستوفر حلولا مجدية للأزمات الاجتماعية المتتالية.
من جهة ثانية، طالب حزب القراصنة التونسي، بوجوب توجه الحكومة التونسية نحو البرمجيات الحرة المفتوحة داخل أجهزة الدولة وفي برامج التعليم وقيادة البلاد نحو حرية البرمجيات، وذلك بعد تعرض نحو مائة دولة في العالم لهجمات إلكترونية مكثفة عبر برمجية «طلب الفدية» التي نشرتها مجموعة من القراصنة المخربين بغرض ابتزاز أموال من الضحايا من خلال تشفير ملفاتهم ومنعهم من الولوج إليها.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.