رئيس الحكومة المغربية يعد باجتثاث العنف أيا كانت عقيدته

قال إن مراقبة الدولة للإسلاميين لمدة 40 سنة أثبتت أن أياديهم نظيفة

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران
TT

رئيس الحكومة المغربية يعد باجتثاث العنف أيا كانت عقيدته

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران

وعد عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية باجتثاث العنف وتجفيف منابعه كيفما كانت عقيدته، إسلامية أو يسارية أو علمانية، وذلك في إشارة إلى عملية الاغتيال التي تعرض لها قبل أسبوعين الطالب عبد الرحيم الحسناوي المنتمي لمنظمة مقربة من حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية.
وهدد ابن كيران، الذي كان يتحدث، أمس، خلال الجلسة الختامية لاجتماع المسؤولين المحليين لحزبه في بوزنيقة (جنوب الرباط)، من يمارس العنف في الجامعة، بالطرد والمتابعة، مشيرا إلى أن الجامعة يفترض أن تكون مشتلا لتكوين الباحثين، وليس مشتلا للعنف.
وشدد ابن كيران على القول إن الطلبة الإسلاميين لن ينجروا إلى رد الفعل العنيف والانتقام لزميلهم، مؤكدا أنهم سليلو الحركة الإسلامية، التي خضعت لمراقبة صارمة على امتداد 40 سنة، أثبتت أن أيادي الإسلاميين نظيفة.
وقال ابن كيران إن الأيادي الآثمة امتدت إلى روح الطالب الحسناوي، موغلة في ممارسة العنف والقتل، وهي تؤمن بأفكار هدامة وفوضوية.
واستغل ابن كيران خطابه ليهاجم حزب النهج الديمقراطي ذا المرجعية الماركسية - اللينينية، المتهم باغتيال الطالب الحسناوي، متهما إياه «بتجييش الطلبة لممارسة العنف منذ عقود خلت»، وعدّه حزبا مناوئا لوحدة تراب البلاد، وللنظام الملكي.
ووجه ابن كيران سهام نقده الحادة أيضا لقادة حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، مستغربا استخراج بعض برلمانييه وقائع تاريخية قديمة، لمواجهة حزب العدالة والتنمية، في إشارة إلى اتهام مواطنة مقيمة في الخارج للنائب عبد الصمد الإدريسي بمحاولة اغتيالها سنة 1997، واصفا ذلك بأنه «لعبة حقيرة».
وانتقد ابن كيران فوز حزب الأصالة والمعاصرة بمقعد في دائرة سيدي إفني (جنوب المغرب) خلال الانتخابات الجزئية التي جرت قبل أسبوعين، وقال إن تلك الانتخابات جرت «بطرق مدلسة»، بيد أن ابن كيران اعترف أنه «لا يتوفر على أدلة وحجج تثبت ذلك».
وانتقد ابن كيران قياديا حزبيا معارضا دون أن يذكره بالاسم والصفة، وقال إن «الغارق في الفساد، والمرتبط بالأخبار السيئة والاصطياد في الماء العكر، لن يكون زعيما».
وقدم ابن كيران مقارنة بين من يدعي الزعامة، والزعيم الحقيقي مثل علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال، الذي توفي دون أن يسدد أقساط بيته قبل أن يتكفل العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني بتسديدها من ماله الخاص.
وأكد ابن كيران أن الإسلاميين دافعوا عن الثوابت التي تدين بها البلاد، وعن استمرار المؤسسة الملكية، التي هي عمود استقرار البلاد. ونصح مناضلي حزبه بالعمل دون طلب المقابل، لأن «من جاء لتدبير الحكومة، عليه خدمة المصالح العليا للوطن، وليس الاستفادة من الصفقات العمومية والإغراءات المادية».
وقال ابن كيران إن «الثورة سهلة ولكن ماذا بعد الثورة؟»، مشيرا إلى أن «الإخوان» في مصر أحدثوا الثورة منذ 62 سنة، لكن من دون إصلاح، وقال: «الثورة سهلة لكن لا نريدها ولا تصلح لنا، نحن نريد الإصلاح مع الملك والمؤسسات والدستور»، مشددا على أنه سيظل وفيا لمن تحالف معه، وسيستمر في الإصلاحات حتى ولو خسر الانتخابات المقبلة.
وذكر ابن كيران أن المغرب لم يتداول على حكومته حزبان أو ثلاثة منذ الاستقلال، بل تداوله منطقان، وكان بينهما أشخاص يدعون لشيء ثالث، وعد أن المنطق الأول يكمن في مَن وهموا جميع السياسيين بأن هناك خطرا في البلاد لكي يمدوا أيديهم ويفعلوا ما يشاءون، أما المنطق الثاني فيتعلق بشريحة أرادت أن تصلح لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الشعب المغربي وتعلقه بالملكية وكل ما يرتبط بها، وعدّها فئة تصرفت من دون نضج كافٍ من الناحية السياسية، واصطدمت بالجدار، ولم تصل إلى ما كانت ترمي إليه. وقال: «لكن الفئة التي قالت إنها تضبط من أجل إطلاق يدها، وقع في إغرائها كثير من الأطر التي دخلت معها في منطقها، وأصبح النضال وسيلة للادعاء وقطف أكبر ما يمكن من الثمار والغنائم»، مؤكدا أن المغرب ليس غنيمة بل حلم حقيقي حافظ عليه الأجداد أكثر من 12 قرنا.
وقدم ابن كيران تفسيرا لما اصطلح على تسميتهم بـ«التماسيح والعفاريت» التي تناهض إصلاحه، موضحا «عندما أصبحت رئيس حكومة قلت (التماسيح) لأنني كنت أتكلم عن المشاريع الكبرى للدولة، مثل برامج السكن. إذ إنه على الرغم من تخصيص (ملايير) الدراهم، لا نجد أثرا لذلك على أرض الواقع، وعلى الفقراء». وبخصوص العفاريت، قال إنها «تحرك البيادق دون أن تظهر».
وذكر ابن كيران بوجود مشوشين و«مبثوثين» في الجرائد والصحف الإلكترونية والقنوات التلفزيونية، وقال: «لا أعلم من يعطيهم التوجيهات لتوظيف المكر والخداع».
يشار إلى أن الملتقى عرف حضور عبد الله باها وزير دولة، ومصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة، وإدريس الأزمي الوزير المنتدب في الميزانية، إضافة إلى برلمانيين من الحزب.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.