«حماس» قد تعترف بحدود عام 1967

مقاتل من حركة «حماس» (أ.ب)
مقاتل من حركة «حماس» (أ.ب)
TT

«حماس» قد تعترف بحدود عام 1967

مقاتل من حركة «حماس» (أ.ب)
مقاتل من حركة «حماس» (أ.ب)

تتجه حركة «حماس» في وثيقتها المعدلة التي تكشف عنها الاثنين المقبل، في الدوحة، نحو الاعتدال الذي يمكن أن يمهد، بحسب مسؤولين ومحللين، لقبولها دوليا، لا سيما بند اعترافها بحدود عام 1967 وتوصيف الصراع مع إسرائيل بأنه سياسي لا ديني.
الوثيقة، وهي من 41 بنداً، كانت موضع نقاشات استمرت نحو 4 سنوات قبل أن تحظى بموافقة كل مؤسسات الحركة، وهي تعبر، بحسب قيادي في حماس رفض الكشف عن اسمه، عن «حماس الجديدة»، خصوصاً أن «المسألة الرئيسية في الوثيقة هي القبول رسمياً بدولة على الأراضي التي احتلت في عام 1967 (قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية) لكنها لا تعترف بالكيان الصهيوني».
ويدعو ميثاق «حماس» الذي صدر سرا بعد عام من تأسيس الحركة في عام 1987 لتدمير دولة إسرائيل وإقامة دولة على جميع تراب فلسطين التاريخية.
وكان مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل في عام 2004 قد أشار مرارا إلى أن حركته لا تمانع إقامة دولة على حدود عام 1967، لكن هذه هي المرة الأولى التي تنص عليها وثيقة ملزمة لجميع مكونات حماس، بمن فيها الجناح العسكري.
وتقول الوثيقة إن «إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) من عام 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة».
وقال القيادي في «حماس» إن إقرار «حماس» بصيغة هذه الدولة «لا يعني التنازل عن أي من الحقوق الفلسطينية، وهذا ما ورد نصا في الوثيقة»، داعيا المجتمع الدولي لـ«التقاط الوثيقة التاريخية التي تفتح الباب لحوار علني مع حماس، كأهم وأكبر قوة سياسية منظمة، ولديها المرونة والوسطية في حين يتجه العالم نحو التطرف».
ووصف القيادي، المحسوب على التيار المعتدل في «حماس»، أحمد يوسف، الوثيقة بأنها «تحول حقيقي باتجاه الوسطية والاعتدال ونهج الصواب، لتكون حماس بمنأى من الاتهام بمعاداة السامية والعنصرية»، وتابع: «الوثيقة تتيح التعامل مع اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين، ولا علاقة لهم بالاحتلال».
وتفرق الوثيقة بين اليهود «كأهل كتاب واليهودية كديانة من ناحية، وبين الاحتلال والمشروع الصهيوني من جهة أخرى، وترى أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعا مع اليهود بسبب ديانتهم»، لكنها تؤكد في المقابل «مواجهة كل من يحاول أن يعتدي على الشعب الفلسطيني أو يغتصب حقوقه أو يحتل أرضه، بصرف النظر عن دينه أو قوميته أو هويته».
وبين عضو المكتب السياسي لـ«حماس» محمود الزهار، أن الوثيقة «عبارة عن الآليات للمرحلة القادمة ولا تغيير على المبادئ»، خصوصاً أن الوثيقة تؤكد أنه «لا يمكن لأي سلام في فلسطين أن يقوم على أساس ظلم الشعب الفلسطيني، وأن أي تسويات تقوم على هذا الأساس لن تؤدي إلى السلام، وستظل المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين حقا مشروعا».
وفي الشأن الداخلي تدعو الوثيقة لشراكة سياسية مع منظمة التحرير على أساس المواطنة وليس على أساس الدين. وأكد يوسف أن تجربة حماس بإدارة غزة لعشر سنوات «علمتنا عدم التفرد بالحكم كما فعلت فتح، على الجميع المشاركة في تحمل المسؤولية»، موضحاً أن «حق الشعب في ممارسة جميع أشكال المقاومة وليس فقط النضال العسكري ضد الاحتلال، يفتح الطريق لشراكة مع الكل الفلسطيني».
ويرى البعض أن الوثيقة قد تباعد بين «فتح» و«حماس». ويقول المحلل السياسي في قطاع غزة مخيمر أبو سعدة، إن «السلطة تنظر بخوف إلى الاعتدال الذي تبديه حماس، ومتوجسة من هذه الخطوات تجاه المجتمع الدولي»، متوقعا مستقبلا «أكثر سوداوية» في العلاقات بينهما. كما توقع أبو شنب من جهته أن تكون العلاقة بين «فتح» و«حماس» مقبلة على «مزيد من التوتر؛ لأن فتح تخشى من أن حماس تسعى لأن تكون بديلا لها».
ولم تشر الوثيقة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وتنص على أن «حماس هي حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها السامية».
ويقول مسؤول في «حماس»، إن قيادة الحركة أجرت كثيرا من الاتصالات واللقاءات «الاستكشافية» مع جهات عربية ودولية بشأن الوثيقة، فيما المكتب السياسي الجديد والمرجح أن يعلن في مايو (أيار) المقبل برئاسة إسماعيل هنية، ستكون أولى مهامه إجراء لقاءات واتصالات مع الأحزاب والقادة العرب والمجتمع الدولي لإطلاعهم على الوثيقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».