مؤشرات اقتصادية متناقضة من آيرلندا

احتفال بنمو مزدهر... تعكره هواجس تداعيات «بريكست»

توضح أرقام الميزانية هذه السنة عودة الإنفاق العام إلى النمو لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والأمن بعد سنوات التقشف القاسية
توضح أرقام الميزانية هذه السنة عودة الإنفاق العام إلى النمو لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والأمن بعد سنوات التقشف القاسية
TT
20

مؤشرات اقتصادية متناقضة من آيرلندا

توضح أرقام الميزانية هذه السنة عودة الإنفاق العام إلى النمو لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والأمن بعد سنوات التقشف القاسية
توضح أرقام الميزانية هذه السنة عودة الإنفاق العام إلى النمو لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والأمن بعد سنوات التقشف القاسية

تأتي من آيرلندا مؤشرات متناقضة، بين نمو اقتصادي هو الأفضل أوروبياً من جهة، وخوف من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
فقد أصدرت وزارة المالية هذا الأسبوع تقديرات للنمو الاقتصادي في عام 2017 تتراوح ما بين 3.5 إلى 4.3 في المائة، بعد نمو بلغ 5.3 في المائة العام الماضي. وتؤكد الوزارة أن «التأثير السريع لاستفتاء الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي (البريكست) الذي جرى في يونيو (حزيران) الماضي لم يكن بالسوء الذي توقعه الاقتصاديون، لكن علينا أن ننتظر نهاية مفاوضات الخروج لنعرف حقيقة التأثير الممكن في الاقتصاد الآيرلندي. أما النمو المحقق بنسب مزدهرة الآن فهو مدعوم بالاستثمارات؛ لا سيما الأجنبية منها، وارتفاع أرباح الشركات المستفيدة من انخفاض ضرائب الأرباح، إلى جانب الطلب الاستهلاكي الداخلي الذي عاد إلى النمو منذ عام 2014».
وتشير تقارير رسمية إلى «نجاح آيرلندا في وقت قياسي في الخروج من الأزمة الخانقة التي حلت بها في عام 2010. وسجلت سبقاً في أنها أول بلد أوروبي خرج من برنامج الإنقاذ من أزمة الديون السيادية». وهبطت البطالة من 15 في المائة إلى 8 في المائة، ومتوقع لهذه النسبة في 2017 أن تهبط إلى 6.7 في المائة مع خلق المزيد من فرص العمل التي دفعت آيرلنديين كانوا هاجروا إلى بلدان أوروبية أخرى، إلى العودة إلى ديارهم.
كما تراجعت نسبة الدين العام من 130 إلى 100 في المائة من الناتج، واستطاعت الحكومة خفض نسبة العجز في الموازنة إلى ما دون المعدل المطلوب وفقاً للمعايير الأوروبية، أي إلى أقل من 3 في المائة من الناتج.
وتمكنت البلاد من احتواء الأزمة وتجاوز تداعياتها بعد خفض كبير في الإنفاق العام، وإجراءات ضريبية جذبت المستثمرين وخففت الأعباء عن الأسر الأقل دخلاً. ففي آيرلندا حالياً أدنى نسب اقتطاع ضريبي أوروبياً، وبمعدل 12.5 في المائة، مقابل أكثر من 40 في المائة في فرنسا على سبيل المثال لا الحصر.
وتوضح أرقام الميزانية هذه السنة عودة الإنفاق العام إلى النمو، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والأمن بعد سنوات التقشف القاسية ما بين 2010 وحتى 2014. وعادت الثقة إلى القطاع المصرفي الذي شهد إفلاسات وتعثرات وهجرة رساميل بكثافة، كما استعادت آيرلندا ثقة أسواق الدين بملاءتها وقدرتها على السداد بعد أن انقطعت عن ذلك عدة سنوات؛ كانت خلالها تأخذ الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار على شكل مساعدات وإقراض ميسر لرسملة المصارف وسداد ديون سيادية وشراء أصول متعثرة. ووصلت كلفة الإنقاذ عموماً إلى نحو 127 مليار يورو كما في بداية 2014.
لكن اقتصاديين يحذرون من انكسار حلقة التعافي والانتعاش تأثراً بمفاعيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكل الخوف، برأيهم، من فشل الوصول إلى تسوية في المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين. فآيرلندا البلد الأوروبي الوحيد الذي له حدود برية مباشرة مع بريطانيا وتحديداً مع آيرلندا الشمالية. وأي تقييد لحرية انتقال الأفراد والسلع والرساميل سيؤدي حتماً إلى ثمن اقتصادي تدفعه آيرلندا، لأن بريطانيا مقصد 40 في المائة من الصادرات الزراعية والصناعية الآيرلندية، وفيها تتمركز شركات عالمية تستفيد من ملاذها الضريبي؛ لا سيما شركات التكنولوجيا الأميركية وشركات الأدوية.
وبدأت التداعيات تطل برأسها نسبياً بعد تسجيل الصادرات الآيرلندية نمواً متواضعاً نسبته 2.4 في المائة فقط في عام 2016، مقابل 34 في المائة في عام 2015. وبين تبريرات ذلك الهبوط انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني إلى جانب التراجع في الطلب البريطاني. لكن آيرلندا عوضت بعض ذلك الفاقد بزيادة صادراتها إلى الصين والولايات المتحدة الأميركية.
ويقول الاقتصادي الآيرلندي أنطوان مورفي: «نشعر بالتداعيات أكثر من غيرنا في الاتحاد الأوروبي. المزارعون والمواطنون الذين يعيشون قرب الحدود مع آيرلندا الشمالية هم الأكثر خوفاَ، فهؤلاء سيرون نشاطهم متأثراً بنسبة 40 في المائة على الأقل».
ويؤكد مزارعون وصناعيون أن «عملاء كانوا يوقعون عقوداً طويلة الأجل بسهولة، باتوا اليوم أكثر تردداً ويطلبون مهلاً لدرس الموقف».
ويؤكد محللون أنه «إذا عادت الحدود مع آيرلندا الشمالية؛ وبالتالي مع المملكة المتحدة، ستتأثر حركة التجارة وحرية انتقال الأفراد والرساميل، وسيكون لذلك بعض الثمن السياسي أيضاً بين الآيرلنديين». علما بأن رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي استبعدت عودة تلك الحدود والعراقيل، مؤكدة أن ذلك «أولوية في النقاشات مع الاتحاد الأوروبي».
ومن القطاعات المتوجسة قطاع النقل الجوي، لا سيما شركة «ريان إير» عملاق الطيران الآيرلندي المنخفض التكاليف، الذي استفاد في توسعه السريع من تسهيلات الضوابط التنظيمية في صناعة النقل الجوي الأوروبية والتسهيلات الخاصة في مطارات بريطانيا لا سيما هيثرو، حتى باتت الشركة تطير إلى 1100 محطة، وتحولت إلى أكبر شركة طيران اقتصادية أوروبية تنقل 120 مليون مسافر سنوياً. وقد تجد «ريان إير» نفسها اعتباراً من عام 2019 أمام واقع جديد يجبرها على تعليق رحلات، لا سيما إلى مطارات بريطانيا.
وفي موازاة الخوف من «البريكست»، تسعى الحكومة الآيرلندية لمواكبة نقاش وضع حي المال في لندن، بعد حصول الانفصال بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لمعرفة حظوظ دبلن في لعب دور ممكن إذا فقدت لندن جزئياً أو كلياً دورها المالي المحوري.
وتحاول الحكومة مغازلة البنوك وشركات التأمين الكبرى المتمركزة في لندن لتأتي وتفتح فروعاً في دبلن لتستمر بسهولة في تسويق خدماتها داخل الاتحاد الأوروبي. ولهذا الغرض تحاول العاصمة الآيرلندية منافسة فرانكفورت وباريس ولوكسمبورغ وأمستردام الساعية أيضاً للحلول محل لندن في هذا القطاع الحيوي... لكن بريطانيا لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، وهي حتماً متمسكة بدور مركز لندن المالي العالمي الذي لا منافس له أوروبياً بعد، وفقاً للمحللين الماليين.
وفي بروكسل، يؤكد المتابعون أن «آيرلندا ذات وضع خاص جداً في معضلة (البريكست)، لأنها بحصوله تفقد حدوداً مع الاتحاد الأوروبي وتصبح كما لو أنها دولة معزولة جغرافياً في الاتحاد. لذا يتحرك سياسيوها واقتصاديوها على كل المستويات بين لندن وبروكسل وباريس وبرلين للحصول على دعم يخفف حدة التداعيات الممكنة».
وبنظر كبار موظفي المفوضية الأوروبية فإن هناك مفارقات تعترض هذا التحرك، أبرزها رفض المفوضية مبدئياً طلبات آيرلندية معينة، مثل طلب تعويض المزارعين الذين تضرروا من انخفاض الجنيه الإسترليني. وقيل في بروكسل: «كيف يطلبون مساعدات بعدما رفضوا حكماً أوروبياً قضى بأن تدفع شركة آبل الأميركية غرامة 13 مليار يورو لأنها اعتبرت متهربة ضريبياً في آيرلندا بفعل تسهيلات أعطيت لها غير مطابقة لشروط المفوضية؟».



«وول ستريت» تسجل أعلى مستوياتها في أسبوع

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
TT
20

«وول ستريت» تسجل أعلى مستوياتها في أسبوع

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفعت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» إلى أعلى مستوياتها خلال أسبوع، يوم الأربعاء، مدفوعة بآمال تهدئة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع الرئيس دونالد ترمب عن تهديده بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.

وأسهمت توقعات خفض الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية إلى ما بين 50 في المائة و60 في المائة، وفقاً لتصريحات نقلتها «وول ستريت جورنال» عن مسؤول بارز في البيت الأبيض، في تعزيز ثقة المستثمرين، فيما عززت تصريحات ترمب الأخيرة بشأن عدم نيته عزل باول من الزخم الإيجابي في الأسواق، بعد تراجعه عن تصريحات سابقة أثارت قلق الأسواق بشأن استقلالية البنك المركزي، وفق «رويترز».

ورحّبت الأسواق بتغيير نبرة الرئيس، إذ تسببت انتقاداته السابقة لباول في موجة بيع للأصول الأميركية، لا سيما الأسهم والدولار، مطلع الأسبوع. وقالت ليزلي طومسون، رئيسة قسم الاستثمار في «سبكتروم لإدارة الثروات»، إن تراجع حدة تصريحات ترمب بشأن السياسة النقدية، والتفاؤل بشأن التهدئة التجارية، «مهّدا الطريق» لصعود الأسهم، مضيفة: «رغم فترة الركود الأخيرة، فإن التداول اليوم يتصدر المشهد».

كما دعمت نتائج الشركات المعنويات، إذ قفز سهم «تسلا» بنسبة 3 في المائة بعد نتائج قوية فاقت التوقعات. وأعلن إيلون ماسك تنحيه عن منصبه في إدارة ترمب للتركيز على إدارة شركاته الخاصة.

وبحلول الساعة 9:48 صباحاً بتوقيت نيويورك، صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ1.047 نقطة (2.66 في المائة) إلى 40.227 نقطة، وارتفع «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 3.20 في المائة إلى 5.457 نقطة، وقفز مؤشر «ناسداك» المركب بـ4.10 في المائة ليصل إلى 16.968 نقطة.

وسجّلت شركات التكنولوجيا مكاسب قوية، إذ ارتفع سهم «إنفيديا» بنسبة 5.1 في المائة، و«أبل» و«ميتا بلاتفورمز» بـ3.6 في المائة و6.7 في المائة على التوالي، رغم غرامات أوروبية فرضت عليهما.

وقادت قطاعات التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية التقديرية المكاسب الأوسع، مرتفعة بأكثر من 4 في المائة. كما ارتفع مؤشر أشباه الموصلات في فيلادلفيا بنحو 6 في المائة، وقفز مؤشر «راسل 2000» للشركات الصغيرة بـ4.1 في المائة.

وانخفض مؤشر التقلبات «فيكس» إلى 27.79 نقطة، وهو أدنى مستوياته منذ 3 أبريل (نيسان)، ما يشير إلى تراجع مستويات القلق في الأسواق.

وكانت الأسواق قد تأثرت سلباً في وقت سابق من الأسبوع بسبب انتقادات ترمب لباول وسياساته التجارية المتقلبة، التي دفعت مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى التراجع بأكثر من 11 في المائة من أعلى مستوياته في فبراير (شباط). ومع ذلك، يرى محللون أن موجة الصعود الحالية تبدو أكثر استقراراً.

من جهة أخرى، ارتفع سهم «بوينغ» بنسبة 5.3 في المائة بعد تسجيل خسائر فصلية أقل من المتوقع، متصدرة مكاسب «داو جونز».

ورغم الإيجابية في الأسواق، أظهرت بيانات اقتصادية تباطؤ نشاط الأعمال في أبريل إلى أدنى مستوياته في 16 شهراً، مصحوباً بارتفاع حاد في أسعار السلع والخدمات في ظل حالة من عدم اليقين التجاري.