مجلس الأمن يناقش الوضع الإنساني في سوريا وسط انقسام بين الأعضاء

الإجلاء والمعارك ومنع المساعدات ينعكس بصورة سيئة على المدنيين

رفوف الأدوية وسط ركام بناء تابع لمستشفى معرة النعمان بعد استهدافه بغارات الطيران الروسي أمس (إ.ف.ب)
رفوف الأدوية وسط ركام بناء تابع لمستشفى معرة النعمان بعد استهدافه بغارات الطيران الروسي أمس (إ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يناقش الوضع الإنساني في سوريا وسط انقسام بين الأعضاء

رفوف الأدوية وسط ركام بناء تابع لمستشفى معرة النعمان بعد استهدافه بغارات الطيران الروسي أمس (إ.ف.ب)
رفوف الأدوية وسط ركام بناء تابع لمستشفى معرة النعمان بعد استهدافه بغارات الطيران الروسي أمس (إ.ف.ب)

استمع مجلس الأمن، أمس، من رئيس الشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، حول الحالة الإنسانية في سوريا. وركز أوبراين على أثر تدهور الحالة الأمنية على الأزمة الإنسانية، مع تكثيف النزاع الذي يزيد من عدد الضحايا والمشردين، مشدداً على الحاجة إلى حل سياسي للأزمة من أجل إنهاء معاناة السكان المدنيين، بناء على قرارات المجلس ذات الصلة واتفاق جنيف.
وأشار أوبراين إلى المخاوف المتعلقة بعمليات الإجلاء من بعض المناطق، مثل تلك التي يغطيها اتفاق البلدات الأربع، فضلاً عن وادي بردى والوعر، مكرراً مطالبته بضرورة إخلاء المدنيين بشكل آمن وطوعي، وإلى أي مكان يختارونه.
ومع أن معظم الدول الأعضاء بمجلس الأمن يشاطرون أوبراين هذه الشواغل، فإن روسيا ترى أن هذه الاتفاقات تعمل وتنقذ الأرواح. وأعرب مندوب بريطانيا ونظيره الفرنسي عن قلقهما بشأن مصير السكان المدنيين نتيجة لاتفاقات الإجلاء، ومسألة النقل القسري من المناطق المحاصرة إلى إدلب.
وركزت إحاطة أوبراين على الصعوبات المستمرة في وصول المساعدات الإنسانية، لا سيما إلى المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها، كما هو الحال في الغوطة الشرقية وأجزاء من حمص وحماة وإدلب، مشيراً إلى أن إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لا يزال يشكل تحدياً كبيراً في كثير من مناطق البلد نتيجة للصراع النشط، وتحويل خطوط الصراع، والعوائق الإدارية، والقيود المتعمدة على حركة الأشخاص والبضائع، من قبل أطراف النزاع.
وأيد أعضاء مجلس الأمن ما جاء بالإحاطة التي قدمها أوبراين، مطالبين بوقف العنف لتمكين المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدات دون انقطاع وعوائق. وطالبت اليابان بالتعاون بنية حسنة لتوصيل المساعدات، فيما أعربت السويد عن تخوفها من إطالة أمد الحرب التي بدل أن تنتهي زادت حدتها في مناطق كثيرة بسوريا. أما المندوب المصري، عمرو أبو العطا، فانتقد بشدة انقسام المجلس، وما سماه «الاستقطابات والتنافس» بين الدول بشأن الأزمة السورية، معتبراً أن المجلس فقط يقوم بالإدلاء ببيانات صحافية تغطيها وسائل الإعلام، مطالباً بوضع حد للحرب، وتطبيق الاتفاقات والقرارات الدولية، لا سيما القرار رقم 2254.
وفي السياق، انتقد المندوب البريطاني الموقف الروسي الداعم لنظام الأسد، الذي بسببه فشل المجلس في الضغط على الحكومة السورية لوقف الحرب، وتوصيل المعونات الإنسانية إلى السكان المدنيين.
أما المندوب الروسي، فوصف بعض كلمات الأعضاء بـ«التنظير»، مشيراً إلى أن القوافل الإنسانية في سوريا عادة ما يصاحبها مخاطر، لذلك تقوم بعض العناصر العسكرية بمرافقتها من أجل الحماية، «فنحن نعرف ما يجري على الأرض، ولسنا من المنظرين».
أما المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، التي رأست الجلسة، فقالت: «إن هجوم النظام السوري الكيماوي على الأطفال لن يمحى من الذاكرة»، وانتقدت رفض الحكومة السورية وصول المساعدات للمحتاجين، ونهبها وسحب المعدات الطبية الضرورية، كتلك المعدات المخصصة لغسل الكلى والمضادات الحيوية».
وطالبت هيلي المجلس بأن يضغط على روسيا، لا على سوريا، لوصول المساعدات الإنسانية، «فروسيا هي الدولة العضو الوحيد بالمجلس الذي يدافع عن نظام يقتل شعبه».
وحسب تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة للمجلس، أمس، فإن الحالة في الغوطة الشرقية، بريف دمشق، تدهورت، حيث يحاصر مئات الآلاف من السكان في عدد من البلدات والمناطق الريفية المحيطة بها، في ظل تقارير تفيد بتنفيذ عمليات القصف والغارات الجوية واندلاع أعمال القتال البري كل يوم تقريباً، مما تسبب في مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية. وفي الوقت نفسه، أفيد على نطاق واسع بتنفيذ عمليات قصف انطلاقاً من الغوطة الشرقية في اتجاه أحياء سكنية في مدينة دمشق.
وأفادت التقارير بأن القوات الحكومية، منعت منذ العشرين من الشهر الماضي الشاحنات التجارية من دخول الغوطة الشرقية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، في حين قلصت التجارة غير الرسمية، وتوقف أيضاً تصدير المنتجات الزراعية من الغوطة الشرقية إلى دمشق، بعد أن كان قد أذن به على أساس كل حالة على حدة.
وقال التقرير إنه، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لا يعمل أي من المستشفيات العامة الثلاثة ومراكز الرعاية الصحية العامة السبعة عشر في الغوطة الشرقية، والوصول إليها ليس متاحاً للسكان. وتفيد التقارير بأن عدداً منها قد دمر من جراء الغارات الجوية، غير أن بعض المرافق لا تزال تعمل، حسب الإفادات، في أماكن أخرى في المنطقة المحاصرة. وعدد الأطفال الذين يعانون من إصابات ناتجة عن الصدمات مرتفع بصورة تثير الجزع، مشيراً إلى أن «30 في المائة من جميع المرضى ذوي الإصابات المتصلة بالحرب، هم أطفال يقل سنهم عن 15 سنة. وأبلغ أيضاً عن حالات وفاة المرضى بسبب الافتقار إلى معدات الغسيل الكلوي وتفشي الحصبة».
وقال تقرير الأمين العام للمجلس إن «محافظة إدلب شهدت زيادة في عدد الضحايا المدنيين المبلغ عنه، بمن فيهم النساء والأطفال، نتيجة لتكثيف الغارات الجوية الذي أثر بشكل خاص على جنوب المحافظة».
وفي حلب، استمر القتال في عدة مناطق من المحافظة، مما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من الناس. وفي شمال شرقي ريف حلب، أفيد عن وقوع اشتباكات بين «داعش» و«قوات سوريا الديمقراطية»، بقيادة وحدات حماية الشعب، على عدة جبهات. وأدى القتال في شرق ريف حلب بين القوات الحكومية و«داعش» إلى التشريد القسري لآلاف الأسر التي لجأت إلى جرابلس ومدينة منبج والمناطق المحيطة بها ومدينة حلب.
وفي الرقة، قال التقرير إن «قوات سوريا الديمقراطية» بسطت سيطرتها على معظم القرى والبلدات الواقعة شمال محافظة الرقة، وأصبحت على مقربة من مدينة الرقة. وحتى الآن، شرد عشرات الآلاف من الناس نتيجة لمراحل عملية «غضب الفرات» الثلاث، بينهم نحو 20 ألف شخص شردوا في مارس (آذار).



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.