في ممر خارج المكتب الإعلامي في مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، علقت صورة مكبرة لغلاف لمجلة تايم يظهر فيه جندي أميركي منهك يدخن سيجارة أمام أسلاك شائكة في أفغانستان، تعكس المأزق الذي تواجهه إدارة الرئيس دونالد ترمب. كتب على الغلاف الصادر الذي يحمل تاريخ 20 أبريل (نيسان) 2009 «كيف نتجنب الهزيمة في أفغانستان». واليوم بعد ثماني سنوات يجد البنتاغون نفسه في المأزق ذاته مجددا لكن هذه المرة الرئيس دونالد ترمب هو من يحاول أن يبحث عن أجوبة، تماما كما فعل باراك أوباما وجورج بوش قبله». وهو كرئيس ذكر أفغانستان سابقا بشكل عابر، لكنه الآن مجبر على مواجهة القضية وسط الأنباء السيئة الواردة وتحذيرات جنرالاته.
وأي سنة في الماضي المضطرب لأفغانستان يمكن أن تكون مثالا للمأزق الأفغاني الكارثي. ففي عام 2016 على سبيل المثال، أي بعد مرور 15 عاما على الغزو الأميركي، أعلنت حصيلة للأمم المتحدة عن مقتل أو جرح 11 ألفا و500 أفغاني تقريبا. وبالإضافة إلى هذه المذبحة، يقول مسؤولون محليون إن طالبان وفصائل أخرى متمردة قتلت نحو سبعة آلاف أفغاني من الشرطة والجيش، معظمهم تم تدريبهم على يد خبراء من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وأشار دان كوتس مدير الأمن الوطني في إدارة ترمب إلى هذه النقاط المحبطة هذا الأسبوع، محذرا من أن الوضعين السياسي والأمني سيزدادان سوءا «بشكل مؤكد». وقال: «تقديرنا في هذه الأثناء أنه من المرجح أن تستمر طالبان بتحقيق المكاسب، خاصة في المناطق الريفية». وترمب الذي خاض حملته الانتخابية تحت شعار «أميركا أولا» وتعهد بتقليص التدخل الأميركي في الخارج، عليه الآن أن يقرر ما إذا كان يوافق على الطلبات المتوقعة من المؤسسة العسكرية لإرسال المزيد من الجنود الأميركيين مجددا إلى أفغانستان.
والمستشارون في إدارته يحثونه كما يقال على إعطاء ضوء أخضر لإرسال من ثلاثة إلى خمسة آلاف جندي إضافي للانضمام إلى الـ8400 جندي أميركي الموجودين هناك.
ومن المتوقع أن يتخذ ترمب قراره هذا الشهر. أما وزير الدفاع جيم ماتيس فقد أعلن أن توصيته بهذا الشأن ستأتي «في القريب العاجل». وصل عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان في عهد أوباما إلى مائة ألف، وهو لاحقا بدأ بسحبهم بوتيرة ثابتة بهدف إنهاء الدور الأميركي في القتال هناك بشكل كامل. وسلمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية في بداية عام 2015، لكن النتيجة كانت قاسية.
فالجنود تعرضوا للقتل بالآلاف والفساد استشرى واستمرت طالبان بتحقيق المكاسب، فيما القادة الأميركيين يعترفون بأن الوضع في حالة جمود في أحسن الأحوال».
رئيس وكالة المخابرات العسكرية الجنرال فينسنت ستيوارت قال أمام النواب هذا الأسبوع: «إذا لم نقم بتغيير شيء ما، سيستمر الوضع بالتدهور وسنخسر كل المكاسب التي حققناها في السنوات الماضية».
ومع ذلك من المؤكد أن الالتزام بإرسال جنود أميركيين إضافيين إلى أفغانستان سيسبب استياء في الولايات المتحدة. فمنذ 2001 قتل 2400 جندي أميركي هناك حتى الآن وجرح عشرون ألفا آخرون.
كما أن الحكومة الأميركية أنفقت تريليون دولار في القتال وإعادة البناء، ومعظم الأموال تم تبديدها على مشاريع من دون فائدة. ومن المتوقع أن يعلن ترمب عن قراره خلال سفره لحضور اجتماع الحلف الأطلسي في بروكسل وقمة مجموعة السبع في صقلية لاحقا هذا الشهر. ويحتاج ترمب إلى تحديد سياسة متماسكة تجاه أفغانستان، وأن يشرح كيف يمكن لعدة آلاف من الجنود الإضافيين أن يحدثوا فرقا وينتصروا أو على الأقل أن لا يهزموا، في معركة هناك لم يتمكن مائة ألف من تحقيق الانتصار فيها. وقال مستشار الأمن القومي هربرت ريموند ماكماستر: «ما سيتوفر لدينا في نهاية الأسابيع المقبلة هنا هو فرصة من أجل استراتيجية أكثر فعالية للمشاكل في أفغانستان وباكستان والمنطقة بشكل أوسع».
ويعترف مسؤولون رسميون بأن المكاسب العسكرية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم إجراء إصلاحات في قلب حكومة كابل». وتحدث ماتيس هذا الأسبوع بتفاؤل عن الرئيس أشرف غني والرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله.
ويقول المسؤولون إن الحكومة تعمل على استئصال الفساد والحكم السيئ اللذين ميّزا سنوات حميد كرزاي في الرئاسة. وأضاف ماتيس: «هما ملتزمان بالعمل بطريقة يستجيبان فيها للمواطنين، وهنا يكمن الطريق إلى الأمام». وتابع: «عندما تحظى حكومة بالتعاطف والاحترام ودعم مواطنيها، عندها لا يمكن لأي عدو أن يقف بوجهها». وينتشر 13 ألفا و500 جندي من الحلف الأطلسي في أفغانستان، بينهم الأميركيون.
وهذه القوات لا تحارب طالبان مباشرة، بل يقتصر دورها على «التدريب وتقديم المشورة» للقوات المحلية».
وإرسال جنود إضافيين قد يسمح لهؤلاء المستشارين بالانخراط في القتال، ما يساعدهم على اكتساب فهم أفضل لساحة المعركة، كما يمكن أيضا أن يعرضهم لمخاطر أكبر». وفي سامانجان (أفغانستان) قتل زعيمان بارزان من حركة طالبان في عملية مستهدفة لقوات الدفاع الوطني وقوات الأمن الأفغانية، بإقليم سامانجان شمال أفغانستان، طبقا لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس.
وجاء في بيان من وزارة الداخلية إن الزعيمين كانا مسؤولين عن قيادة أنشطة الجماعة في تلك المنطقة». وأضاف البيان أن مولاوي جلال، نائب حاكم الإقليم في حكومة الظل لطالبان ومولاوي جياسودين، رئيس المنطقة بالجماعة، من بين ستة مسلحين على الأقل قتلوا في العملية.
وأصيب 15 مسلحا على الأقل أيضا خلال العملية، حسب وزارة الداخلية. ولم تعلق الجماعات المتشددة المسلحة المناهضة للحكومة، من بينها طالبان على التقرير حتى الآن». وكان إقليم «سامانجان» من بين الأقاليم الهادئة نسبيا شمال أفغانستان، بعد انهيار نظام طالبان وشهد الإقليم استقرارا حتى السنوات الأخيرة. لكن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة زادت أنشطتها خلال السنوات الأخيرة في الكثير من المناطق بالإقليم.
ترمب يدرس إرسال مزيد من الجنود الأميركيين إلى أفغانستان
مقتل زعيمين من «طالبان» في عملية أمنية
ترمب يدرس إرسال مزيد من الجنود الأميركيين إلى أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة