مقتل وإصابة المئات من مهجّري الفوعة وكفريا في تفجير غامض غربي حلب

قوافل المبعدين استأنفت رحلاتها بعد توقفها لـ37 ساعة

عناصر من المعارضة يفحصون إحدى الحافلات التي دمرها التفجير الغامض أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المعارضة يفحصون إحدى الحافلات التي دمرها التفجير الغامض أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل وإصابة المئات من مهجّري الفوعة وكفريا في تفجير غامض غربي حلب

عناصر من المعارضة يفحصون إحدى الحافلات التي دمرها التفجير الغامض أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المعارضة يفحصون إحدى الحافلات التي دمرها التفجير الغامض أمس (أ.ف.ب)

قتل واصيب المئات من مهجّري بلدتي الفوعة وكفريا، جراء تفجير غامض أمس استهدف نقطة تجمّعهم في منطقة الراشدين، غربي مدينة حلب، بشمال سوريا. في حين استؤنفت مساء أمس، عملية نقل مهجّري «البلدات الأربع»، الذين بقوا عالقين لمدة 37 ساعة داخل الحافلات في أطراف حلب، نتيجة خلافات بين «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) والجانب الإيراني، واحتجاج «الهيئة» على ما وصفته بـ«إخلال الطرف الآخر بشروط الاتفاق.
وافادت مصادر بمقتل مائة شخص على الاقل وإصابة نحو 500 آخرين في التفجير الذي قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه نفذ بسيارة (بيك آب) مفخخة في نقطة تجمع حافلات الخارجين من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين، التي كانت لا تزال متوقفة منذ صباح الجمعة في منطقة الراشدين بانتظار استكمال الجزء الأول من المرحلة الأولى من اتفاق التغيير الديموغرافي.
وقال إن التفجير «أسفر عن أضرار مادية بالحافلات التي كان يبلغ عددها 75 حافلة، بالإضافة إلى 20 سيارة إسعاف».
في هذه الأثناء، أوضح مصدر عسكري في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الغموض يكتنف التفجير لأنه وقع في منطقة تماس بين فصائل المعارضة والنظام». وأشار المصدر إلى أن «أكثر من 17 عنصراً من مقاتلي المعارضة قضوا بالتفجير، بينما قتل نحو 50 شخصاً من أبناء كفريا والفوعة، لأن الانفجار كان ضخماً، واستهدف الباصات الخمسة التي كانت في مقدمة القافلة». ولفت المصدر المعارض إلى أن «حالة من الفوضى تعمّ المكان، حيث يجري نقل المصابين إلى مشافٍ ميدانية».
ومن ناحية ثانية، اتهم مصدر رفيع المستوى في المعارضة السورية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية النظام السوري بأنه دبر عملية التفجير، موضحاً أن السيارة المفخخة التي وصلت لمكان الحافلات «قدمت من مناطق قوات النظام وتحمل مواد غذائية وأن عددا من عناصر (حزب الله) اللبناني هربوا من مكان تجمّع الحافلات، واستغلوا الفوضى التي حصلت بعد التفجير ودخلوا إلى مناطق سيطرة النظام». في المقابل، نفى تمام محرز، مدير العمليات في الهلال الأحمر السوري، أن «تكون السيارة المفخخة دخلت عن طريق الهلال الأحمر السوري» لافتا إلى أن ثلاثة من عناصر الهلال أصيبوا في التفجير.
إلى ذلك، قال التلفزيون السوري الرسمي الناطق باسم النظام، إن «عددا من الناس سقط بين قتيل ومصاب في تفجير حي الراشدين»، من دون أن يذكر عدد الضحايا. وأظهرت صور نشرها التلفزيون جثثاً مسجاة على الأرض وألسنة لهب تبعث بأعمدة كثيفة من الدخان الأسود، فيما تحطمت نوافذ حافلات. وأما وحدة الإعلام الحربي التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، فقالت، إن «مهاجما انتحاريا فجّر سيارة ملغومة قرب قافلة الحافلات».
وعلى صعيد الخسائر في الأرواح، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر أمني سوري قوله، إن 61 قتيلا بينهم 39 طفلا وأكثر من 125 جريحا، بعضهم حالاتهم حرجة سقطوا في التفجير الضخم، وأن «سيارة مفخخة استهدفت الحافلات».
على صعيد آخر، أعلن «المرصد» مساء أمس عن استئناف المرحلة الأولى من ترحيل مهجري «البلدات الأربع» (الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني) الذين بقوا عالقين لـ37 ساعة في أطراف مدينة حلب. وذكر «بدأت عملية استئناف الجزء الأول من المرحلة من اتفاق التغيير الديموغرافي، بعد استكمال الإجراءات اللوجيستية للعملية». وأشار إلى أن «عملية انطلاق الحافلات المتجمعة في منطقتي الراموسة والراشدين بأطراف مدينة حلب. وبدأت بتحرك 5 حافلات من تجمع حافلات مضايا في الراموسة، ويبلغ عددها نحو 60 حافلات إضافة لسيارات إسعاف وتحمل على متنها نحو 2200 مدني ومقاتل، مقابل انطلاق 5 حافلات من تجمع حافلات الفوعة وكفريا في الراشدين ويبلغ عددها 75 حافلة مع 20 سيارة إسعاف وتحمل على متنها نحو 5 آلاف شخص بينهم نحو 1300 من المسلحين الموالين للنظام. وسيكمل مهجرو مضايا طريقهم إلى إدلب، بينما ستجري عملية إدخال حافلات الفوعة وكفريا إلى مدينة حلب».
وفي سياق متصل، عزا الناشط الإغاثي في مضايا محمد الشامي تعليق العملية الذي دام ليوم ونصف إلى «نكوث النظام ببنود الاتفاق الذي وقعه مع الجانب الإيراني». وأكد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق «يقضي بإخراج جزء من أهل مضايا وكل أبناء الزبداني المهجرين إلى مضايا، وكل مقاتلي الزبداني مع عوائلهم، مقابل إخراج جميع مقاتلي الفوعة وكفريا مع عوائلهم». لكنه أشار إلى أن النظام «لم يسمح بإخلاء مقاتلي الزبداني».
وتابع الشامي «عند وصول قافلة الفوعة وكفريا إلى حي الراشدين، أوقفها مقاتلو (هيئة تحرير الشام) بسبب النكوث بالعهد». وكشف أن «حالة من الخوف تسود مهجري مضايا وكفريا، لأنه على إثر تفجير حي الراشدين، طلب عناصر النظام والميليشيات الإيرانية من مهجّري مضايا العودة إلى نقطة التجمع فوراً، والصعود إلى الحافلات، من دون معرفة الأسباب».
يذكر أن ما بات يعرف باتفاق «البلدات الأربع» أي الزبداني ومضايا بمحافظة ريف دمشق وكفريا والفوعة بريف محافظة إدلب، شمل مخيم اليرموك في جنوب العاصمة دمشق، ونصّ على «إخلاء كامل الفوعة وكفريا بمدة زمنية قدرها 60 يوماً على مرحلتين، في مقابل إخلاء بلدة الزبداني وأهالي البلدة المهجرين إلى مضايا والمناطق المحيطة إلى الشمال السوري، ووقف إطلاق النار في المناطق المحيطة بالفوعة وكذلك منطقة جنوب العاصمة دمشق (يلدا وببيلا وبيت سحم)، وهدنة لمدة تسعة أشهر في هذه المناطق، وإدخال المساعدات الإنسانية إليها من دون توقف، إضافة إلى إدخال مساعدات إلى حي الوعر في مدينة حمص، وإخلاء 1500 أسير من سجون النظام من المعتقلين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».