عملية أمنية تحرر رهينة فرنسياً مخطوفاً في دارفور

اشتركت فيها أجهزة المخابرات السودانية والفرنسية والتشادية

تيري فرايزر يبدو بصحة جيدة بعد تسليمه لسفارة بلاده أمس في الخرطوم («الشرق الأوسط»)
تيري فرايزر يبدو بصحة جيدة بعد تسليمه لسفارة بلاده أمس في الخرطوم («الشرق الأوسط»)
TT

عملية أمنية تحرر رهينة فرنسياً مخطوفاً في دارفور

تيري فرايزر يبدو بصحة جيدة بعد تسليمه لسفارة بلاده أمس في الخرطوم («الشرق الأوسط»)
تيري فرايزر يبدو بصحة جيدة بعد تسليمه لسفارة بلاده أمس في الخرطوم («الشرق الأوسط»)

تسلمت السفارة الفرنسية بالسودان مواطنها الذي اختطفته جماعة مسلحة من داخل الأراضي التشادية، وتم نقله إلى إقليم دارفور السوداني مارس (آذار) الماضي، في عملية أمنية جرى تنسيقها بين الخرطوم وإنجمينا وباريس، أفلحت في القبض على المختطفين وتحرير الرهينة. فيما بدا الرهينة لحظة وصوله مطار الخرطوم بصحة جيدة.
وقال مدير إدارة الحدود والأجانب بالخارجية السودانية السفير خالد محمد حمد الترس، في مؤتمر صحافي بمطار الخرطوم أمس، إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني ظل يتابع تحركات المختطفين منذ عبورهم للأراضي السودانية في مارس الماضي، وإن الخاطفين يتبعون مجموعة «متفلتة»، من بقايا الحركات المسلحة السودانية أو التشادية، تسللت بالمخطوف إلى الأراضي السودانية، وطافت به عدداً من ولايات إقليم دارفور. وأوضح أن سلطات الأمن أفلحت في تحرير الرهينة الفرنسي تيري فرايزر من خاطفيه، في عملية أمنية وصفها بأنها «تمت بمهنية واحترافية عالية»، حفظت سلامة الرهينة، وأدت للقبض على الخاطفين.
وأعلنت تشاد على لسان وزير أمنها أحمد محمد بشير أواخر مارس الماضي، أن جماعة مجهولة اختطفت مواطنا فرنسيا يعمل لصالح شركة «تعدين» فرنسية في منطقة تبعد زهاء 50 كيلومتراً من منطقة «قوز بيضاء» (200 كيلومتر من مدنية «أبشي» المحادة للسودان)، ونقلته إلى داخل العمق السوداني.
وتوعد السفير الترس بتقديم الخاطفين للمحاكمة، وتابع: «سيقدمون لمحاكمة حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وحتى لا يكافأوا على جريمتهم، ولردع من يحاولون اختطاف المواطنين أو الأجانب»، وأضاف: «هذه الرهينة هي الثالثة أو الرابعة التي يتم تحريرها؛ ما يؤكد أن السودان صديق لأي دولة صديقة أو عدوة؛ لأنه يحترم القوانين والمثل الدولية بتسليم الرهائن، والحفاظ عليهم دون مقابل، وأنه حريص على ضيوفه وإن تسللوا إليه مخالفين قوانين الهجرة».
من جهته، قال مدير الإعلام في جهاز الأمن والمخابرات السوداني اللواء محمد حامد تبيدي للصحافيين، إن عملية أمنية معقدة اشتركت فيها أجهزة المخابرات السودانية والفرنسية والتشادية، أدت إلى القبض على الخاطفين بضواحي مدينة «كتم» بمحلية قريضة بولاية جنوب دارفور أمس، وتحرير الرهينة من قبضتهم، وتسليمه إلى سفارة بلاده.
فيما أوضح تبيدي أن الجهاز نفذ عمليات رصد وتتبع، وتبادل المعلومات، والتنسيق عالي المستوى بين الأجهزة الأمنية السودانية والفرنسية والتشادية، وتم القبض على الجناة وتحرير الرهينة من أيديهم. وحرصت العملية، وفقاً لتبيدي، على سلامة المختطف، ولم تستجب لمطالب الخاطفين بدفع الفدية التي طالبوا بها؛ ما أدى لنجاح العملية، التي أكدت أهمية التنسيق الأمني وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، والتعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الحركات الإرهابية والجريمة المنظمة، ومكافحة كل أشكال العنف والاتجار بالبشر، وانتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة.
وبدا الرهينة فرايزر بصحة جيدة، وقال إن الخاطفين عاملوه معاملة «جيدة»، وشكر الحكومة وجهاز الأمن السودانيين، على الجهود التي بذلوها لتحريره من خاطفيه، وأوضح أنه اختطف من مكان عمله مع شركة «التعدين» الفرنسية التي تحوز امتيازات تعدين داخل تشاد.
من جهتها، شكرت الحكومة الفرنسية رصيفتها السودانية على تحرير الرهينة، ونقل القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالخرطوم كريستيان بيك، امتنان بلاده للدور السوداني في تحرير مواطنه، وقال: «باسم الحكومة الفرنسية، نعبر عن شكرنا وامتناننا للحكومة السودانية، على تحرير المواطن الفرنسي تيري فرايزر وهو في حالة صحية جيدة، ودون دفع فدية مالية»، وتابع: «نشيد بالتعاون الذي وجدناه من جهاز الأمن والمخابرات السوداني؛ ما أسهم في إنهاء أزمة الاختطاف».
ولا تعد عملية اختطاف تيري هي الأولى من نوعها لرعايا فرنسيين في دولة تشاد، إذ اختطفت مجموعات مسلحة سودانية قبل أعوام مواطناً فرنسياً يعمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر من داخل الدولة المحادة للسودان.
وتعتبر دولة تشاد أهم شركاء فرنسا في الحرب على الإرهاب في الإقليم، ويقع مقر قوة «برخان» الفرنسية لمكافحة الإرهاب في العاصمة إنجمينا، وهي قوة تنفذ عمليات المكافحة في دول الساحل الأفريقي، ويبلغ قوامها 4 آلاف جندي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.