البرلمان السوداني يرفض تعديلات دستورية تقلص سلطات الأمن

البرلمان السوداني يرفض تعديلات دستورية تقلص سلطات الأمن
TT

البرلمان السوداني يرفض تعديلات دستورية تقلص سلطات الأمن

البرلمان السوداني يرفض تعديلات دستورية تقلص سلطات الأمن

تمسك البرلمان السوداني بغرفتيه بالإبقاء على صلاحيات جهاز الأمن الوطني والمخابرات، الذي تتهمه المعارضة باستخدامها في التضييق عليها، لكنه مرر تعديلات دستورية بديلة تلزم الجهاز للمرة الأولى بالخضوع لمحاسبة لجنة خاصة مكونة من عضويته، بيد أن عدم اكتمال النصاب حال دون الإجازة النهائية لتلك للتعديلات الدستورية.
وأوصت القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني بتحجيم وتقليص صلاحيات جهاز الأمن الوطني والمخابرات، وقصرها على جمع وتحليل المعلومات، فيما أجمع على تسميته بـ«الوثيقة الوطنية»، وملحق الحريات الذي قدمه حزب المؤتمر الشعبي. وكان مقرراً أن تتم الإجازة النهائية للتعديلات البديلة، باكتمال إجراءات التصويت في غرفتي البرلمان؛ «المجلس الوطني، ومجلس الولايات» كلٌ على حدة، وفقاً للوائح، لكن النصاب لم يكتمل في جلسة المجلس الوطني الثانية، مما أدى لتأجيل الإجازة الإجرائية النهائية لليوم.
ووصف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، تعديلات المجلس أمس، بأنها «لا تمثل ما تم الاتفاق عليه في ملحق الحريات الصادر عن مؤتمر الحوار العام»، وتابع: «أجريت تعديلات جوهرية على معظم النصوص المقدمة للبرلمان، وحولت الحماية من دستورية إلى قانونية». واعتبر عمر، في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، حماية الحريات بالقانون أضعف من حمايتها بالدستور، وأضاف: «عندنا تجربة مريرة مع قانون الأمن الوطني، فشلت المحكمة الدستورية مراراً في إبطال تصرفاته».
واتهم عمر نائبة رئيس البرلمان رئيسة اللجنة الطارئة، بدرية سليمان، بإضعاف الضمانات الدستورية المقدمة في ملحق الحريات، وقال: «من الواضح أن بدرية استفادت من تجربتها في النظم الشمولية، وحولت كل الضمانات الدستورية القوية إلى ضعف». وقطع بأن التعديلات التي أجيزت مبدئياً أمس لا تمثل ما يطرحه حزبه، ولا تمثل مخرجات الحوار الوطني، وأضاف: «ننتظر التصويت عليها في آخر مرحلة».
من جهته، قال النائب المستقل أحمد صباح الخير لـ«الشرق الأوسط» عقب خروجه من الجلسة، إن السودانيين يريدون جهاز أمن قوياً وقومياً يحمي البلاد، يخضع لسلطة القانون و«ألاّ تترك له الأشياء مفتوحة ليفعل ما يشاء»، وأضاف: «وافقنا على التعديلات لأنها استجابت لمطالبنا هذه، مع أنها لم تُجَزْ تماماً بسبب عدم اكتمال النصاب، وتسأل عن ذلك رئاسة الجلسات».
وأقر المشاركون في الحوار الوطني الذي شاركت فيه أكثر من 116 حزباً وحركة مسلحة، واستمر لأكثر من 3 سنوات، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قصر صلاحيات جهاز الأمن على «جمع المعلومات وتحليلها، وتقديم المشورة للجهات المختصة»، إلا أن البرلمان الذي يحوز فيه حزب المؤتمر الوطني الحاكم على أغلبية مطلقة، أضاف نصاً توسعت بموجبه صلاحية الجهاز، باعتباره «قوة نظامية قومية مهمتها رعاية الأمن الوطني الداخلي والخارجي»، مع إضافة تعديل ألزم بموجبه الجهاز للمرة الأولى بتقديم تقارير وبيانات للجان المختصة في البرلمان، إذ كان لا يخضع للسلطة التشريعية، بل يتبع رئاسة الجمهورية.
وأجاز البرلمان كذلك تكوين محاكم خاصة بجهاز الأمن والمخابرات، تختص بمحاكمة منسوبيه، ونصوصاً تتعلق بحرية الاعتقاد والعبادة والمذهب، وحرية التعبير والإعلام والتجمع والتنظيم. وأجرى البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تعديلات دستورية، استحدث بموجبها منصب رئيس وزراء، إنفاذاً لتوصيات القوى المشاركة في الحوار الوطني، وهو المنصب الذي يستحدث للمرة الأولى منذ ما يقرب من 30 عاماً، وتعديلات أخرى نقل بموجبها بعض صلاحيات الرئيس لرئيس الوزراء، وغير اسم الحكومة من «حكومة الوحدة الوطنية» إلى «حكومة الوفاق الوطني».
وتمسك حزب المؤتمر الشعبي المشارك في الحوار، الذي أسسه زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي، وهو أكبر الأحزاب المشاركة في الحوار الذي تقاطعه قوى سياسية رئيسية، بإجراء تعديلات دستورية «تحفظ الحريات العامة وتقلص صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات»، ورهن استمراره في المشاركة بإجازة هذه التعديلات، التي من دونها سيواصل الأمن «قمعه» للأحزاب والقوى المعارضة، مما يحول دون الحريات العامة.
وكان مقرراً تكوين حكومة «وفاق وطني» وفقاً للوثيقة الوطنية، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن خلافات بين حزب المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، على هذه النقاط أدى لتأخير إعلانها أكثر من مرة.
كما نصت التعديلات الدستورية على أن يكون من مهام الحكومة المزمع تشكيلها إعداد الدستور الدائم للبلاد، بديلاً للدستور الانتقالي الذي تمت إجازته في عام 2005 وفقاً لاتفاقية السلام السودانية المعروفة بـ«نيفاشا» التي أفضت لانفصال جنوب السودان، وتكوينه دولة مستقلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.