«مسيرة من أجل العلم» تحشد الآلاف في أميركا

مسيرة من أجل العلم في مدن أميركية (إ.ب.أ)
مسيرة من أجل العلم في مدن أميركية (إ.ب.أ)
TT

«مسيرة من أجل العلم» تحشد الآلاف في أميركا

مسيرة من أجل العلم في مدن أميركية (إ.ب.أ)
مسيرة من أجل العلم في مدن أميركية (إ.ب.أ)

شارك آلاف العلماء والأشخاص في مسيرات بالولايات المتحدة وخارجها يوم السبت تزامنا مع «يوم الأرض». ووصفها منظموها بأنها «احتفال» بالعلم في مواجهة التجاهل المتزايد للمعارف القائمة على الأدلة والبراهين.
تخللت المسيرات إلقاء كلمات لباحثين وخبراء في مجال البيئة، فضلا عن عروض موسيقية في متنزه «ناشيونال مول» بواشنطن.
وشهدت مئات المدن والبلدات من بوسطن إلى سيدني بأستراليا مسيرات واحتفالات حيث حمل المشاركون لافتات مثل «لا يوجد كوكب بديل» و«فلنجعل العلم عظيما مرة أخرى» على غرار تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية بأن «يجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى».
وفي حين أشار القائمون على المسيرات إلى أنها غير حزبية، احتج كثير من المشاركين على اقتراح ترمب خفض ميزانية العلوم والأبحاث الاتحادية وأيضا على تشكيك إدارته في آثار تغير المناخ والحاجة إلى خفض درجات حرارة الأرض.
ومثلت المسيرات تطورا جديدا لأنشطة يوم الأرض التقليدية وأشار موقع المسيرات على الإنترنت إلى أنها استهدفت إعادة التأكيد على «الدور الحيوي الذي يلعبه العلم في ديمقراطيتنا».
وقال كريس تايلور (24 عاما): «من المهم أن نظهر لتلك الإدارة أننا نهتم بالحقائق». وشارك تايلور الذي حضر مبكرا مع حشد مؤلف من نحو 15 ألف متظاهر في عدة حلقات نقاشية عن موضوعات مثل التغير المناخي ونوعية المياه واستدامة الغذاء.
وأضاف تايلور الذي يسعى للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الإنسان الآلي من جامعة جورج ماسون في ولاية فيرجينيا: «يبدو أنهم لا يهتمون في الحقيقة بالنمو الاقتصادي ولا بابتكار تكنولوجيا جديدة لكن فقط خدمة المؤسسات العملاقة».
تلك المسيرات هي الأحدث في سلسلة من المظاهرات على مستوى البلاد نظمت منذ تولي ترمب السلطة قبل نحو 100 يوم.
ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق يوم السبت لكن أصدر ترمب بيانا أوضح فيه الخطوات التي ستتخذها إدارته للحماية من التلوث في الوقت الذي تخفف فيه القيود على الصناعة.
وقال في بيانه: «إدارتي تخفف الأعباء غير الضرورية على العمال الأميركيين والشركات الأميركية لكن في الوقت ذاته يجب أن تكون هذه الإجراءات تأخذ في الحسبان حماية البيئة».
وأضاف أن العلم أمر «حاسم لجهود إدارتي لتحقيق الهدف المزدوج للنمو الاقتصادي والحماية البيئية».
وفي الماضي وصف ترمب التغير المناخي بأنه خدعة. وتدرس إدارته الانسحاب من اتفاق باريس الذي يهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.
وتدعو ميزانية ترمب المقترحة لعام 2018 لإجراء خفض كبير لمخصصات الوكالات العلمية الحكومية والتي تتضمن تخفيضا نسبته 31 في المائة في ميزانية وكالة حماية البيئة.
أما كيلان بايكر، وهو زميل في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة وكان أحد من تحدثوا في الحلقات النقاشية في متنزه ناشيونال مول، فتحدث قائلاً: «كعلماء وكبشر مهمتنا واضحة هي أن ندافع عما نعرف أنه صحيح».
وأشارت سارة بينكو (22 عاما)، مهندسة مدنية جاءت من بونتياك في ولاية ميشيجان لحضور المسيرة في واشنطن: «العلم لا يحظى باحترام ويحتاج لأن يكون كذلك... وجودي هنا يمنحني الأمل بالتأكيد في أن هناك أعدادا غفيرة من الناس تؤيد العلم وتدعم التنظير العلمي».



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.