لوبان تنجح في توسيع قاعدتها الانتخابية

دعوات للناخبين من أصول عربية ومسلمة لدعم ماكرون

مارين لوبان تصافح نيكولا دوبون دينيان رئيس حزب «انهضي يا فرنسا» في باريس أمس (رويترز)
مارين لوبان تصافح نيكولا دوبون دينيان رئيس حزب «انهضي يا فرنسا» في باريس أمس (رويترز)
TT

لوبان تنجح في توسيع قاعدتها الانتخابية

مارين لوبان تصافح نيكولا دوبون دينيان رئيس حزب «انهضي يا فرنسا» في باريس أمس (رويترز)
مارين لوبان تصافح نيكولا دوبون دينيان رئيس حزب «انهضي يا فرنسا» في باريس أمس (رويترز)

قبل أسبوع على الجولة الحاسمة للانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي يتواجه فيها مرشح الوسط إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، بدأت تظهر ملامح جديدة في المشهد السياسي، حيث يسعى كل طرف إلى توسيع قاعدته الانتخابية واجتذاب الشرائح السياسية والاجتماعية لضمان وصوله إلى قصر الإليزيه.
وبعكس توقعات تشكيل «جبهة» من الأحزاب والشخصيات السياسية تقطع طريق الإليزيه أمام لوبان، فإن الأمور تأخذ منحى مختلفا. وآخر تجليات تقدّم لوبان في المنافسة الانتخابية، انضمام المرشح نيكولا دوبون دينيان، رئيس حزب «انهضي يا فرنسا»، الذي يعتبر نفسه ممثلا للخط السياسي السيادي ووريثا للجنرال ديغول. ورغم أن دوبون دينيان لم يصل إلى عتبة الخمسة في المائة في الدورة الأولى من الانتخابات، إلا أن انضمامه إلى لوبان التي عرضت عليه أن يكون رئيسا للحكومة في حال فوزها، يفتح الباب أمام انضمام آخرين بحيث يتحول حزب «الجهة الوطنية» إلى حزب «عادي»، ويأخذ بالتالي موقعه «الطبيعي» في المشهد السياسي.
ووصف دوبون دينيان ما حصل أمس بأنه «يوم تاريخي، لأننا نضع مصلحة فرنسا قبل مصلحة الأحزاب»، موضحا أن الجولة الانتخابية الثانية هي من جهة «الأكثر حسما في تاريخ الجمهورية الخامسة»، ومن جهة أخرى لأن ما قام به «سيعيد تشكيل الحياة السياسية» في فرنسا. وفيما عبرت لوبان عن ارتياحها، حرصت على القول إنها «أخذت بعين الاعتبار العناصر الأساسية» في برنامج دوبون دينيان الانتخابي، وأن كل ذلك وضع في «نص مشترك» يمكن اعتباره برنامج حكم مستقبليا.
بيد أن هذا التطور الحاصل لا يغير جذريا في مسار المعركة، إذ أفاد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «أوبينيون واي» بأن 37 في المائة من الأصوات التي حصل عليها دوبون دينيان ستذهب إلى مارين لوبان، بينما سيصوت 31 في المائة لصالح إيمانويل ماكرون.
أما النسبة المتبقية، فإما ستمتنع عن التصويت أو ستصوت بورقة بيضاء. وانطلاقا من اتفاق أمس، سيكون دوبون دينيان إلى جانب لوبان في حملتها الانتخابية وفي المهرجان الرئيسي الذي دعت إليه يوم الاثنين.
ويرى محللون سياسيون أن أهمية الحدث أنه «أدخل في أذهان الناس أن طريق الرئاسة لم يعد مقفلا بوجه اليمين المتطرف»، وأن ابنة جان ماري لوبان لم تعد تخيف الفرنسيين، ورمزا يحملهم إلى النزول إلى الشارع كما حصل في عام 2002، كما أن «أفكار وطروحات» الجبهة الوطنية، بخصوص الهوية الوطنية والمهاجرين والإسلام والاتحاد الأوروبي واليورو والعولمة، تجد أصداء إيجابية لدى جزء من الرأي العام.
وإذا ما نجحت لوبان في الفوز بالرئاسة، فإن ذلك يعني أنها هدمت السدود التي كانت تحول دون تقدمها نحو السلطة. وتبين نتائج استطلاعات الرأي وجود دينامية انتخابية إلى جانب لوبان. والدليل على ذلك الارتفاع المتواصل لأسهمها شعبيا. وبحسب آخر استطلاع أجرته مؤسسة «بي في أي»، ونشرت نتائجه الصحافة المحلية أمس، فإن نسبة الأصوات التي يمكن أن تحصل عليها مرشحة اليمين المتطرف ارتفعت خلال عشرة أيام من 35 في المائة إلى 41 في المائة. في المقابل، خسر ماكرون 6 في المائة، تراجع من 65 إلى 59 في المائة، ما يعني أنه، بعكس منافسته، في حركة تنازلية.
في أي حال، يبدو الأسبوع الفاصل عن الجولة الثانية حاسما بسبب تضاؤل الفجوة التي تفصل بين المرشحين. وجاء موقف مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون الذي رفض الدعوة للاقتراع لصالح ماكرون رغم الضغوط التي مورست عليه، ليرفع في وجه الأخير صعوبة إضافية. فميلونشون، مرشح حركة «فرنسا المتمردة»، كان يمكنه أن يكون الرافعة التي توفر لماكرون فوزا مريحا في السابع من مايو (أيار) دون أن يعني ذلك تبنيه لبرنامجه الاقتصادي والاجتماعي، الذي ما فتئ ينتقده بعنف.
وانهالت انتقادات على ميلونشون من اليمين واليسار، وكذلك من ماكرون شخصيا، وجوهرها أنه إذا أخفق الأخير في الفوز، فإن ميلونشون سيكون قد تحمل مسؤولية تاريخية في تسهيل وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في ثاني أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، وأن نتائج تطور كهذا ستكون كارثية على فرنسا وعلى البناء الأوروبي نفسه. وتشير النسب المتوافرة إلى أن 41 في المائة من أصوات الملايين السبعة التي حصل عليها ميلونشون، يوم 23 أبريل (نيسان) ستمتنع عن التصويت أو ستصوت بورقة بيضاء، وأن النسبة نفسها ستصوت لصالح ماكرون فيما ستحصل لوبان على النسبة المتبقية، أي 18 في المائة.
وأمس، حذر الرئيس فرنسوا هولاند الذي سيكون عليه مغادرة قصر الإليزيه قبل أقل من أسبوعين من تداعيات أن تكون لوبان خليفته على رأس السلطة. من بين كافة الفئات الناخبة، تبدو أصوات الناخبين من أصول عربية أو مسلمة مضمونة لماكرون، ليس حبا به وإنما رغبة في قطع الطريق على لوبان التي يرون فيها المرشحة الأكثر مخاصمة لهم. وفي الدورة الأولى، صوتت نسبة كبيرة منهم، 37 في المائة، لصالح ميلونشون و24 في المائة لصالح ماكرون. والعجيب أن لوبان حصلت على 5 في المائة من أصواتهم وفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «أيفوب». وجاء في بيان صادر عن المجلس الفرنسي للمسلمين دعوة هؤلاء «لإفشال مشاريع من يدعو إلى الحقد والعزل، ومن يندد بالمسلمين ويهدد الانسجام الوطني والعيش المشترك»، في إشارة إلى مرشحة اليمين المتطرف.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».