فرنسا ترى {تقارباً} مع أميركا في سوريا

تعتقد بضرورة العودة لعملية الانتقال السياسي... و«تعاون» روسيا ضروري

فرنسا ترى {تقارباً} مع أميركا في سوريا
TT

فرنسا ترى {تقارباً} مع أميركا في سوريا

فرنسا ترى {تقارباً} مع أميركا في سوريا

ما زال الغربيون يسعون لفهم حقيقة الموقف الأميركي من مستقبل الوضع في سوريا بعد الضربة العسكرية التي نفذتها البحرية الأميركية ضد قاعدة الشعيرات الجوية القريبة من حمص الأسبوع الماضي. ووصفت مصادر فرنسية رسمية اتصلت بها «الشرق الأوسط»، أمس، الموقف الأميركي بأنه «معقد» وأن هناك «تقاربا» بين ما يعبر عنه وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي التقى به وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرولت، أمس، على هامش اجتماعات وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعا.
وأفادت هذه المصادر بأن «موقف تيلرسون قريب من الموقف الفرنسي، بمعنى أنه بعد الضربة العسكرية تتعين العودة للبحث في عملية الانتقال السياسي»، وأن «تعاون» روسيا ضروري لتحقيق هذا الهدف. ولذا، فإن السؤال الذي طرح أمس يتناول «الوسائل» التي يمكن اللجوء إليها من أجل إقناع روسيا بالسير حقيقة في الحل السياسي ودعم مفاوضات جدية تقود إلى عملية الانتقال السياسي في سوريا.
بيد أن الموقف الذي نقله تيلرسون إلى نظيره الفرنسي، والذي يفترض أن ينقله إلى موسكو، يتعارض مع موقف رسمي آخر تعبر عنه نيكي هالي، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة. ولذا، فإن الأوساط السياسية الفرنسية تتساءل عن الجهة التي تعكس حقيقة الموقف التي اعتبرت الأحد وبشكل قاطع أن «لا مجال للتوصل إلى حل سياسي في سوريا إذا بقي الأسد على رأس النظام». وقالت المصادر الفرنسية إن الضربة العسكرية «لا تشكل سياسة، والمطلوب أن تعرض واشنطن خطتها بالنسبة لسوريا خصوصا منها الجانب السياسي».
وإزاء التضارب في المواقف الأميركية، ترى باريس أن «التشويش» الذي يواكب سياسة الرئيس الأميركي إزاء سوريا التي أصابتها تغيرات كثيرة في الأيام القليلة الماضية، «نقلتها من النقيض إلى النقيض وهي تربك حلفاء واشنطن»، إن الأوروبيين أو في منطقة الخليج، فضلا عن المعارضة السورية. وترى باريس أن ضربة عسكرية، رغم كونها تبعث برسائل قوية «لا يمكن أن تغير الوضع الميداني»، مضيفة أن الحرب في سوريا بحاجة إلى «سياسة واضحة ومتماسكة مع أهداف محددة وواضحة». وبعد أن شكت باريس وغيرها من العواصم المعنية من «الغياب» الأميركي الذي سمح لروسيا بأن تمسك بناصية الأحداث سياسيا وميدانيا، تغير الوضع اليوم، وباتت الحاجة التعرف بدقة لنوايا واشنطن وخططها.
واستبق إيرولت اجتماعه مع تيلرسون ليضع نقاطا على بعض الحروف، وأهمها أن فرنسا التي أيدت الضربة الصاروخية الأميركية ردا على استخدام النظام للسلاح الكيماوي في خان شيخون: «لا ترى أن ثمة حلا عسكريا للنزاع». كذلك فإن الرئيس فرنسوا هولاند طالب منذ اليوم التالي للضربة الأميركية بأن تكون العمليات العسكرية اللاحقة «إذا كانت هناك عمليات» تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو أمر غير ممكن بسبب الرفض الروسي الجذري. وقال إيرولت في لقاء إذاعي أمس، إنه: «يتعين العثور على بديل للأسد بالوسائل السياسية وهذا علينا التوصل إليه معا، (أي) مع الروس والأميركيين والشركاء الموجودين حول طاولة المفاوضات (في جنيف)، حيث يجلس ممثلو المعارضة والنظام». وبحسب إيرولت، فإن باريس «لا تريد أن تدخل في سياق منطق الحرب»، من هنا تركيزها على الحاجة للتفاهم مع روسيا من أجل إيجاد المخرج للحل السياسي. وأردف الوزير الفرنسي أن «المطلوب اليوم هو أن نقنع روسيا بأن تغير موقفها» من الأسد ومن كيفية التوصل إلى الحل السياسي وشروطه، خصوصا أن «مصلحة روسيا تكمن في التوصل إلى حل تفاوضي» وأن للجميع «مصلحة مشتركة» في العمل من أجل السلام. وتعتبر باريس أن ثمة قناعة متنامية، قوامها أنه «لا أحد اليوم يستطيع القول إن الأسد يمكن أن يشكل مستقبل سوريا».
لكن «عيب» المنطق الفرنسي أنه «غير جديد»، وثبت خلال السنوات الست الماضية أنه لا يقنع الروس. وسبق لباريس أن انتقدت علانية مقاربة موسكو للحرب في سوريا، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».