موظفو السلطة في غزة يواصلون احتجاجاتهم على خصم الرواتب

وعود بحل الأزمة... والرئاسة والحكومة تلتزمان الصمت

موظفو السلطة في غزة يواصلون احتجاجاتهم على خصم الرواتب
TT

موظفو السلطة في غزة يواصلون احتجاجاتهم على خصم الرواتب

موظفو السلطة في غزة يواصلون احتجاجاتهم على خصم الرواتب

يواصل موظفو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاتهم ضد الحسومات المالية التي فرضتها الحكومة الفلسطينية على رواتبهم الشهرية، وتعهدوا بمواصلة التظاهر في الشوارع إلى أن تتراجع الحكومة.
وأظهرت لقطات فيديو صورا لعشرات الموظفين في حالات إعياء مرهقين ويتلقون الإسعافات، بعد يومين من الاعتصام، في حين أُعلنت وفاة العقيد شريف قنديل، الذي أصيب بجلطة قلبية أمس، قالت عائلته إنها بسبب عدم وجود أي رصيد في حسابه من راتبه الشهري، بعد أن أتت الحسومات والقروض على راتبه كاملا، وهو ادعاء لم يتسن التأكد من صحته على الفور.
وانضم المئات من الموظفين أمس، إلى آخرين في ساحة الجندي المجهول بغزة، وشاركتهم قيادات من حركة فتح والفصائل الفلسطينية.
ويشهد القطاع حالة من الغليان في أوساط قيادة حركة فتح وعناصرها، وكذلك الفصائل الفلسطينية الأخرى، وبخاصة المنضوية تحت لواء منظمة التحرير نتيجة هذا القرار، الذي اتخذ بشكل مفاجئ ومتزامنا مع الإعلان عن إعداد مشروع قانون للتقاعد المبكر للموظفين.
وأعادت القوى الوطنية والإسلامية في غزة أمس، الطلب من الرئيس محمود عباس وحكومة التوافق الوطني، بالتراجع عن القرار، معتبرة اقتصار ذلك على موظفي غزة يعد تمييزا واضحا بين أبناء الشعب الواحد، وبأنه غير قانوني.
والتزمت الحكومة الفلسطينية الصمت أمس، ولم ترد على سيل البيانات والانتقادات الكبيرة لها. ويفترض أن تجتمع اللجنة المركزية لحركة فتح في وقت قريب لبحث المسألة. وقالت مصادر من حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»: إن قيادة الحركة في غزة، تلقت وعودا من اللجنة المركزية للحركة بإنهاء القضية والتدخل لحل الأزمة القائمة منعا لتفاقمها.
وجاءت هذه الوعود، في حين أعلن أمناء سر للحركة الاستقالة. وقالت مصادر، إن الأقاليم التابعة لحركة فتح في غزة، تدرس تقديم استقالات موحدة، وفتح خيمة اعتصام مفتوحة، والتنسيق مع جهات أخرى من الحركة بالضفة الغربية، لتنظيم فعاليات ضاغطة أمام مجلس الوزراء حتى إلغاء القرار والتراجع عنه.
وتنتاب الموظفين في غزة، مخاوف من أن تقدم السلطة الفلسطينية على إقرار قانون التقاعد المبكر، بصفتها خطوة أخرى لإنهاء الوظائف لعدد كبير جدا من الموظفين الحاليين للسلطة في قطاع غزة.
وقال الموظف عبد الله مطر لـ«الشرق الأوسط» إن «الموظفين أصبحوا مهددين في كل لحظة بتوقف رواتبهم بشكل كامل»، معتبرا أن «قرار الخصم خطير، ويمس حياة عشرات الآلاف من المواطنين الذين لا علاقة لهم بالانقسام». وأضاف: «القرار محاولة يائسة وخاطئة من قيادة السلطة الفلسطينية للانتقام من حماس عبر الموظفين، وهو قرار غير موفق ويجب إعادة النظر فيه».
وقالت الموظفة سعاد ثابت، إنها تعاني بالأساس، من دون حسومات، ولا يكاد يكفي راتبها الشهري لتعيل عائلتها المكونة من 7 أشخاص. مضيفة «لا أعرف كيف سأتدبر أمور حياتي في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي نعيشها». وأضافت: «يريدوننا أن نتحمل المسؤولية عن فعل لم نتسبب فيه، وكل ذلك فقط لأننا التزمنا بقرارات الرئيس والشرعية». وطالبت سعاد الجهات الفلسطينية الرسمية الكف عن التلاعب بمصير آلاف العوائل في القطاع، وتوفير حياة آمنة وكريمة لهم، في ظل ما يتعرضون له من حصار خانق وقاتل.
ويقول التاجر مدحت الباز، إن القرار سيؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي للتجار كافة في القطاع. لافتا إلى انعدام حركة البيع والشراء منذ اليوم الأول لصرف الرواتب بشكلها الجديد. وأضاف متسائلا: «إذا كانت الحركة التجارية انهارت في أقل من يومين، فكيف ستكون الأيام المقبلة التي يبدو أنها ستكون صعبة جدا علينا في ظل اعتمادنا على رواتب الموظفين». وأضاف: «حركة التجارة بغزة تعتمد بشكل أساسي على رواتب الموظفين التابعين للسلطة، وبخاصة أن رواتب موظفي حماس تصرف بنسبة 50 في المائة فقط، ولا يمكن لهم تحريك الوضع الاقتصادي».
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي، أن قطاع غزة سيدفع الثمن: زيادة في نسب البطالة والفقر والكساد الاقتصادي، وتردي الأوضاع الاجتماعية والنفسية، وعدم القدرة على دفع الضرائب مع تزايد للقضايا في المحاكم.
وقال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع: إن القرار تحت ذريعة الحصار المالي الخانق الذي يفرض على السلطة الفلسطينية، يعزز الانقسام ويفاقمه، ويسرع في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
وكتب الطباع عبر صفحته على «فيسبوك»: إن «خطورة القرار تكمن في تطبيقه فقط على موظفي قطاع غزة وليس على كافة موظفي السلطة الفلسطينية». وأشار إلى أن كل هذا سيتسبب في خلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية، وسيفاقم الأوضاع الاقتصادية، ويتسبب في مزيد من الركود التجاري وارتفاع معدلات البطالة والفقر وإرجاع الشيكات والكثير من المشكلات الاجتماعية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.