اقتتال الفصائل مستمر بالغوطة... ودعوات أممية لفك حصار النظام

مقتل قيادي في «فيلق الرحمن» وتقدم لـ«جيش الإسلام» في أحياء دمشق

مظاهرات في الغوطة الشرقية احتجاجا على المعارك ويعترضها مسلحون (رويترز)
مظاهرات في الغوطة الشرقية احتجاجا على المعارك ويعترضها مسلحون (رويترز)
TT

اقتتال الفصائل مستمر بالغوطة... ودعوات أممية لفك حصار النظام

مظاهرات في الغوطة الشرقية احتجاجا على المعارك ويعترضها مسلحون (رويترز)
مظاهرات في الغوطة الشرقية احتجاجا على المعارك ويعترضها مسلحون (رويترز)

استمرّت الاشتباكات في الغوطة الشرقية بين فصائل المعارضة لليوم الخامس على التوالي، في وقت رفعت فيه المعارضة والمدنيين الصوت لفك الحصار عن المنطقة المحاصرة منذ 2012، والتي لم تتمكّن الأمم المتحدة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من دخولها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتجدّد الاشتباكات بين «جيش الإسلام» من جهة، و«فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» من جهة أخرى، في محاور حزة وزملكا والأفتريس والأشعري بالغوطة الشرقية، ما أدى لإصابة 5 مواطنين برصاص طائش بين الطرفين، وسط مناشدات من المواطنين القاطنين بين مدينة زملكا وبلدة حزة، بفك الحصار عنهم، لعدم قدرتهم على تأمين مستلزماتهم اليومية أو حتى تأمين المياه، وذلك منذ اليوم الأول من الاقتتال بين الطرفين.
ويوم أمس، نعى «فيلق الرحمن» ضابطاً منشقاً برتبة نقيبٍ، قال إنه قضى برصاص قناصة «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية. وقال وائل علوان، الناطق باسم «الفيلق» إن النقيب «أبو نجيب» القيادي في فيلق الرحمن قضى «غدراً على يد قناصي (جيش الإسلام) مع استمرار اعتدائهم على مدينة زملكا».
وأدانت رابطة الإعلاميين السوريين أي اعتداء من قبل أي جهة على إعلاميي ومدنيي الغوطة، ودعت الفصائل إلى وقف الاقتتال الفوري وتحييد المدنيين ومناطقهم عن القتال.
في موازاة ذلك، استمرت المعارك بين المعارضة والنظام في دمشق، وأعلن «جيش الإسلام»، عن سيطرته على عدة مواقع عسكرية في أحياء شرقي دمشق بعد معارك عنيفة مع قوات النظام استمرت لعدة ساعات إثر هجوم خاطف نفذه «الجيش».
وأكد المكتب الإعلامي لـ«الجيش» أنه سيطر على نقاط كثيرة بالقرب من حي القابون، وحي تشرين، وقتلوا أكثر من 10 عناصر لقوات النظام السوري، كما دمروا دبابتين بالقرب من حي القابون خلال المعارك.
وعلى جبهة «الريحان» في الغوطة الشرقية، أكد «الجيش» أنه تصدى لحملة جديدة من قوات الأسد تستهدف اقتحام المنطقة، كما بَثَّ المكتب الإعلامي صوراً لقتلى من عناصر النظام خلال المعارك.
وتحاول قوات النظام السوري منذ شهرين اقتحام أحياء دمشق الشرقية (القابون وتشرين وبرزة)، حيث تمكنت من إحراز تقدُّم في وقتٍ سابقٍ لتعود الفصائل وتشن هجمات معاكسة تمكنت خلالها من استعادة كثير من المواقع.
ودعا رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة: «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى عقد اجتماع طارئ لبحث الوضع الإنساني الصعب الذي يتعرض له المدنيون في دمشق وريفها بسبب ممارسات نظام الأسد وميليشياته بحقهم». جاء ذلك في مذكرات منفصلة تم إرسالها، أمس، إلى كل من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وتركيا، وأصدقاء الشعب السوري، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وتحدث العبدة فيها «عن الحملة العسكرية التي يشنها النظام والميليشيات المقاتلة إلى جانبه منذ شهر فبراير (شباط) الماضي على مدينة دمشق، وخاصة حيي برزة والقابون، بالإضافة إلى الغوطة الشرقية».
واعتبر العبدة «أن الجرأة التي يمتلكها النظام باستمرار ارتكاب المجازر، تعود إلى فشل المجتمع الدولي في إجبار النظام على الامتثال إلى تطبيق البنود 12 و13 و14 من القرار 2254»، مشدداً على أن «العملية السياسية لن تكون لها مصداقية إذا استمر النظام بفعل ما يريد دون محاسبة». ولفت إلى أن الحصار الخانق المفروض على أحياء دمشق والغوطة الشرقية ترافق مع قصف للمناطق السكنية والمرافق الطبية والثروة الحيوانية، وذلك بهدف تضييق الخناق بشكل أكبر على المدنيين.
وشهدت أسعار معظم المواد الغذائية في الغوطة الشرقية تضخماً بلغت نسبته في بعض الأحيان 200 في المائة، مقارنة بالنسبة التي كانت قبل نحو شهرين، حيث طرأ ارتفاع فاحش على جميع ما يباع في الغوطة الشرقية من مواد غذائية ومواد طبية ومحروقات وسلع تجارية وسجائر، وذلك بعد استمرار إغلاق قوات النظام جميع المعابر التي كانت تغذي أسواق الغوطة بجميع السلع بحسب موقع «اقتصاد مال وأعمال السوريين».
وفي هذا الإطار، كان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قد عبر عن قلقه إزاء تدهور الوضع الأمني والإنساني للمحاصرين في الغوطة الشرقية، بريف دمشق، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة لم تتمكن منذ أكتوبر الماضي من دخول الغوطة الشرقية، المحاصرة منذ 2012.
وأشار دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي عقد مساء الاثنين، إلى «تأثر المرافق الأساسية من مراكز طبية ومدارس وغيرها بالحصار الذي يحول دون دخول الإمدادات الغذائية والطبية»، مبدياً قلقه إزاء القصف والقتال الذي يطول أطراف المنطقة التي تضم مدنا وبلدات مكتظة بالسكان، من بينها مدينة دوما.
ولفت المتحدث الأممي، إلى أن «منظمته مستعدة لتقديم المساعدات المنقذة للحياة، لسكان الغوطة الشرقية، في حال التوصل إلى وقف مؤقت لما وصفه بالعنف من مختلف الأطراف»، مشدداً على أن الإمدادات التجارية والإنسانية لا تزال ممنوعة من الوصول إلى الغوطة الشرقية، التي تضم نحو أربعمائة ألف مدني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.