بوتين يتعهد بالتصدي لـ«الثورات الملونة»

يصر على وصفها بـ {سيناريوهات} غربية الصنع لتغيير أنظمة الحكم

بوتين (وسط) مع الرئيس الطاجكستاني إيمومالي راخمون (يمين) والرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف (أ.ب)
بوتين (وسط) مع الرئيس الطاجكستاني إيمومالي راخمون (يمين) والرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف (أ.ب)
TT

بوتين يتعهد بالتصدي لـ«الثورات الملونة»

بوتين (وسط) مع الرئيس الطاجكستاني إيمومالي راخمون (يمين) والرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف (أ.ب)
بوتين (وسط) مع الرئيس الطاجكستاني إيمومالي راخمون (يمين) والرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف (أ.ب)

وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعه الرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف «الثورات الملونة» إلى جانب الإرهاب الدولي، على قائمة مصادر تهديد أمن واستقرار الجمهوريات السوفياتية السابقة. ونظراً للدعم الأميركي الذي حظيت به انتفاضات في أوكرانيا وجورجيا، يطلق المسؤولون في روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى صفة «ثورة ملونة» على أي حراك شعبي أو انتفاضة جماهيرية تهب احتجاجاً على ممارسات السلطات. ويصنف هؤلاء الانتفاضات الشعبية ضد الظلم والديكتاتورية في الشرق الأوسط بأنها جزء من «مسلسل الثورات الملونة». وكانت الضرورة الملحة بالحد من انتشارها وانتقال شرارتها إلى جمهوريات سوفياتية تعيش وضعا سياسيا شبيها بوضع عدد من الدول العربية، أحد أسباب التدخل الروسي في سوريا، وفق ما تشير إليه تصريحات مسؤولين روس.
وتعهد بوتين في حوار مؤخراً على قناة تلفزيون «مير» بأن روسيا لن تسمح بـ«ثورات ملونة» لا داخل البلاد ولا في أي واحدة من الجمهوريات السوفياتية السابقة الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وفي إجابته على سؤال: «لو وضعنا قائمة التهديدات لأمن دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فكيف ستبدو القائمة؟»، أشار بوتين بالدرجة الأولى إلى «الإرهاب والتطرف بمختلف أنواعه، ومن ثم تجارة المخدرات، والجريمة العابرة للحدود»، ومن ثم شدد على «ضرورة أن لا ننسى التهديدات الأكثر عالميةً»، ويقصد «الثورات الملونة» التي قال إنها «نظريات يجري تطبيقها في مختلف مناطق العالم، وتؤدي إلى زعزعة خطيرة للوضع في تلك المناطق». وشدد «نحن بالطبع لن نسمح بأي شيء كهذا، يجب علينا وسنحاول بشتى السبل، وسنتصرف بالشكل المناسب، (في مواجهة أمر كهذا) في روسيا، كما سنقدم مختلف أشكال الدعم لشركائنا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي» (بحال حدثت لديهم «ثورات ملونة»).
وفي السياق ذاته، يرى الرئيس القرغيزي ألماز بيك أتامبايف في تلك الثورات تدخلا أميركيا في شؤون الدول الأخرى، وقال في تصريحات مؤخراً: «ما زلنا نشهد محاولات الغرب فرض مبادئهم وقيمهم، دون أخذ طبيعة المجتمعات بالحسبان، ودون منح أي اعتبار للمرحلة من التطور التي تقف عندها هذه الدولة أو تلك»، وأعرب عن قناعته بأن التدخل متمثلا بالثورات الملونة «يؤدي إلى وضع كالذي نراه الآن في العراق وسوريا وليبيا». وأعرب الرئيس القرغيزي عن أمله بأن تعمل الإدارة الأميركية الجديدة انطلاقا من الفكرة التي طرحها الرئيس ترمب، حين قال إنه لن يعمل على المشكلات الخارجية، ودعا إلى عدم التدخل بشؤون الدول الأخرى. ويرى أتامبايف أنه بحال التزمت الولايات المتحدة بتلك الفكرة فإن مصادر التهديد لأمن الفضاء السوفياتي السابق ستصبح أقل. وتتعامل روسيا بحساسية عالية مع أي مظاهرات في البلاد، وغالبا ما تدرجها ضمن محاولات قوى خارجية زعزعة الاستقرار الداخلي بالتعاون مع أذرع داخلية تابعة. وفي تعليقه على مظاهرات ضد الفساد شهدتها مدنا روسية يوم 26 مارس (آذار) ذهب الرئيس بوتين إلى التذكير بما قال إنها احتجاجات ضد الفساد في أوكرانيا انتهت بانقلاب عام 2014، وأشار كذلك إلى «الربيع العربي»، وإذ أكد على ضرورة التصدي للفساد، فقد اعتبر في الوقت ذاته أنه «من الصحيح إذا قامت قوى سياسية ما باستغلال هذا الأمر، ليس من أجل تحسين الوضع، بل لخلق فوضى عشية حدث سياسي ما، بما في ذلك على أبواب الحملات الانتخابية في البلاد».
وكانت الرغبة بوقف موجة ثورات «الربيع العربي» أحد الأسباب التي ساهمت في صياغة أسس الموقف الروسي من الأزمة السورية. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في مداخلة أمام طلاب معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، أثناء افتتاح منتدى سياسي اقتصادي، إن «استخدام القوات الروسية في سوريا ساهم في حل مهام جيو سياسية، حيث ساعد على إيقاف سلسلة «الثورات الملونة» التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». واتهم الوزير الروسي ثورات «الربيع العربي» التي يراها جزءاً من «الثورات الملونة» بأنها اعتمدت العنف وسيلة رئيسية لتحقيق أهدافها، متجاهلاً حيثيات ما جرى، واستخدام السلطات السلاح ضد المتظاهرين السلميين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».