تقرير يرسم صورة قاتمة للأوضاع الأمنية والمعيشية في طرابلس

برلين وروما تطالبان بنشر بعثة أوروبية على الحدود بين النيجر وليبيا

صور الزحام أمام أكبر بنوك العاصمة الليبية «(الشرق الأوسط»)
صور الزحام أمام أكبر بنوك العاصمة الليبية «(الشرق الأوسط»)
TT

تقرير يرسم صورة قاتمة للأوضاع الأمنية والمعيشية في طرابلس

صور الزحام أمام أكبر بنوك العاصمة الليبية «(الشرق الأوسط»)
صور الزحام أمام أكبر بنوك العاصمة الليبية «(الشرق الأوسط»)

في سابقة هي الأولى من نوعها، قد تمهد لتدخل عسكري غربي في ليبيا، طالب وزيرا الداخلية الإيطالي والألماني بنشر بعثة من الاتحاد الأوروبي على الحدود بين النيجر وليبيا للتصدي للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وبحسب رسالة إلكترونية موجهة إلى المفوضية الأوروبية والمؤرخة في الحادي عشر من الشهر الحالي، حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها، قال الوزيران ماركو مينيتي وتوماس دي ميزيير: «نحن مقتنعان بأن علينا جميعاً بذل جهود أكبر»، في وقت وصل فيه إلى إيطاليا بين يناير (كانون الثاني) الماضي ومنتصف أبريل (نيسان) الماضي 42500 شخص «97 في المائة منهم أبحروا من ليبيا». ولقطع طريق الهجرة إلى ليبيا عبر النيجر، دعا الوزيران إلى «تطوير برامج تنموية للسكان على طول الحدود» بين هذين البلدين وتقديم «مساعدة تقنية ومالية للهيئات الليبية المكلفة التصدي للهجرة غير الشرعية» وتدريب ليبيين على مكافحة عمليات التهريب.
وأكد المسؤولان أن «علينا بشكل ملح تحديد حاجات وجدوى مثل هذه المشاريع من خلال بعثات استكشافية. الهدف هو نشر بعثة أوروبية في أسرع وقت على الحدود بين ليبيا والنيجر». وجعل المهربون من ليبيا البلد الأول في الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بسبب الفوضى التي تشهدها البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي. ويلقى آلاف الأشخاص مصرعهم سنوياً أثناء عبورهم في اتجاه أوروبا. من جهتها، رسمت وكالة الأنباء الليبية الموالية للسلطات في شرق ليبيا، صورة قاتمة للأوضاع في طرابلس، التي قالت إنها تشهد أوضاعاً أمنية متردية بشكل غير مسبوق هذه الأيام، خصوصاً بعد إعلان الميليشيات الإرهابية بقيادة المدعو صلاح بادي إطلاق عملية «فخر ليبيا»، بهدف طرد الميليشيات الموالية داخل المدينة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج. ولفتت إلى ما وصفته باحتدام الصراع بين الميليشيات متغيرة التحالفات والآيديولوجيات الجهوية والفكرية والسياسية وصاحبة الأجندات الخارجية بهدف استمرار وجودها في العاصمة، مما أدى إلى تضييق الخناق على حياة المواطن في طرابلس.
وأعلنت جامعة طرابلس للمرة الأولى في تاريخها منذ تأسيسها عام 1957 تعليق الدراسة فيها إلى أجل غير مسمى، بعد تعرض وكيلها للشؤون الإدارية والمالية للاختطاف على يد مجهولين يوم الخميس الماضي.
وتعاني معظم البنوك في العاصمة من أزمة السيولة النقدية، خصوصاً مصرف الجمهورية فرع 11 يونيو الأكبر في العاصمة الذي يصطف المواطنون أمامه لعدة أيام. ورأت الوكالة أنه في ظل هذه الأوضاع تبقى العاصمة طرابلس أسيرة للصراعات الميليشياوية مع عجز الحكومات المتعاقبة والداعمة لهم، سواءً كانت حكومة خليفة الغويل الموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته، أو حكومة الوفاق السراج التي وصفته بـ«غير الدستورية» والضحية هي عاصمة الوطن والمواطن، على حد قولها.
ومع ذلك، فقد أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر في تغريدة له عبر موقع «تويتر» أنه عقد أمس اجتماعاً إيجابياً جداً مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في طرابلس حول التطورات الأخيرة والمضي قدماً، لافتاً إلى أن هناك ما وصفه بـ«دعم دولي قوي للعملية السياسية في ليبيا».
كما أعلن عن عقد ما وصفه باجتماع ممتاز مع رئيس المجلس الأعلى للدولة السويحلي ورئيس وفد لجنة حوار المجلس موسى فرج، مضيفاً: «ناقشنا الخطوات المقبلة في المحادثات السياسية».
والتقى السراج أمس في طرابلس بعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، حيث تم وفقاً لبيان أصدره مكتبه استعراض الأوضاع التي تمر بها البلاد والصعوبات والعراقيل التي تواجه تنفيذ الاتفاق السياسي وسبل تذليلها.
وأوضح البيان أنه تم التأكيد في هذا الاجتماع على أن «لا سبيل للحل في ليبيا إلا من خلال الحوار بين مختلف الأطراف، وأن الاتفاق السياسي يشكل خطوة مهمة في هذا الشأن، والدعوة إلى تكاتف جهود الجميع من أجل إنقاذ الوطن من الوضع الراهن والابتعاد عن المناكفات السياسية التي من شأنها زيادة وتيرة الانقسام السياسي الذي سيؤدي إلى مزيد من التشظي يدفع ثمنه المواطن الذي يئن تحت وطأة الأزمات المعيشية».
ورحب السراج بقيام المجلس الأعلى للدولة باختياره لجنة للحوار للنظر في مختنقات الاتفاق السياسي وإمكانية إجراء التعديلات اللازمة مع لجنة مجلس النواب حسب الآلية الواردة بالاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
عسكرياً، أعلنت القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش الوطني الليبي أنها قصفت أمس بالمدفعية الثقيلة مواقع للجماعات المتطرفة بمحور وسط البلاد في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.
وكانت سرية الدبابير التابعة لقوات الصاعقة قد هاجمت تجمعاً للمتطرفين بمحور الصابري شمال بنغازي، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى، فضلاً عن تدمير بعض الآليات العسكرية، وفقاً لما أعلنه عضو المكتب الإعلامي بالقوات الخاصة رياض الشهيبي.
واهتزت منطقة النواقية جنوب بنغازي بسبب انفجار ضخم نجم عن ذخيرة كانت مخزنة في العراء خارج مقر الكتيبة الثانية صاعقة، لكن دون سقوط أي ضحايا.
وتشن قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، هجوماً منذ بضعة أيام هو الأعنف من نوعه لتحرير منطقة الصابري ووسط البلاد آخر معاقل الجماعات الإرهابية في بنغازي بعد وصول تعزيزات عسكرية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.