حرص الكرملين، أمس، على النأي بالنفس عن بيان أصدرته القيادة المشتركة التي تضم روسيا وإيران وجماعات متحالفة مع نظام الأسد، توعدت فيه الولايات المتحدة بالرد على أي هجوم أميركي على سوريا، في الوقت الذي قال فيه إن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لن يلتقي الرئيس الروسي عندما يزور موسكو هذا الأسبوع، في خطوة قد تشير إلى توترات بسبب هجوم صاروخي أميركي على قاعدة جوية سورية الأسبوع الماضي.
ومع هذا قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الولايات المتحدة توصلت إلى أن روسيا كانت على معرفة مسبقة بالهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي شنه النظام السوري الأسبوع الماضي، وقال المسؤول لوكالة «أسوشييتد برس» إن طائرة من دون طيار روسية كانت تحلق فوق مستشفى في سوريا بينما كان ضحايا الهجوم يسرعون للحصول على العلاج، وبعد ساعات من مغادرة الطائرة قامت طائرة روسية مقاتلة بقصف المستشفى، مما جعل المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنه محاولة للتستر على استخدام النظام الأسلحة الكيماوية.
وأضاف المسؤول أن وجود الطائرة الروسية لا يمكن أن يكون مصادفة، وإن روسيا كانت على علم بالهجوم بالأسلحة الكيماوية وبأن الضحايا سيسعون إلى العلاج.
وتأتي تلك الأنباء قبل ساعات قليلة من اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وبدت موسكو، أمس، لا تسعى إلى التصعيد عشية زيارة تيلرسون، وفي أول تعليق واضح من الكرملين على التهديدات التي وجهها بيان القيادة المشتركة الإيرانية - الروسية للولايات المتحدة، قال بيسكوف، أمس، إن الكرملين لا يعرف أي شيء عن ذلك البيان، وأضاف: «لا يسعنا تأكيد ذلك ولا ندري من أين أتت (رويترز) بالخبر ومن أي مصدر».
وكثيراً ما التقى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ببوتين خلال زياراته لموسكو كما اجتمع الرئيس الروسي مرات متعددة مع تيلرسون خلال إدارته شركة إكسون موبيل قبل توليه منصبه الجديد.
وفي عام 2013 قدم بوتين بنفسه وسام الصداقة الروسي لتيلرسون، وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يجتمعا في أول زيارة له إلى روسيا كوزير للخارجية.
لكن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، أبلغ الصحافيين، أمس، أن الاجتماع غير مقرر، مضيفاً أن تيلرسون سيتبع بروتوكولا دبلوماسيا صارما وسيلتقي فقط بنظيره الروسي سيرغي لافروف. ونقلت «رويترز» عن بيسكوف قوله: «لم نعلن عن اجتماعات كهذه، والآن لا اجتماع لتيلرسون في جدول الرئيس».
ورفض بيسكوف التعليق على تصريحات نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي التي قالت إن الرئيس ترمب يدرس مع أعضاء إدارته فرض عقوبات جديدة ضد روسيا وإيران، بسبب دعمهما للنظام السوري. وأشار المتحدث الرسمي باسم الكرملين إلى أن «هناك تصريحات المندوبة الأميركية حول العقوبات»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الكرملين لم ير نص العقوبات ولا يدري هل ستكون هناك عقوبات أم لا، «لذلك لا يمكن الرد على هذا الأمر».
وذهب بعد ذلك إلى تحميل القصف الأميركي لمطار الشعيرات السبب في اتخاذ روسيا قرارا بوقف العمل بموجب مذكرة وقعها الجانبان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 حول تفادي الحوادث بين المقاتلات الروسية والأميركية، أثناء الطلعات الجوية في سوريا، وقال إن «الجانب الأميركي عرض بهذا الشكل عدم وجود أي رغبة للتعاون بأي شكل كان حول سوريا»، داعياً إلى التوجه لوزارة الدفاع لمعرفة آليات التعاون اللاحقة بعد وقف العمل بالمذكرة. وكان بيسكوف قد أعلن في تصريحات سابقة، أن روسيا قررت وقف العمل بمذكرة تفادي الحوادث في الأجواء مع واشنطن، لكنه أشار إلى أنه «ستبقى هناك إمكانيات تقنية لتبادل المعلومات حول الضربات في سوريا، لكن دون تبادل للمعطيات».
وكرر المتحدث الرسمي باسم الكرملين الموقف الروسي بشأن الدعوات لرحيل الأسد، في تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، التي قال فيها إنه لا بد من البحث مع روسيا عن بديل سياسي للأسد. إذ رأى بيسكوف في هذا الكلام «محاولات زائفة» لتسوية الأزمة السورية. وقال إن «العودة إلى المحاولات، لا يمكن أن تقرب أي أحد من الحل السياسي في سوريا»، لافتاً إلى أن «الإمكانية الوحيدة المتاحة للحل، هي مواصلة ذات العمل المعقد: عملية جنيف، والجهود الجارية في إطار عملية آستانة».
ونظراً لهذا التغيير في الموقف الأميركي يتوقع مراقبون في موسكو أن تكون محادثات لافروف وتيلرسون شائكة ومعقدة، لا سيما بعد أن اعتبر وزير الخارجية الأميركي في تصريحات له، مؤخرا، أن التقاعس الروسي في تطبيق اتفاق نزع السلاح الكيميائي السوري هو سبب الهجوم على خان شيخون.
وفي شأن متصل، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوضع في سوريا بعد القصف الأميركي لمطار الشعيرات مع نظيره الإيراني خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، جرى بمبادرة من الجانب الإيراني، وفق بيان عن الخارجية الروسية، قالت فيه، إن «الجانبين أكدا أن مثل تلك الأعمال العدوانية على دولة مستقلة ذات سيادة يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي، وبصورة خاصة لميثاق الأمم المتحدة ويشكل تهديدا للأمن الإقليمي، ويلحق الضرر بعملية التصدي للإرهاب الدولي. ودعا الوزيران إلى تحقيق نزيه في القصف الذي تعرضت له مدينة خان شيخون في ريف إدلب.
موسكو تتجنب التصعيد عشية زيارة تيلرسون... وتنأى بنفسها عن تهديدات شركائها
مسؤول أميركي: روسيا كانت على علم مسبق بالهجمات الكيماوية في سوريا
موسكو تتجنب التصعيد عشية زيارة تيلرسون... وتنأى بنفسها عن تهديدات شركائها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة