قطار الشحن الوحيد في الموصل رهين القضبان

محطة المدينة كانت جزءاً من مشروع تاريخي لربط بغداد ببرلين

حقيبة فارغة في محطة القطارات بالموصل أمس (رويترز)
حقيبة فارغة في محطة القطارات بالموصل أمس (رويترز)
TT

قطار الشحن الوحيد في الموصل رهين القضبان

حقيبة فارغة في محطة القطارات بالموصل أمس (رويترز)
حقيبة فارغة في محطة القطارات بالموصل أمس (رويترز)

لم تبرح عربات قطار للشحن مكانها في الموصل منذ أن اجتاح مقاتلو تنظيم داعش المدينة قبل أكثر من عامين. وفي ضوء قصف المحطة الرئيسية وانتزاع القضبان فإن القطار لن يتحرك قريبا.
وفي ركن بالموقع المدمر يحتمي جنود عراقيون من نيران القناصة وراء أكوام من الرمال في غياب لأي نشاط آخر فيما تبقى من محطة كان من المقرر أن تصبح جزءا من مشروع تاريخي للسكك الحديدية بين ألمانيا والعثمانيين لربط بغداد ببرلين. وتظهر صور قديمة سيارات أجرة صفراء وحافلات تنقل الركاب إلى المحطة المكونة من طابقين وبنيت عام 1938.
وحسب تقرير لوكالة رويترز، انهار السقف الآن وقصف المبنى الرئيسي في المعركة التي تستعر منذ أسابيع بين القوات العراقية الزاحفة ومتشددي «داعش» المتحصنين في المدينة القديمة القريبة. ولم يبق سوى بناء واحد صغير في الجوار وعليه شعار السكك الحديدية العراقية. ويبذل الجنود قصارى جهدهم لتجاهل الرائحة الكريهة لجثة في الداخل.
وفي مكان آخر على طول القضبان يفحص أفراد الشرطة الاتحادية العراقية أماكن تخزين بحثا عن أي متفجرات ربما تركها المتشددون.
وأوقف القصف نهائيا ما كان في الماضي مركزا للنقل يعج بالحركة. وكانت الموصل جزءا من خطة ألمانية عثمانية تعرف باسم «بغداد بان» لربط برلين ببغداد وميناء الكويت المطل على ساحل الخليج، وكانت المدينتان جزءا من الإمبراطورية العثمانية، في إطار مشروع كان مقررا له أن يضاهي قطار الشرق السريع. لكن سقوط الإمبراطورية بعد الحرب العالمية الأولى عطل المشروع، ولم تستكمل القضبان بين إسطنبول وبغداد إلا في عام 1940 تقريبا.
وتحولت الموصل فيما بعد إلى بوابة لقطارات الشحن والركاب من سوريا وتركيا إلى بغداد والبصرة في جنوب العراق.
وانحسرت الحركة خلال التسعينات، عندما فرضت على العراق عقوبات من الأمم المتحدة بسبب غزو صدام حسين للكويت، كما لم ينفق الكثير على الصيانة. وتوقفت خدمات السكك الحديدية من الموصل منذ عام 2012 بسبب تردي الوضع الأمني. وكانت السلطات تستعد لاستئناف القطارات المنتظمة إلى تركيا وبغداد عندما اجتاح «داعش» المدينة في يونيو (حزيران) 2014.
واستخدمت القوات العراقية طائرات هليكوبتر ومدفعية لدعم القوات البرية في تصديها للمتشددين الذي بدأ في أكتوبر (تشرين الأول). ولا تصيب كل ضربة هدفها. وجرى تدمير كتل كاملة من المباني في غرب الموصل.
وقال علي إبراهيم عيسى الذي فر بعد ضربات جوية في شارعه: «تقصف الضربات الجوية كل مربع سكني. لم يكن هناك مقاتلون من (داعش) أو أي شيء. دمرت طائرات التحالف مربعا سكنيا بالكامل وسوته بالأرض». كما دمر القتال مطار المدينة بالكامل أيضا. وقال سكان إن المتشددين نسفوا مدرج الطائرات ودمروا مباني وبنية تحتية أثناء تراجعهم.
وقال عبد الله أحمد وهو مهندس من الموصل: «أزالوا معظم القضبان لبناء صواريخ أو أسلحة أخرى. لم يكن هناك قطارات في ظل وجود (داعش)».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.