أنقرة تنفي تقارير عن نشر قوات في إدلب

أنقرة تنفي تقارير عن نشر قوات في إدلب
TT

أنقرة تنفي تقارير عن نشر قوات في إدلب

أنقرة تنفي تقارير عن نشر قوات في إدلب

في حين بحث رئيس هيئة أركان الجيش التركي مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد التطورات في سوريا على خلفية بدء سريان اتفاق مناطق تخفيف التوتر في سوريا، إلى جانب التطورات في العراق، نفت السلطات التركية ما ذكرته تقارير إعلامية بشأن عزم الجيش التركي نشر قوات عسكرية في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، كما حذرت أنقرة من احتمالات عدم التزام بعض الأطراف بالاتفاق.
وردا على تقارير تواترت في اليومين الماضيين بشأن استعداد الجيش التركي لنشر قواته في إدلب، قال مكتب محافظ مدينة هطاي التركية الواقعة على الحدود مع سوريا جنوب البلاد، إنه ليست هناك أي تحركات في هذا الاتجاه، مضيفا في بيان: «نشرت تقارير في بعض المواقع ووسائل الإعلام العربية تشير إلى أن الجيش التركي سيدخل إلى إدلب، وهذه التقارير لا تمت إلى الحقيقة بصلة».
وأكّد البيان أيضا أن ولاية هطاي لم تدل بأي تصريحات في هذا الشأن.
وكانت الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) وقعت في ختام اجتماع «آستانة 4» الخميس الماضي مذكرة تنص على تحديد 4 مناطق خالية من الاشتباكات تشمل محافظة إدلب (شمالي غرب)، وأجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب المجاورة، وبعض المناطق شمال محافظة حمص (وسط)، والغوطة الشرقية بريف دمشق، ومحافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا قرب الحدود مع الأردن.
وبعدما تم وضع كامل منطقة إدلب تحت وضع منطقة آمنة ممنوع على الطيران الحربي التحليق فوقها وممنوع قصفها بالمدفعية والصواريخ وممنوع التقدم نحوها، ترددت أنباء عن استعدادات للجيش التركي لنشر بعض قواته هناك.
وتمتد حدود إدلب مع تركيا إلى مسافة تصل إلى 129 كيلومترا، وأشارت تقارير إلى أن السكان هناك يتعاملون بالليرة التركية الآن بدلا من الليرة السورية، ويتمتعون بحرية الدخول إلى تركيا والخروج منها، كما بدأت أعداد كبيرة من سكانها النازحين بالعودة إليها. وبدأت حركة رواج كبيرة للبضائع التركية، وتخطط تركيا لترميم المنازل وإنشاء وحدات سكنية جديدة وإعادة الخدمات وتأهيل البنية التحتية بدعم من بعض الدول الخليجية في المناطق المحاذية عموما المرشحة لتكون مناطق آمنة، مثل الباب وجرابلس وإدلب.
في السياق نفسه، حذر نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش من احتمالات قيام بعض الأطراف التي لم يسمها بإفساد اتفاق مناطق تخفيف التوتر ووقف الاشتباكات على الأرض، معربا عن أمله في ألا يحدث ذلك وأن يتمكن الاتفاق من تحقيق السلام في سوريا.
وقال كورتولموش في تصريحات، أمس، إن التوصل إلى هذه الاتفاق لم يكن وليد اللحظة، «لكنه عملية طويلة شهدت تحضيرات كثيرة ظهرت ثمرتها في محادثات (آستانة 4) بمشاركة الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران».
في غضون ذلك، بحث رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار مع نظيره الأميركي، جوزيف دانفورد، في واشنطن ليلة أول من أمس، عددًا من الملفات ذات الاهتمام المشترك؛ أبرزها التطورات في سوريا والعراق، والتعاون في مكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وشارك في اللقاء، بحسب بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية، أمس، كل من رئيس جهاز المخابرات التركية هاكان فيدان، والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين؛ حيث يزور المسؤولون الثلاثة واشنطن للتمهيد لزيارة الرئيس رجب طيب إردوغان التي تبدأ في 15 مايو (أيار) الحالي ويلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وقالت مصادر تركية إن مسألة الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية ونشر دوريات أميركية - كردية مشتركة على الحدود التركية - السورية، احتل جانبا مهما من المباحثات، حيث عبر الجانب التركي عن غضبه لهذا الأمر، بقوله إنه يخالف علاقات التحالف بين أنقرة وواشنطن. وكرر الجانب الأميركي قلقه من العمليات الجوية التي نفذها الجيش التركي ضد أهداف كردية في كل من جبل سنجار شمال العراق وجبل قره جوخ شمال شرقي سوريا في 25 أبريل (نيسان) الماضي دون تنسيق كاف مع واشنطن.
وفي السياق نفسه، قالت وسائل إعلام تركية، أمس، إن عددا من الجنود الأميركيين شاركوا في مراسم عسكرية لمقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية الذين انضموا إلى «قوات سوريا الديمقراطية» في سوريا؛ إذ انضم نحو 250 من المقاتلات بصفوف «قوات حماية الشعب» إلى صفوف «قوات الدفاع الذاتي» في مراسم عسكرية أقيمت بمحافظة الحسكة في 5 مايو (أيار) الحالي بعد الانتهاء من تدريبهن في معسكرات جبل قره جوخ التي تضم مركز قيادة القوات الكردية السورية. وأشارت إلى أن الجنود الأميركيين ظهروا خلف قادة «قوات الدفاع الذاتي» أثناء هذه المراسم.



الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
TT

الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

في ظل غياب رؤية واضحة بشأن الحدود المسموح بها للتعامل مع الحوثيين مع سريان قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية»، أكد سياسيون يمنيون ورجال أعمال أن الضبابية تلف مشهد مرحلة ما بعد التصنيف على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وسط تحذير الحكومة من أي تعامل مع الجماعة سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً.

وذكر سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن مسار العملية السياسية مع الحوثيين في أعقاب هذا القرار غير معروف، خصوصاً أن هناك أنباء عن ضم عدد من قادة الجماعة إلى قوائم الإرهاب؛ لأن ذلك يفترض أن يحول دون عقد أي لقاءات معهم، وتوقعوا أن تذهب الجماعة نحو التصعيد إذا ما اشتد الخناق عليها اقتصادياً وسياسياً خلال المرحلة المقبلة.

المخاوف ذاتها كانت حاضرة لدى القطاع التجاري في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فقد أكدت مصادر عاملة في تلك المناطق لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع التجاري تلقى تطمينات من الجانب الحكومي بأن التصنيف لن يؤثر على استيراد المواد الغذائية ولا على فتح الاعتمادات المستندية؛ لأن هذه العملية تجري أساساً منذ سنوات عبر «البنك المركزي اليمني» في عدن بعد نقل مقره الرئيسي إلى هناك.

وعلى الرغم من هذه التوضيحات، فإن المصادر أكدت أن القطاع التجاري لا يزال بحاجة إلى توضيحات أكثر لمعرفة الحدود والمجالات التي يمكن العمل بها في مناطق سيطرة الحوثيين، وبما يجنب التجار أي تبعات لهذا التعامل، وبحيث لا تطولهم العقوبات الأميركية. وبينت أن الاتصالات التي تجريها الغرفة التجارية مع الجانب الحكومي متواصلة، وأنه سيجري الحصول على تفاصيل كاملة بشأن هذه القضايا.

الأمين العام للأمم المتحدة يتوسط وزير الخارجية اليمني الأسبق والمتحدث باسم الحوثيين (إعلام محلي)

وبشأن عمل المنظمات الأممية في مناطق سيطرة الحوثيين، ذكرت مصادر حكومية أن الجانب الأميركي أبلغ الأمم المتحدة أن هناك استثناءات ستوضع لعمل المنظمات الإغاثية، ولكن بشرط عدم استفادة الحوثيين أو المتعاونين معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تلك المساعدات، كما كان يحدث من قبل.

وكان الحوثيون يختارون الشركاء المحليين للمنظمات الأممية والدولية، وهم غالباً مؤسسات غير حكومية تتبع الجماعة أو يمتلكها قادة ونشطاء فيها، وكذلك الأمر بشأن الخدمات اللوجيستية للمنظمات، التي كان يحتكرها تجار ورجال أعمال من الحوثيين.

محاذير كبيرة

وفق مصادر يمنية عاملة في الجانب الإغاثي، ورغم الاستثناءات التي منحتها الولايات المتحدة للعمل الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن هناك محاذير كبيرة للعمل في تلك المناطق؛ لأن الحوثيين يتحكمون في كل شيء، حيث منعوا كل المنظمات غير الحكومية التي لا تتبعهم من العمل، وبالتالي فكل المنظمات الشريكة تدين بالولاء لهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وكذلك الأمر، وفق المصادر، بخصوص الخدمات اللوجيستية، فقد أصبح التجار في تلك المناطق تحت رحمة الحوثيين، وبالتالي؛ فإنهم يُرغَمون على دفع جبايات أو فوائد مالية للجماعة.

أكثر من 12 مليون يمني في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة للمساعدات (الأمم المتحدة)

ورجحت المصادر زيادة الأعباء إذا ما اتخذت الولايات المتحدة قراراً بإخراج البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين من نظام «التحويلات المالية العالمية (سويفت كود)»، وقالت إن المنظمات الإغاثية كانت قد اقترحت نقل الأموال المخصصة للعمل الإغاثي ونفقات تشغيل المكاتب ودفع المرتبات وتلك المخصصة للمحتاجين بديلاً عن المساعدات الغذائية، بشكل مباشر من الخارج إلى مناطق الحوثيين لتجاوز هذه العقبة، لكن لا يُعرف حالياً ما إذا كان هذا الخيار لا يزال قائماً أم إن هناك خيارات بديلة.

وكان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمنية، قد وصف هذه الخطوة ‏بـ«القرار التاريخي الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بمواجهة الإرهاب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي، ويمثل خطوة حاسمة لقطع مصادر تمويلها وعزلها دولياً، بعدما ثبت تورطها في استهداف المدنيين، وتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمصالح الإقليمية والدولية».

وبين الوزير اليمني أنه «وفقاً لقرار التصنيف، فإن كل من يتعامل مع الحوثيين معرض للملاحقة القانونية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، والعقوبات المالية، وتجميد الأصول المرتبطة بأي تعامل معهم، والعزل السياسي والمجتمعي».

وحذر الإرياني جميع الجهات والأفراد من مغبة التعامل مع ميليشيا الحوثي بعد تصنيفهم «إرهابيين»، وأكد أن أي تواصل سياسي أو اقتصادي أو إعلامي أو اجتماعي معهم سيعدّ «تواطؤاً مع الإرهاب» وسيواجَه بعواقب قانونية صارمة.

ودعا الوزير رجال الأعمال إلى وقف أي تعامل مالي أو تجاري مع الحوثيين فوراً، كما دعا السياسيين والإعلاميين إلى «عدم محاولة منح الشرعية لجماعة إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي»، وحذر القبائل والشخصيات الاجتماعية من «الوقوع في فخ الحوثي، فهو يستغل الجميع ثم يتخلص منهم».

كارثة إنسانية

وحذر ناشط حقوقي يمني بارز من «كارثة إنسانية وشيكة في اليمن، جراء ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع أزمة اقتصادية خانقة تضرب البلد» الغارق في أتون حرب مستمرة منذ 10 سنوات.

ودعا عرفات حمران، رئيس «منظمة رصد للحقوق والحريات»، الحكومة إلى تشكيل غرفة طوارئ عاجلة؛ «لأن التقارير الإنسانية والإغاثية والأممية ذات الصلة تُشير إلى أن البلاد توشك على دخول مرحلة (الكارثة)، وهي المرحلة التي تفقد فيها السلطات والمنظمات القدرة على الحد من انتشار المجاعة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «توسيع تدخلاته الإنسانية والمساهمة في وقف التدهور المريع للوضع الإنساني في البلاد».

قيود الحوثيين حالت دون وصول المنظمات الإنسانية إلى المستحقين (إكس)

ومع تأكيد الأمم المتحدة وجود 17.1 مليون يمني بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال هذا العام، وإصابة ملايين الأطفال بسوء التغذية والتقزم، نبه حمران إلى أن «غالبية الأسر اليمنية لا تستطيع شراء المتطلبات الأساسية من الغذاء؛ جراء الأزمة الاقتصادية ومحدودية فرص الدخل وانهيار العملة».

ودعا الحقوقي اليمني الحكومة إلى «تشكيل غرفة طوارئ على مدار الساعة، لجمع المعلومات والبيانات والتنسيق مع كل المنظمات الدولية والشركاء الدوليين والمحليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في عموم البلاد؛ لأن كل مواطن، سواء في مناطق الشرعية والحوثيين، هو مسؤولية الحكومة الشرعية».