كوريا الجنوبية... طلب محلي قوي وفائض تجاري مستمر

سيول تنجح في تخفيض نسبة الدين إلى الناتج رغم الخطط التوسعية

كوريا الجنوبية... طلب محلي قوي وفائض تجاري مستمر
TT

كوريا الجنوبية... طلب محلي قوي وفائض تجاري مستمر

كوريا الجنوبية... طلب محلي قوي وفائض تجاري مستمر

يتباطأ النمو في منطقة شرق آسيا بشكل ملحوظ نتيجة عمليات التحول والضبط الاقتصادي لدى كبار المنطقة، خصوصاً الصين، حيث لم يعد من الممكن اتباع نموذج اقتصادي يعتمد على الصادرات المعتمدة على عمالة رخيصة، أو حتى طفرات تكنولوجية، وإنما الأوقع هو التحول تدريجياً لاقتصاد يعتمد على قوة الطلب المحلي، في أكثر مناطق العالم تعداداً، خصوصاً مع نمو طبقة متوسطة قادرة على الاستهلاك بشكل يعوض ضعف الصادرات.
وفي حين تتأرجح اليابان بين الانكماش والركود، وتتباطأ الصين لتترك مساحة للهند لقيادة النمو العالمي، حظيت كوريا الجنوبية بالحسنين، حيث تقوم الحكومة بضخ سيولة كبيرة في السوق لدعم الطلب المحلي، مع الاحتفاظ بنمو ممتد لحركة الصادرات، وفائض تجاري للشهر الستين على التوالي.
وأمس (الخميس)، ذكر بنك التنمية الآسيوي أنه يتوقع تراجع وتيرة النمو الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادي خلال العامين الحالي والمقبل، لكن المنطقة ستظل أكبر مساهم في النمو الاقتصادي العالمي.
ويتوقع البنك، الموجود مقره في العاصمة الفلبينية مانيلا، نمو اقتصاد المنطقة بمعدل 5.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العامين الحالي والمقبل، بعد نموه بمعدل 5.8 في المائة خلال العام الماضي.
ويشير تقرير «رؤية التنمية الآسيوية» السنوي إلى أن هذا التراجع البسيط في النمو المتوقع يعود إلى تراجع معدل النمو في الصين، وغيرها من الاقتصادات الصناعية في المنطقة، الذي عوضه النمو القوي في الأجزاء الأخرى من المنطقة.
ووتيرة الانخفاض هذه قريبة للغاية من وتيرة انخفاض النمو الصيني، ويتضح أنه رغم النمو الكبير الذي تشهده الدول متوسطة الحجم في آسيا، أو تراجع النمو الملحوظ الذي تشهده الدول الكبرى، تبقى الصين هي المتحكمة في وتيرة نمو المنطقة، ليس فقط بسبب كبر حجم الاقتصاد، ولكن بسبب أنها تتحكم أيضاً في وتيرة نمو الدول المجاورة عبر العلاقات التجارية المتعددة، فالصين هي الشريك التجاري الأول لكل دول المنطقة تقريباً.
وأضاف التقرير أنه «مع استبعاد الاقتصادات الصناعية الجديدة ذات الدخل المرتفع، وهي كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ، فإنه من المتوقع وصول معدل النمو الإقليمي خلال 2017 إلى 6.3 في المائة، وفي 2018 إلى 6.2 في المائة».
وقال التقرير إن «النمو يرتفع في 30 من بين 45 اقتصاداً في دول آسيا النامية، مدعوماً بالطلب الخارجي الأعلى، وارتفاع أسعار السلع».
وقال ياسويوكي ساوادا، كبير خبراء الاقتصاد في البنك، إنه رغم التراجع المتوقع، فإن منطقة آسيا والمحيط الهادي ستظل تمثل نحو 60 في المائة من إجمالي النمو الاقتصادي العالمي.
وأضاف أن دول آسيا النامية تواصل قيادة النمو العالمي، رغم التحولات التي تشهدها هذه الدول نحو النمو المعتمد على الاستهلاك في الصين والمخاطر العالمية الوشيكة.
في كوريا، الوضع مختلف قليلاً، حيث أظهرت بيانات اقتصادية، أمس، إنفاق الحكومة الكورية الجنوبية نحو 90 تريليون وون (79.8 مليار دولار) من ميزانية الدولة للعام الحالي خلال أول 3 أشهر منه، كجزء من جهودها لدفع الإنفاق لتنشيط الاقتصاد، وذكرت وزارة المالية أن إجمالي إنفاق الحكومة والمؤسسات العامة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى مارس (آذار) الماضيين، بلغ 89.3 تريليون وون، بزيادة قدرها 1.8 تريليون وون عن الهدف السابق، وهو 87.4 تريليون وون.
وأشارت الوزارة إلى أن حجم الإنفاق خلال الربع الأول من العام الحالي يمثل نحو 31.7 في المائة من إجمالي حجم موازنة العام المالي ككل، ومن المعتاد في كثير من الدول أن يتم إنفاق الجزء الأكبر من الموازنة في نهاية العام، في فترة إقفال الحسابات، ولكن كوريا تبدو متعجلة في خطة الإنعاش المحلية التي تعتمدها منذ فترة.
وأشارت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إلى أن الحكومات الإقليمية في كوريا الجنوبية أنفقت 52.1 تريليون وون من ميزانية العام الحالي خلال الربع الأول منه.
في الوقت نفسه، تتوقع وزارة المالية تحقيق كوريا الجنوبية نمواً اقتصادياً بمعدل 2.6 في المائة خلال العام الحالي، بانخفاض قدره 0.4 نقطة مئوية عن توقعاتها السابقة.
وفي حين شهدت الصين عجزاً تجارياً مؤقتاً، سجل فائض الميزان التجاري لكوريا الجنوبية ارتفاعاً خلال فبراير (شباط) الماضي بفضل زيادة الصادرات، حيث أظهر تقرير صادر عن البنك المركزي أن فائض الميزان التجاري للبلاد بلغ خلال فبراير الماضي 8.4 مليار دولار، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ليستمر فائض الميزان التجاري للشهر الستين على التوالي منذ مارس 2012.
وأشارت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء إلى أن فائض الميزان التجاري خلال فبراير الماضي هو الأعلى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث كان 8.89 مليار دولار.
وسجل فائض ميزان تجارة السلع لكوريا الجنوبية خلال فبراير الماضي 10.55 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.74 مليار دولار عن يناير (كانون ثان) الماضي، و2.62 مليار دولار عن الشهر نفسه من العام الماضي.
وبحسب بيانات البنك المركزي الكوري الجنوبي، ارتفعت صادرات البلاد بنسبة 23 في المائة سنوياً إلى 44.63 مليار دولار، فيما ارتفعت الواردات بنسبة 20.2 في المائة إلى 34.08 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
في الوقت نفسه، ارتفع عجز ميزان تجارة الخدمات للبلاد بشكل كبير من 1.16 مليار دولار في فبراير 2016 إلى 2.23 مليار دولار خلال الشهر نفسه من العام الحالي، في حين جاء أقل من العجز المسجل في يناير (كانون ثان) الماضي، حيث كان 3.36 مليار دولار.
كانت وزارة المالية الكورية الجنوبية قد أعلنت ارتفاع إجمالي الدين العام للبلاد إلى أكثر من 600 تريليون وون (563.7 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، وهو مستوى قياسي جديد بسبب السياسة المالية التوسعية لتعزيز الاقتصاد الراكد.
وأشارت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء إلى أن إجمالي الدين العام الذي يشمل حسابات وصناديق الحكومة المركزية والحكومات المحلية، وصل في نهاية 2016 إلى 627.1 تريليون وون، بزيادة قدرها 35.7 تريليون وون عن العام السابق، مشيرة إلى أنه سيتم تقديم التقرير الرسمي عن الديون إلى البرلمان في مايو (أيار) المقبل، بعد مراجعته من جانب مجلس مراجعة الحسابات والتفتيش.
في الوقت نفسه، تراجع معدل الدين العام إلى 38.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الماضي، بانخفاض قدره نصف نقطة مئوية عن العام السابق، مما يعني أن الدين يرتفع بوتيرة أقل من النمو، رغم الخطط التوسعية.
ونقلت «يونهاب» عن «لي سونغ تشول»، المدير العام لمكتب الإدارة المالية بوزارة المالية، القول: «إن الديون الوطنية ظلت في ازدياد مطرد لعقد من الزمان، مع نموها على أساس سنوي يتراوح بين 40 و50 تريليون وون».
وأضاف: «هذه الوتيرة تباطأت بشكل طفيف في العام الماضي، لتصل إلى 35.7 تريليون وون»، وأوضح أنه ستكون هناك مراقبة عن كثب لما إذا كان اتجاه التباطؤ سيستمر.
وكانت حكومة كوريا الجنوبية قد وضعت جانباً ميزانية إضافية قدرها 11 تريليون وون في العام الماضي لدعم الاقتصاد المتعثر الذي نما بنسبة 2.7 في المائة، بسبب ضعف الصادرات وتراجع الطلب المحلي.
وقد شهد رابع أكبر اقتصاد في آسيا تراجعاً في صادراته لمدة 9 أشهر في العام الماضي، مع انخفاض بنسبة 5.9 في المائة خلال العام الماضي ككل.
وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي الإيرادات التي حققتها الحكومة في العام الماضي 401.8 تريليون وون، مع توسع أرباحها الضريبية بسبب زيادة الصفقات العقارية، في حين بلغ مجموع نفقاتها 384.9 تريليون وون.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.