القلق يساور الشركات الأميركية حيال «هشاشة» المحادثات مع الصين

شكوك حول نجاعة برنامج الـ100 يوم في حل مشكلات 20 عاما

القلق يساور الشركات الأميركية حيال «هشاشة» المحادثات مع الصين
TT

القلق يساور الشركات الأميركية حيال «هشاشة» المحادثات مع الصين

القلق يساور الشركات الأميركية حيال «هشاشة» المحادثات مع الصين

تهدف خطة جرى الإعلان عنها، بعد قمة أميركية صينية عقدت الأسبوع الماضي لإجراء مباحثات تجارية على مدار 100 يوم، إلى معالجة قضايا تجارية شائكة استمرت عشرات السنين، وهو ما يثير قلق بعض رؤساء الشركات الأميركية من أن الإطار الزمني «القصير» قد يسفر عن نتائج سطحية.
ويشعر المسؤولون التنفيذيون بالقلق إزاء احتمال أن يؤثر تركيز الرئيس دونالد ترمب على تقييد برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي سلبا على المصالح التجارية الأميركية في الصين.
وبعد أيام من اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، قال ترمب في تغريدة على «تويتر» إن بكين ستحصل على اتفاق أفضل للتجارة مع واشنطن إذا ساعدت في حل مشكلة بلاده مع بيونغ يانغ.
وقال جيمس زيمرمان، وهو محام يعمل في بكين والرئيس السابق لغرفة التجارة الأميركية في الصين، إنه لا ينبغي استغلال مجتمع الأعمال الأميركي كورقة تفاوضية، بحسب رويترز، موضحا أن «الربط بين اتفاق ترمب (التجاري الأفضل) وكوريا الشمالية، مساومة غير محترفة وغير منطقية في أفضل الأحوال».
وكان البيت الأبيض قال إن المسؤولين الأميركيين والصينيين ما زالوا في المراحل الأولى لبلورة تعهد ترمب وشي بوضع خطة المحادثات التي تمتد لمائة يوم لتخفيض العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين، والذي بلغ العام الماضي 347 مليار دولار.
وكان التعهد واحدا من بين مجموعة محدودة من النتائج المعلنة لاجتماع الرئيسين الأول في فلوريدا.
وفي الوقت الذي تعهد فيه ترمب بمعالجة الاختلالات التجارية بقوة وفتح السوق الصينية أمام المزيد من السلع والخدمات الأميركية، يرى ويليام زاريت الرئيس الحالي لغرفة التجارة الأميركية أن المحادثات ضرورية لمعالجة «المعوقات الهيكلية» التي تواجهها الشركات الأميركية في الصين. وقال زاريت لـ«رويترز»: «من الأفضل أن نتباحث بدلا من أن نخوض حربا تجارية. لكن تذكر أننا أجرينا محادثات لمدة 20 عاما ولم نتقدم كثيرا».
كان البيت الأبيض قال إن قضايا من بينها فتح قطاع الخدمات المالية الصيني ودخول صادرات لحوم الأبقار الأميركية إلى الصين، ضمن الموضوعات المطروحة للنقاش.
وقال فيليب سينغ، الرئيس التنفيذي لاتحاد صادرات اللحوم الأميركية: «سعدنا بسماع أن الأمر جرى تصعيده إلى أعلى المستويات في الحكومتين، وأن هناك تعهدا بحل قضية دخول لحوم الأبقار الأميركية بسرعة»... لكن آخرين ما زالت تنتابهم شكوك.
وقال جيمس مكغريغور، رئيس مجلس إدارة ابكو ورلد وايد في الصين، إن قضية «لحوم الأبقار كان يجب أن تُغلق قبل عشر سنوات. حقيقة أن هذا الأمر مستمر منذ مدة طويلة دليل على الخلل في الطريقة التي نتفاوض ونتعامل بها مع بعضنا البعض».
ولم تشتر الصين أي لحوم أبقار أميركية تقريبا منذ قامت العام الماضي برفع مشروط لحظر على الواردات جرى فرضه في عام 2003 بسبب حالة مرض «جنون البقر» في واشنطن.
وعلى الرغم من أن تقارير إعلامية أولية تشير إلى أن شي ربما يكون قد عرض دخول لحوم الأبقار الأميركية كنوع من التنازل بهدف درء زيادة التوترات التجارية، بدا هذا الأسبوع أن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ يربط بين إحراز التقدم في هذه القضية والقيود الأميركية على استيراد بعض منتجات الدواجن الصينية لأسباب تتعلق بسلامة الغذاء.
وبحسب ما نقلته «بكين نيوز» التي تديرها الدولة، كان لي أبلغ وفدا من الكونغرس الأميركي في بكين يوم الاثنين أن «الصين ترغب في استيراد لحوم أبقار أميركية قادرة على المنافسة في السوق وتلبي معايير الجودة والصحة». وقال لي إن «الدواجن الصينية تتمتع أيضا بتنافسية كبيرة في السوق العالمية. نأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة من رفع الحظر على واردات الدواجن الصينية سريعا... بهذه الوسيلة فقط يمكننا أن نجسد التجارة العادلة بطريقة أفضل».
* أمور تحكمها السياسة
وفي الوقت الذي تتردد فيه كل شركة منفردة في انتقاد الصين خوفا من رد فعل عنيف، يتهم منتقدون من مجموعات أعمال أميركية بكين بتقديم دعم «غير عادل» للشركات المحلية وتقييد الاستثمار الأجنبي في معظم قطاعات ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وعلى سبيل المثال، ساهم تقييد ملكية الأجانب في شركات التأمين على الحياة بنسبة 50 في المائة كحد أقصى في تقييد حصتهم السوقية عند نحو ستة في المائة، على الرغم من تعهدات صينية في عام 2001 لمنظمة التجارة العالمية بإلغاء ذلك السقف.
وكررت بكين مرارا تعهدات بفتح قطاع الخدمات المالية أكثر أمام الشركات الأجنبية، لكنها قدمت القليل من التفاصيل بشأن التطبيق.
وقال جاكوب باركر، نائب رئيس مجلس الأعمال الأميركي الصيني المعني بعمليات الصين، إن المخاوف تظل قائمة من أن الصين ستقدم تعهدات دون أن تنفذها، أو ستتخذ خطوات محدودة فقط.
وفي الوقت الذي يمكن للحكومة أن تحذف فيه بعض الصناعات من قائمة تضم قطاعات عليها قيود أمام الاستثمار الأجنبي، فإن الشركات ربما تظل تواجه الروتين الحكومي وعقبات الحصول على تراخيص.
وقال باركر إن «هناك الكثير من السبل التي يمكن للصين من خلالها وصف شيء بأنه انفتاح؛ وهو ليس كذلك».
وكان شي قد اقترح خلال اجتماعات عقدها مع ترمب المزيد من التعاون في تنمية البنية التحتية، لكن عمل الشركات الحكومية الصينية في مشروعات أميركية عامة كبرى أمر تتدخل فيه السياسة بقوة في الولايات المتحدة، حيث تعهد ترمب خلال حملته الانتخابية بتوفير فرص عمل.
ويُنظر إلى قطاعات التكنولوجيا الفائقة، والتي تأمل الصين في ضخ استثمارات بها، مثل أشباه الموصلات والواقع الافتراضي والسيارات ذاتية القيادة، على أنها قطاعات حساسة. وعلى الأرجح سيتوجب على مثل تلك الشراكات إزالة معوقات تتعلق بالأمن القومي.
ويتساءل المشككون عما إذا كان تعاون الصين في إصلاح الخلل التجاري سيكون مقتصرا على مجالات تخدم الاحتياجات الصينية، مثل زيادة واردات الغاز والنفط والفحم من الولايات المتحدة.
وكان شي قد توقف في ألاسكا في طريق عودته إلى بلاده ليعقد اجتماعا مع حاكمها بيل ووكر الذي روج لموارد الولاية من النفط والغاز والمعادن.
وقال مكغريغور إنه فيما يخص دخول السوق، فإن تقليص القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي في قطاعات البنوك والأوراق المالية وإدارة الاستثمارات والعقود الآجلة والتأمين والتصنيف الائتماني والمحاسبة - وهو ما تعهدت به بكين بالفعل - سيساعد الصين على تحسين جودة الأدوات المالية ويجعل أسواقها أكثر استقرارا وحرفية.
وأوضح مكغريغور: «إذا ألقيت نظرة على الأمور التي تتحدث الصين عن فتحها، ستجدها جميع المجالات التي تحتاج فيها الصين إلى المساعدة».



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.