حالة صدمة في أوساط الموالين للنظام بعد الضربة الأميركية

وسائل إعلامه ادعت مقتل مدنيين جراء قصف قاعدة الشعيرات

سوريون من مدينة خان شيخون يتظاهرون ضد النظام ويرحبون بالضربة الأميركية على مطار الشعيرات (أ.ف.ب)
سوريون من مدينة خان شيخون يتظاهرون ضد النظام ويرحبون بالضربة الأميركية على مطار الشعيرات (أ.ف.ب)
TT

حالة صدمة في أوساط الموالين للنظام بعد الضربة الأميركية

سوريون من مدينة خان شيخون يتظاهرون ضد النظام ويرحبون بالضربة الأميركية على مطار الشعيرات (أ.ف.ب)
سوريون من مدينة خان شيخون يتظاهرون ضد النظام ويرحبون بالضربة الأميركية على مطار الشعيرات (أ.ف.ب)

في حين بدت مظاهر التأهب الأمني في شوارع العاصمة السورية دمشق تجري بشكل روتيني، كما درجت عليه العادة خلال السنوات الست الماضية، أصيب موالو النظام بصدمة وذهول من توجيه واشنطن ضربة عسكرية إلى موقع تابع لقواته، فجر أمس.
وقد كانت دعايات الحرب النفسية، التي يقودها الإعلام الرسمي، تتجه نحو طمأنه السوريين إلى أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب سيكون كسلفه باراك أوباما، وأنه سيكتفي بالتهديد والوعيد بسبب الوجود الروسي في سوريا. وكتب إياد الحسين، وهو أحد الإعلاميين الموالين للنظام، على حسابه بموقع فيسبوك، قبل 3 ساعات فقط من الضربة الأميركية، ما معناه أنه عندما كان الروس يدعمون النظام سياسياً وإعلامياً فقط، لم يتدخل الأميركي عسكرياً لصالح المعارضة، أما اليوم، فقد أصبح الاعتداء العسكري على سوريا اعتداءً مباشراً على روسيا، فهل يجرؤ ترمب؟! ومن ثم، طلب الحسين ممن اعتبرهم «أغبياء» أن يفكروا بالعقل، وقال إن ما نراه هو «إبرة مخدر للمعارضة، وتقدم عسكري جديد لقوات النظام على الأرض». هذا الإعلامي نفسه اختفى بعد توجيه الضربة عدة ساعات، ليعود ويحذف ما كتبه معلقاً على الضربة بتوجيه شتيمة نابية للرئيس الأميركي.
وفي هذه الأثناء، عمّ الشارع نوع من الحذر والترقب لدى الناس. وعدا عن أن يوم الجمعة يوم عطلة نهاية الأسبوع، وبالتالي تكون الحركة شبه متوقفة في معظم الأحياء الدمشقية، كان لافتاً ظهور عسكريين مسلحين يرتدون ملابس مدنية في الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي والمكاتب التابعة في حيي المهاجرين والروضة. إلا أن حالة التأهب عند الحواجز بدت أقل من عادية، من حيث إجراءات تفتيش السيارات، في حالة لا مبالاة مريبة. وهذا في حين صدحت في الإذاعات المحلية التابعة للنظام الأغاني الوطنية التي تعكس حالة حرب وحزن وخوف على سوريا!!
من جهة أخرى، تمنى معارضون سوريون في الخارج لو أن الضربة الأميركية تقضي على كامل سلاح الجو لدى قوات النظام لأنها تستخدم ضد الشعب السوري في الداخل، في حين حرص المعارضون في الداخل على الصمت، معبرين عن توجّس من خطورة الضربة الأميركية على بلادهم، خصوصاً أن ما حدث لا يبدو لهم شيئاً واضحاً. وقال معارض سوري مقيم في مدينة حمص: «الضربة الأميركية تستهدف إضعاف النظام الذي بات ورقة بيد روسيا وإيران وأميركا. إنها تقوم بإضعاف هذه الورقة، كما إنها تؤدي خدمات لإسرائيل بتدمير الدفاعات الجوية التي تجرأت الشهر الماضي على اعتراض الطائرات الإسرائيلية التي تضرب العمق السوري. ولكن هل هذا يصب في مصلحة الشعب السوري الذي يموت بكل وسائل القتل على يد قوات النظام والقوات الروسية والإيرانية؟ هذا هو السؤال!». وعبر الرجل عن تشاؤمه من جدوى الضربات الأميركية في إنهاء الحرب في سوريا، معتبراً أنها مجرد حجز مكان أكبر للوجود الأميركي العسكري في سوريا. أما راميا، وهي مهندسة، فعبرت من جانبها عن مخاوفها من الضربة الأميركية، قائلة: «نعم، نريد وقف القتل، ووقف استخدام السلاح الكيماوي، ومحاسبة المسؤولين، لكننا أيضاً نخشى أن كل ما تقوم به أميركا والدول الكبرى هو فقط خدمة لمصالحهم، وليس للدفاع عن السوريين المدنيين».
وعلى صعيد إعلام النظام، ادعت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أن «9 مدنيين، بينهم 4 أطفال» قتلوا جراء الضربة الأميركية، التي تمثلت بسقوط عدد من الصواريخ التي أطلقتها القوات الأميركية، فجر الجمعة - حسب الوكالة النظامية - على منازل المواطنين في عدد من القرى بريف حمص الجنوبي الشرقي. ونقلت «سانا» عن مصادر أهلية «سقوط صاروخين جراء العدوان الأميركي على قاعدة جوية في المنطقة الوسطى في قرية الشعيرات، ما تسبب باستشهاد 5 مدنيين، بينهم 3 أطفال، إضافة إلى وقوع دمار كبير في المنازل». كما أفادت المصادر «بسقوط صاروخ أميركي في قرية الحمرات، ما أدى إلى استشهاد 4 مدنيين، بينهم طفل، بينما أصيب 7 مدنيين نتيجة سقوط صاروخ على المنازل وسط قرية المنزول، على بعد نحو 4 كم عن قاعدة الشعيرات الجوية». وكانت القيادة العامة في قوات النظام قد أعلنت عن أن الولايات المتحدة قامت، فجر الجمعة، باستهداف إحدى القواعد الجوية في المنطقة الوسطى بعدد من الصواريخ، ما أدى إلى وفاة 6 أشخاص، وسقوط عدد من الجرحى، وإحداث أضرار مادية كبيرة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.