عبقرية كونتي حولت تشيلسي من فريق يعاني إلى بطل للدوري

بفضل خططه التكتيكية والتزامه العمل الدؤوب نجح في لم شمل اللاعبين ووضعهم على الطريق الصحيح

لاعبو تشيلسي يحملون كونتي خلال الاحتفال بالفوز باللقب (رويترز)
لاعبو تشيلسي يحملون كونتي خلال الاحتفال بالفوز باللقب (رويترز)
TT

عبقرية كونتي حولت تشيلسي من فريق يعاني إلى بطل للدوري

لاعبو تشيلسي يحملون كونتي خلال الاحتفال بالفوز باللقب (رويترز)
لاعبو تشيلسي يحملون كونتي خلال الاحتفال بالفوز باللقب (رويترز)

أعاد المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي الحياة مرة أخرى لنادي تشيلسي الإنجليزي وقاده للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد الفوز على وست بروميتش ألبيون في المرحلة قبل الأخيرة. كان هذا هو الانتصار الخامس والعشرين خلال 30 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز منذ قرار كونتي الحاسم بتغير طريقة اللعب في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو التغيير التكتيكي الذي غير مراكز بعض اللاعبين، لعل أبرزهم فيكتور موزيس، الذي نقله كونتي من مقاعد البدلاء ليكون أحد أبرز أسباب حصول تشيلسي على اللقب.
ويعد الفوز بهذا اللقب هاماً للغاية لأكثر من سبب، فقد مر الآن 14 عاماً على ظهور الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش في غرب لندن، وبات تشيلسي في جعبته الآن خمسة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز ولقب لدوري أبطال أوروبا، ليحتل تشيلسي بذلك مركز الصدارة بين جميع الأندية الإنجليزية. ورغم كل النجاحات والبطولات التي حققها السير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد، والتطور في مستوى مانشستر سيتي، ورغبة آرسنال في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا والفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي، إلا أنه يمكن القول إن هذا هو عصر تشيلسي.
ويجب التأكيد أيضاً على أن أندية النخبة في كرة القدم الإنجليزية قد شهدت تطوراً ملحوظاً منذ مطلع القرن الحالي واستثمارات رجال الأعمال من المليارديرات القادمين من الخارج. وعلاوة على ذلك، حصل تشيلسي على تصريح خلال الموسم الحالي بإنشاء ملعب جديد في الموقع الحالي نفسه، وهو ما يعني زيادة سعة استاد «ستامفورد بريدج» إلى 60 ألف متفرج.
ويعد هذا مؤشراً آخر على الأموال الباهظة التي ينفقها أبراموفيتش، وخطوة ثابتة نحو المستقبل الذي وعد به الملياردير الروسي للنادي اللندني. لكن يجب الإشادة أيضاً بالمدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي الذي تولى تدريب فريق كان يعاني بقوة الموسم الماضي وقاده للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الحالي، رغم أنه لم ينفق سوى 20 مليون جنيه إسترليني فقط على التعاقدات الجديدة.
ويعود الفضل في ذلك بكل تأكيد إلى كونتي، الذي بات مثالا يحتذى به في العمل الجاد والدؤوب وفن الإدارة، فقد تعاقب على النادي 11 مديراً فنياً خلال الفترة التي حصل فيها النادي على البطولات الأخيرة، لكن الوضع كان مختلفاً تماماً مع كونتي، الذي تولى مهمة فريق يعاني من الفوضى ويمر بأسوأ موسم له في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 25 عاماً ثم ينجح هذا المدير الفني القدير في قيادة نفس اللاعبين تقريباً إلى الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وكسر كونتي شيئاً لم يحدث في النادي من قبل، إذ ربما سيصبح أول مدير فني للنادي في عهد أبراموفيتش يرحل عن النادي برغبته وليس عن طريق الإقالة، في ظل التقارير التي تشير إلى اهتمام نادي إنتر ميلان الإيطالي بالحصول على خدماته. لكن من المرجح للغاية أن كونتي سيبقى في «ستامفورد بريدج» وسيحصل على راتب أعلى، لكنه أظهر مهارة سياسية نادرة جعلته هو من يقرر البقاء أو الرحيل بعد الإنجاز الكبير الذي حققه.
ولكن السؤال المطروح الآن هو: كيف فعل كونتي ذلك؟ قد يعود الفضل إلى التغيير الخططي والتكتيكي الذي أدخله على أداء الفريق باللعب بثلاثة في الخط الخلفي، بعد الهزيمة أمام ليفربول وآرسنال في سبتمبر الماضي. وكان تشيلسي يقدم أداءً مهزوزاً في تلك الفترة للدرجة التي جعلت البعض يتحدث عن إمكانية تدخل مجلس الإدارة للبحث عن مدير فني جديد.
لقد وصل كونتي للنادي قبل أسبوع من الموعد المقرر له، رغم أنه كان قد قضى الصيف مع منتخب إيطاليا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية. وكان المدير الفني الإيطالي يعاني من الإجهاد، لذا عاد إلى بلاده خلال الفترة المخصصة للمباريات الدولية لكي يرى عائلته. ولدى عودته، أعيد تشكيل الفريق الذي واجه هال سيتي. ولم يكن فيكتور موزيس يلعب كثيراً لكنه أخبره بأنه سيشغل مركز الجناح الأيمن، وغير من الشكل الخططي للفريق.
وسيكون من المثير أن نقارن بين هذا التغيير الخططي وذلك التغيير الذي أجراه كونتي أيضاً خلال أول موسم له مع يوفنتوس الإيطالي، عندما غير شكل الفريق لكي يجد مكاناً في خط الوسط لأرتورو فيدال. لكن التغيير الذي أجراه في تشيلسي كان مختلفاً، حيث كان تغييراً كبيراً في المراكز وفي اللاعبين، بالشكل الذي منح كل لاعب دوراً يظهر نقاط قوته ولا يظهر نقاط ضعفه.
وقال لوكا ماروني، لاعب منتخب إيطاليا تحت 21 عاماً والذي لعب تحت قيادة كونتي عندما كان يشغل منصب المدير الفني ليوفنتوس، لصحيفة «الغارديان»: «يستغرق الأمر بعض الوقت لكي تتقبل العمل الهائل الذي يطلب منك القيام به. كل ما يفعله، سواء في الإعداد للمباريات أو التنظيم التكتيكي، يتم بدقة متناهية واهتمام بأصغر التفاصيل. يمكن أن يكون العمل مرهقاً في البداية، لكن عندما تدرك أن ما يطلبه منك سوف يجعلك تحقق الفوز، فإنك تنفذ ما يطلبه».
وكان اللاعبون الكبار متشككين في قدرتهم على التكيف مع طريقته، بسبب المجهود الكبير الذي يُبذل في التدريبات وصوته العالي الذي يطالب اللاعبين بتنفيذ الواجبات المطلوبة منهم، والتفاصيل الدقيقة التي يطلب من كل لاعب القيام بها. لكنه على الجانب الآخر، أعاد المرح إلى جنبات النادي وأضفى جواً عائلياً عن طريق حفلات الشواء التي يقيمها مع أفراد الفريق، وزجاجات النبيذ التي يرسلها إلى العاملين في النادي وعليها إهداء منه بسبب المجهود الكبير الذي يبذلونه، فضلاً عن الجلسات التي يعقدها من أجل زيادة الروابط والوحدة بين اللاعبين والعاملين في النادي.
ويجسد نجم خط وسط الفريق نغولو كانتي كلا الجانبين الذين يعتمد عليهما كونتي، إذ يبذل اللاعب الفرنسي مجهودا خارقا ويقدم أداء رائعا في ظل طريقة 3 - 4 - 3 التي يعتمد عليها الفريق، لكنه على الجانب الآخر يعد أكثر لاعب محبوب في الدوري الإنجليزي بأكمله واللاعب الذي يعشقه الجمهور بسبب تواضعه الكبير.
ونجح التغيير الخططي الذي أجراه كونتي في إضفاء الصلابة والقوة على الخط الخلفي، حيث سمح للمدافع البرازيلي ديفيد لويز بأن يظهر أفضل ما لديه، كما سمح لظهيري الجنب بالتقدم للأمام والتراجع إلى الخلف حسب مجريات اللقاء ومكان وجود الكرة. كما حصل اللاعبون الثلاثة الذين يلعبون في الخط الأمامي على حرية أكبر، وتحرر نجم الفريق وصانع ألعابه إيدين هازار من واجباته الدفاعية، وهو ما مكنه من إظهار قدراته الهجومية بشكل أفضل. لقد أصبح تشيلسي أقرب إلى فرق المقدمة في إسبانيا وفرنسا والتي تمنح نجومها حرية أكبر من أجل التألق وإظهار قدراتها.
وثمة سؤال آخر: في أي مكانة يوجد الفريق الحالي لتشيلسي، حتى بالمقارنة بالفرق المختلفة في السنوات الأخيرة داخل النادي نفسه؟ يمكننا القول بأن الفريق الحالي يقدم أداءً أفضل وأكثر تماسكاً من الفريق الذي حصل على لقب الدوري الإنجليزي قبل عامين من الآن، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى الفريق القوي الذي كونه المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو خلال فترة ولايته الأولى بالنادي، والذي كان يضم كوكبة من اللاعبين البارزين وقيادة فنية قوية من قبل المدير الفني «الاستثنائي».
ويجب الإشارة أيضاً إلى أن هذا الفريق كان يقدم أداءً متواضعاً للغاية الموسم الماضي، قبل أن يأتي كونتي ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، لكن أفضل لاعبين في الفريق من حيث التهديف قد يرحلان عن النادي في غضون شهر، فقد يرحل دييغو كوستا إلى الصين، بينما يتلقى هازار كالمعتاد عروضاً من أندية عدة خلال فترات انتقالات اللاعبين. لقد كان كونتي يعتمد على 18 لاعباً فقط في نظام «المداورة» بين اللاعبين في التشكيلة الأساسية للفريق، ربما لأنه كان يلعب مباراة واحدة كل أسبوع نتيجة غيابه عن المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا.
وعندما كان الفريق يشعر بالتعب والإرهاق، كان يحصل على بعض الراحة لأن أمامه بعض الوقت. وعندما كان الفريق يواجه مشكلة في مركز صناعة اللعب بسبب الرقابة اللصيقة على هازار وبيدرو، كان كونتي أمامه أسبوع في كل مرة للتغلب على تلك المشكلات وعلاجها.
لكن خلال الموسم المقبل، سيكون الأمر مختلفاً تماماً بسبب مشاركة تشيلسي في دوري أبطال أوروبا، في الوقت الذي سيسعى فيه كونتي لتحسين سجله الشخصي بالحصول على أربعة ألقاب للدوري على التوالي في إنجلترا وإيطاليا. ونظراً لرغبة المدرب الإيطالي الشديدة في المزيد - المزيد من الوقت، والمزيد من التفاصيل، والمزيد من العمل - فإن من يراهن ضده إما شجاع أو أحمق.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».