المغرب: محاكمة مدونين تثير انتقادات ضد وزير حقوق الإنسان

أشادوا باغتيال السفير الروسي لدى تركيا

المغرب: محاكمة مدونين تثير انتقادات ضد وزير حقوق الإنسان
TT

المغرب: محاكمة مدونين تثير انتقادات ضد وزير حقوق الإنسان

المغرب: محاكمة مدونين تثير انتقادات ضد وزير حقوق الإنسان

تسببت تصريحات أدلى بها مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان ووزير العدل والحريات في الحكومة السابقة بشأن محاكمة نشطاء من حزب العدالة والتنمية بتهمة الإشادة بالإرهاب، في انقسام جديد بين قياديي الحزب، الذي يعيش حالة من الغليان منذ إعفاء أمينه العام عبد الإله ابن كيران من رئاسة الحكومة.
ويحاكم 3 شبان ينتمون للحزب بتهمة الإشادة والتحريض على الإرهاب على خلفية نشرهم تدوينات وصوراً على «فيسبوك» تشيد بمقتل السفير الروسي بأنقرة في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما ينتظر 3 آخرون قرار القاضي.
وتعرض الرميد المنتمي للحزب ذاته إلى انتقادات واسعة، بعدما أقر في اجتماع لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب أنه لم ينتبه إلى أن البيان المشترك، الذي وقعه مع محمد حصاد وزير الداخلية السابق، والذي تحركت النيابة العامة إثره لاعتقال شباب الحزب، كيّف التدوينات مع القانون الجنائي وليس قانون الصحافة والنشر.
ويرى الحزب أن شبابه اعتقلوا لأسباب سياسية من أجل الضغط عليه لقبول شروط تشكيل الحكومة، التي كان يرفضها أمينه العام قبل إعفائه. وقد تزامنت تصريحات الرميد مع قرار محكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط تأجيل النظر في القضية إلى جلسة 15 يونيو (حزيران) المقبل للمرة الثالثة بطلب من الدفاع، وذلك «بسبب عدم توفر الشروط الملائمة للمناقشة، ونظراً لتزامنه مع ملف (أكديم ازيك)، وأيضًا بسبب تغير الهيئة القضائية المكلفة بقضايا الإرهاب»، حسبما أعلنه محامي الدفاع عبد الصمد الإدريسي، عضو الأمانة العامة للحزب.
ودافعت آمنة ماء العينين، النائبة البرلمانية وعضوة الأمانة العامة للحزب عن الرميد، الذي سبق أن أعلن معارضته لمتابعة المدونين بقانون الإرهاب، وكتبت في تدوينة مساء أول من أمس أنه «لا يمكن تحريف النقاش باتهام الرميد، أو شن حملة غير مفهومة عليه وكأن الأمر سينصف الشباب المعتقل أو سيحل الإشكال»، ودعت ماء العينين التي أصبحت واحدة من الأصوات المعارضة للتوجه المهادن الذي سلكه الحزب منذ تعيين العثماني رئيساً للحكومة، إلى عدم تحويل الرميد إلى خصم، فالخصم الحقيقي بنظرها هو «كل من يناهض المسار الديمقراطي ويسعى لعرقلته ويختلق كل الوسائل لذلك».
ويأتي موقف ماء العينين بعدما انتقد محامي الدفاع عن المعتقلين، وأعضاء آخرون في الحزب تصريحات الرميد، وقال إن «ألم الشباب سيزيد ويتجدد بعد علمهم أن اعتقالهم كان نتيجة عدم انتباه من طرف السيد وزير العدل والحريات السابق رئيس النيابة العامة».
وأضاف الإدريسي مطالباً الرميد بالقول: «ما دام قد انتبه، فعليه أن يترافع لدى من يجب من أجل إطلاق سراح الشباب المعتقلين ظلماً».
واستبعد الإدريسي أن يتحرك وزير الداخلية الحالي عبد الواحد لفتيت «لتصحيح الوضع» بسبب مواقفه المناهضة للحزب.
وكان الرميد قد كشف أنه وبمجرد أن تبين أن بعض الشباب كتبوا تدوينات على خلفية مقتل السفير الروسي في أنقرة، اتصل به محمد حصاد وزير الداخلية آنذاك من أجل إصدار بيان مشترك في الموضوع، لـ«تنبيه المواطنين إلى خطورة مثل هذه التدوينات»، فوافق بعدما قرأ حصاد البيان عليه، إلا أن الرميد قال موضحاً: «تملكني شعور أن أمراً ما ليس على ما يرام»، مبرزاً أنه لم ينتبه إلى أن البيان كيّف التدوينات وفق الفصل 218 من القانون الجنائي، الذي يتحدث عن الإشادة بالأفعال الإرهابية.
وأفاد وزير حقوق الإنسان بأن مستشاره لم ينتبه هو الآخر للأمر، وبعدما تأكد من تنصيص البيان صراحة على المتابعة بالقانون الجنائي، اتصل بوزير الداخلية، لتدارك الأمر، إلا أن البيان كان قد نشر للرأي العام، مشيراً إلى أنه لم يكن يظن أيضًا أن تحرك النيابة العامة المتابعة القضائية، وتكيّف التدوينات وفق قانون الإرهاب.
وكانت هيئة الدفاع عن المعتقلين قد قررت الطعن في البيان المشترك، الذي أصدره وزيرا العدل والداخلية، لأنه «لا اختصاص لوزير الداخلية في توجيه عمل النيابة العامة ولا أعمال الضابطة القضائية»، كما أن القرار يتضمن، بنظرها، عيب مخالفة القانون في التكييف الذي تضمنه بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب وليس قانون الصحافة والنشر.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.