انتخابات البرلمان الجزائري تنطلق غداً وسط أزمة مالية

الإسلاميون يخوضون المعترك مشتتين

انتخابات البرلمان الجزائري تنطلق غداً وسط أزمة مالية
TT

انتخابات البرلمان الجزائري تنطلق غداً وسط أزمة مالية

انتخابات البرلمان الجزائري تنطلق غداً وسط أزمة مالية

تنطلق غداً (الأحد) بالجزائر حملة انتخابات البرلمان، المرتقبة في 4 مايو (أيار) المقبل، بمشاركة نحو 50 حزبا وعدد قليل من لوائح المترشحين الأحرار. وسيطلع الناخبون الذين يفوق عددهم 23 مليونا، خلال 21 يوما، على برامج المتنافسين لاختيار 462 عضوا بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، سيتحدثون باسم الشعب الجزائري في القضايا التي تهمه، خلال فترة (2017 - 2022).
«سمع صوتك» هو الشعار الذي اختارته وزارة الداخلية، للترويج للاستحقاق التشريعي الذي يجري التحضير له في سياق جدل حاد، يتعلق بمدى قدرة الحكومة على حل الأزمة المالية الحادة، التي تولّدت عن انهيار أسعار النفط. فالجزائر، بحسب تصريحات رئيس وزرائها عبد المالك سلال، فقدت 70 في المائة من مداخيل بيع المحروقات منذ 2014. ولكنه حرص على التأكيد على أن الحكومة لن تضطر للاستدانة من الخارج. فيما يقول خبراء في الاقتصاد، إن احتياطي العملة الصعبة (100 مليار دولار) يتآكل بسرعة، وإن الاستدانة من الخارج لا مناص منها إذا لم تسرع الحكومة في فك التبعية للنفط والغاز، بخصوص الصادرات.
موضوع آخر لا يقل أهمية يطغى على ساحة النقاش السياسي، في فترة التحضير للانتخابات، يتمثل في انسحاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من المشهد العام بسبب المرض. ويبدي الموالون له حساسية كبيرة تجاه أي حديث عن عجزه المفترض عن تسيير دفة الحكم. بل إن بعضهم قال إن المطالبة بعزل الرئيس على أساس أنه مريض «تحريض على تنظيم انقلاب ضد الشرعية». ويستفيد بوتفليقة من دعم لا محدود من طرف رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الضابط الكبير النافذ في الجيش أحمد قايد صالح، الذي لا يفوت أي فرصة للتعبير عن تأييده للرئيس.
ويتزعم الموالين لبوتفليقة، جمال ولد عباس، أمين عام حزب «جبهة التحرير الوطني» وهو حزب الرئيس، ويعتقد على نطاق واسع أنه سيحتفظ بالأغلبية التي كانت من نصيبه دوما. وينافس «الجبهة» على الريادة: «التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، الذي يعد من أبرز رجال نظام بوتفليقة، ويوصف بأنه «أقرب مدني إلى القوى النافذة بالجيش».
أما حظوظ الإسلاميين في الفوز بحصة كبيرة بالبرلمان، فتبدو ضئيلة لعدة أسباب، منها أن الجزائريين يتخوفون من تكرار تجربة انتخابات 1991، التي صوتوا فيها بأغلبية ساحقة لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وألغى قادة الجيش نتائج الانتخابات، بحجة أن الحزب الإسلامي «سيحول الجزائر إلى أفغانستان». وكرَد فعل، حمل الآلاف من أنصار «الإنقاذ» السلاح، واندلعت حرب أهلية دامت 10 سنوات، خلفت 150 ألف قتيل بحسب إحصاءات رسمية.
ومن أبرز الأحزاب الإسلامية التي ستخوض غمار المنافسة، وكلها ينتمي إلى المعارضة: «حركة مجتمع السلم» التي تشارك في الموعد بلوائح ترشيح مشتركة مع «جبهة التغيير» وهي حزب إسلامي، يقوده وزير الصناعة سابقا عبد المجيد مناصرة. ويبرز من بين المشاركين أيضا، الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية» وقائدها الشيخ عبد الله جاب الله، الذي عقد بالمناسبة تحالفا مع «حركة النهضة» و«حركة البناء الوطني».
أما من جهة التيار العلماني، فتبرز ثلاثة أحزاب مشاركة في المعترك، اثنان منها في المعارضة هما «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم أحزاب المعارضة)، زيادة على «الحركة الشعبية الجزائرية» الموالية للرئيس، ويقودها وزير التجارة سابقا عمارة بن يونس. فيما يبدو صوت دعاة مقاطعة الاستحقاق خافتا، ويرفع لواءها الحزب الليبرالي «جيل جديد» ورئيسه سفيان جيلالي.
ونشر «مركز كارنيغي للأبحاث»، وهو منظمة غير حكومية، دراسة حديثة حول الانتخابات في الجزائر، جاء فيها: «وسط تدني أسعار النفط، وفي ظل الوضع الاقتصادي المأزوم، وبطالة الشباب، وبوجود رئيس مريض في سدّة السلطة، سوف تشكّل الانتخابات البرلمانية المقبلة محطة مهمة بالنسبة إلى الجزائريين. ينبغي على ممثلي الشعب المنتخَبين والسلطة التنفيذية معالجة هذه التحديات التي تتربص بالبلاد. يمكن أن يُنظَر إلى المحاولات الأخيرة لتطبيق إصلاحات قانونية وإلى التعديلات الدستورية لعام 2016 بأنها تشكّل خطوة نحو مزيد من الانفتاح والشفافية، لكن مع الزيادة في أعداد السكان والتراجع في الموارد الاقتصادية، التي تتيح الحفاظ على السلم الاجتماعي، تبدو الرهانات عالية للنخب السياسية في الجزائر».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».