توالت ردود الفعل المتباينة والمتناقضة أحيانا، على وثيقة حماس التي أعلنها رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، وتقبل فيها بدولة فلسطينية على حدود 67، وهي النقطة الأبرز التي أثارت جدلا واسعا بين من رأي في ذلك برغماتية واقعية، ومن اعتبره تنازلا، ومن قال إنها تستنسخ مواقف منظمة التحرير، ومن ذهب إلى التحليل بأنها تعد نفسها لتأخذ مكان حركة فتح.
وجاء موقف حركة فتح من الوثيقة سريعا، في حين كان مشعل يناقش مع الحضور بعض تفاصيلها، فانتقدت الحركة حماس، التي «احتاجت ثلاثين عاما لتخرج بذات مواقفنا»، بقبول إقامة دولة فلسطينية داخل حدود 1967، وهو الموقف الذي كانت حماس تنتقد فتح بسببه.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، أسامة القواسمي: إن «وثيقة حماس الجديدة، مطابقة لموقف منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1988». وأضاف: «على حماس الاعتذار لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد ثلاثين عاما من التخوين والتكفير».
ولم يجد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد اشتية، وهو مستشار كبير للرئيس عباس، أفضل من وصف حماس بالـ«متخلفة بعقود فكريا»، مبررا ذلك بقوله: «إن الحركة تناقش اليوم ما نفذته منظمة التحرير الفلسطينية قبل 43 عاما». وأضاف، إن حماس تحاول تقديم نوع من أوراق الاعتماد للمجتمع الدولي بإظهار نفسها على أنها شريك.
لكن اللواء عدنان الضميري، مفوض التوجيه السياسي والمعنوي في السلطة، ذهب إلى أبعد من ذلك، بقوله: إن حماس تريد أن تكون بديلا للمنظمة. وتساءل الضميري: «ما الذي يمنع حماس من دخول منظمة التحرير من أوسع الأبواب، باب المبادئ والسياسات العامة؟ لا شيء إلا أنها ترى نفسها بديلا وليست شريكا».
وكانت حماس قالت مخاطبة الأمة العربية والإسلامية إنها تؤمن «بوحدة الأمة بكل مكوناتها المتنوعة، وترى ضرورة تجنب كل ما من شأنه تمزيق صف الأمة ووحدتها»، و«تؤمن بالتعاون مع جميع الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض الدخول في النزاعات والصراعات بينها. وتتبنى حماس سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم».
كما خاطبت دول العالم بتأكيدها أن حماس تؤمن في علاقاتها مع دول العالم وشعوبه، بقيم التعاون، والعدالة، والحرية، واحترام إرادة الشعوب.
وجاء ذلك بعد أن حذفت حماس من الوثيقة، اعتبارها جناحا من أجنحة الإخوان المسلمين، كما جاء في ميثاقها القديم عام 1988.
وكان مشعل أكد أن الوثيقة عرضت على خبراء قانون دولي من أجل ضبطها ومراعاة القانون الدولي، ثم ترجمت إلى الإنجليزية.
وعرفت حماس نفسها «حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينيَّة إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها».
وتتمسك حماس بفلسطين كاملة أرضا عربية إسلامية، وعاصمتها القدس، وتتمسك بالمقاومة، وترفض الاعتراف بإسرائيل تحت أي ظرف، لكنها تقبل بدولة على حدود 67. وترفض حماس وعد بلفور واتفاق أوسلو، وأي اتفاقات ومشروعات من قبيل الوطن البديل والتوطين، وتتمسك بحق عودة اللاجئين كاملا.
وتسقط حماس أي ارتباط لها مع الإخوان، وتتراجع عن وصف الصراع بديني وإنما مع إسرائيل المحتلة.
ومع إعلانه الوثيقة الجديدة يكون مشعل أنهى دوره زعيما لحماس.
وعقّب أمين عام المبادرة الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، على وثيقة حماس فقال، إنها «دليل على نضج وتطور سياسي»، مضيفا: «الوثيقة هي نتيجة لحوار سياسي يجري منذ فترة طويلة، وهي أيضا تعكس الإحساس بضرورة التعامل مع المجتمع الدولي وإظهار الصورة الحقيقية للحركة».
وتابع البرغوثي: «أنا مسرور أن الحركة وصلت إلى مستوى من النضج قررت معه تطوير برنامجها السياسي».
أما بيفرلي ميلتون إدواردز، وهي باحثة زائرة في مركز بروكنجز الدوحة، ومؤلفة كتاب عن حماس: «ما جاء مؤشر على رغبتهم في الارتباط بالعناصر السنية». لكنها أضافت أنه رغم أن الوثيقة قد تقوي موقف حماس في الأراضي الفلسطينية والشرق الأوسط، فمن غير المرجح «أن تفضي إلى تغيير حاسم في الآراء ضدها من الولايات المتحدة أو حتى أوروبا».
ورفضت حماس الكثير من القراءات والانتقادات الموجهة لها. وقال مشعل نفسه: إن الوثيقة دليل على أن حركته تتطور. ودافع عن قبولها دولة على حدود 67، بـ«أنهم غير واهمين بتحقيق ذلك، لكنهم سيقبلون بدولة ذات سيادة إذا ما عرضت عليهم».
ولم يجب مشعل عن الثمن الذي يمكن أن تدفعه حماس مقابل ذلك، وترك الباب مفتوحا لإمكانية أن تفاوض حماس إسرائيل، قائلا: إن موقف الحركة الآن، هو عدم التفاوض المباشر، لكنه ليس مبدأً ثابتا.
أما القيادي في الحركة، حسام بدران، فرفض فكرة تسويق حماس نفسها لدى جهات عربية ودولية، وقال بدران: «الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس ليست محاولة لتسويق الحركة نفسها لدى أي جهة كانت».
وأضاف: «حتى وإن كان هذا مقبولا في العمل السياسي، فإنه لن يكون على حساب الثوابت». وتابع: «عمليا ،الوثيقة جاءت تتويجا لسياسات مورست سابقا، وليس لإحداث تغيير في التحرك لاحقا».
وفي إسرائيل، أصدر مكتب رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، مساء الأول من أمس، فور صدور ميثاق حماس، بيانا أعلن فيه رفضه له، ورفض الفكرة القائلة إن حركة حماس تتجه لتغيير خطابها السياسي. وقال: «حركة حماس تحاول خداع العالم بواسطة الوثيقة السياسية الجديدة. وهي لن تنجح في محاولتها. إنها ما زالت تبني أنفاق إرهاب، وتطلق حتى آلاف الصواريخ على البلدات المدنية في إسرائيل. هذه هي حماس الحقيقية».
وفي غزة شنت حماس حملة ضد عباس، وسيّر أنصارها مظاهرات طافت شوارع المدينة، رفعوا خلالها يافطات كتب عليها «عباس لا يمثلني».
ترحيب ببرغماتية «حماس» وانتقاد لاستنساخها المتأخر مواقف المنظمة
بعد إعلان وثيقتها... أنصارها في غزة يتظاهرون رافعين شعار «عباس لا يمثلني»
ترحيب ببرغماتية «حماس» وانتقاد لاستنساخها المتأخر مواقف المنظمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة