اشتباكات في دمشق وحلب ودرعا... وموسكو تقر بمقتل جنديين لها

النظام السوري يلقي براميل متفجرة رغم التحذيرات الأميركية

شباب صغار يتفحصون الدمار الذي تسبب به قصف طيران الأسد في درعا البلد جنوب سوريا (رويترز)
شباب صغار يتفحصون الدمار الذي تسبب به قصف طيران الأسد في درعا البلد جنوب سوريا (رويترز)
TT

اشتباكات في دمشق وحلب ودرعا... وموسكو تقر بمقتل جنديين لها

شباب صغار يتفحصون الدمار الذي تسبب به قصف طيران الأسد في درعا البلد جنوب سوريا (رويترز)
شباب صغار يتفحصون الدمار الذي تسبب به قصف طيران الأسد في درعا البلد جنوب سوريا (رويترز)

احتدمت أمس الثلاثاء الاشتباكات بين قوات النظام وحلفائها من جهة؛ وفصائل المعارضة من جهة أخرى، في كل من دمشق وحلب ودرعا، في وقت أقرّت فيه موسكو بمقتل جنديين لها وجرح آخر، ليرتفع بذلك عدد الجنود الروس الذين قتلوا في سوريا إلى 29.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن جنديين روسيين كانا يعملان مدربين لجيش النظام السوري قتلا بقذيفة «هاون» أطلقها مسلحو المعارضة. وجاء في بيان للوزارة نشرته وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» أن «جنودا روسا كانوا ضمن وحدة للجيش السوري بصفة مدربين، تعرضوا لهجوم بـ(الهاون) شنته مجموعة من المعارضة». وأضاف البيان أنه «نتيجة لانفجار قذيفة (هاون)، قتل جنديان روسيان وجرح آخر».
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «مقاتلات حربية سورية ألقت يوم الثلاثاء براميل متفجرة على مناطق تسيطر عليها فصائل معارضة مسلحة في محافظة حماة، وذلك بعد يوم واحد من تحذير أميركي للنظام السوري من أن استخدامها قد يؤدي إلى ضربات أميركية أخرى في سوريا».
وفي حين أفاد المرصد بأن «عددا» من البراميل المتفجرة سقط على بلدات طيبة الإمام وصوران شمال مدينة حماة، وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن عدد البراميل المتفجرة التي أسقطتها مقاتلات النظام السوري «قليل نسبيا»، نقلت وكالة «سانا» عن بيان لجيش النظام السوري قوله إن قواته استهدفت «إرهابيي تنظيم (جبهة النصرة) والمجموعات المنضوية تحت زعامته، خلال عملياتها على تجمعاتهم ومحاور تسلل في ريف حماة الشمالي» على مقربة من صوران. وذكرت الوكالة نقلا عن مصدر عسكري قوله إن العمليات أسفرت عن «مقتل عدد كبير من الإرهابيين، وتدمير عربة مفخخة، و4 دبابات، ومربضي مدفعية، ومنصة إطلاق قذائف صاروخية، و4 آليات مزودة برشاشات، إضافة إلى مصادرة عربة قتالية وقذائف مدفعية و(هاون)».
وكان شون سبايسر، المتحدث باسم البيت الأبيض، قد ذكر أول من أمس البراميل المتفجرة إلى جانب الغاز السام بصفتها أسلحة تسبب المعاناة «للرضع والأطفال». وقال: «إذا قصفت طفلا بالغاز وأسقطت برميلا متفجرا على الأبرياء، فسترى رد فعل من هذا الرئيس» في إشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب. بالمقابل، أكد المصدر العسكري السوري: «نحن لا نستخدم هذه البراميل، وهي غير موجودة في الجيش العربي السوري».
وبالتزامن، ارتفعت أمس حدة الاشتباكات في حلب شمال البلاد، وبالتحديد في حي الزهراء ومحاور أخرى أبرزها جبل شويحنة، حيث تسعى قوات النظام للسيطرة على آخر مواقع المعارضة في مدينة حلب وعزل تلك التي تسيطر عليها في ريف حلب الشمالي.
أما في دمشق، فتحدثت «شبكة شام» أمس عن اشتباكات عنيفة على جبهة برزة وحيي القابون وتشرين، ترافقت مع قصف بصواريخ وقذائف من قبل قوات النظام.
هذا؛ وتواصلت العمليات العسكرية التي تشنها «غرفة عمليات البنيان المرصوص» التابعة للمعارضة السورية المسلحة في الجنوب، وكشفت الغرفة عن هويات نحو 40 شخصا قالت إنهم قتلى قوات النظام، كما أشارت إلى وجود 8 مقاتلين من «حزب الله» لقوا حتفهم في المعارك المندلعة في حي المنشية بمدينة درعا خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأطلقت الفصائل بالتزامن مع استمرار معركة «الموت ولا المذلة»، معركة أخرى تستهدف مواقع تنظيم داعش في بلدات تسيل وسحم الجولان في الريف الغربي لمدينة درعا. وأفاد ناشطون بأن الفصائل قصفت أمس مواقع «داعش» بالريف الغربي لدرعا بالمدفعية والرشاشات الثقيلة، فيما تحدث «مكتب أخبار سوريا» عن قصف فصائل تابعة للجيش السوري الحر «بشكل غير مسبوق» مواقع عسكرية تابعة لـ«جيش خالد بن الوليد» المتهم بالارتباط بـ«داعش» في منطقة حوض اليرموك والبلدات المحيطة بريف درعا الغربي. وتركز القصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على مناطق عين ذكر وتسيل والشجرة وسحم، وتلي جموع وعشترة. يأتي ذلك في وقت تواردت فيه أنباء عن قرب شن فصائل المعارضة هجوما عنيفا لاستعادة السيطرة على البلدات والمواقع التي سيطر عليها «جيش خالد بن الوليد» بريف درعا الغربي قبل نحو شهر ونصف، وذلك بعد التخطيط والدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية الكبيرة إلى المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».