مجزرة خان شيخون... بين اختبار إدارة ترمب وبداية «إبادة إدلب»

«الهيئة العليا» تتجه لإيقاف مشاركتها في «جنيف» ما لم تصدر قرارات لمحاسبة النظام

سكان محليون من خان شيخون بمحافظة إدلب يحفرون القبور لدفن ضحايا «مجزرة الكيماوي» (أ.ف.ب)
سكان محليون من خان شيخون بمحافظة إدلب يحفرون القبور لدفن ضحايا «مجزرة الكيماوي» (أ.ف.ب)
TT

مجزرة خان شيخون... بين اختبار إدارة ترمب وبداية «إبادة إدلب»

سكان محليون من خان شيخون بمحافظة إدلب يحفرون القبور لدفن ضحايا «مجزرة الكيماوي» (أ.ف.ب)
سكان محليون من خان شيخون بمحافظة إدلب يحفرون القبور لدفن ضحايا «مجزرة الكيماوي» (أ.ف.ب)

جاءت مجزرة الكيماوي في خان شيخون، أول من أمس، لتعيد إلى ذاكرة المعارضة كلام وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري، بأن «إبادة إدلب» باتت قريبة، وذلك قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. هذه التوقعات التي أعلنها الدبلوماسي الأميركي معترفا بألا قدرة لواشنطن إلا حثهم على المشاركة في «جنيف» عشية جولتها الرابعة، تمثل اليوم أمام المعارضة المترقبة ما سيصدر عن مجلس الأمن من جهة وردة فعل الإدارة الأميركية الجديدة من جهة أخرى، وتحديدا كيفية تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع «الخطوط الحمراء» التي سبق أن حددها أوباما، المتمثلة في حظر استخدام الكيماوي، من دون أن تستبعد أن تمضي روسيا والنظام في خطتهما لإنهاء الفصائل المعتدلة في إدلب والغوطة الشرقية.
مع العلم أن مجزرة خان شيخون جاءت بعد يومين من قصف طيران روسي لمواقع تابعة لفصائل موقعة على «اتفاق وقف النار» ومشاركة في مؤتمر «آستانة»، ولحق بها يوم أمس عملية اغتيال طالت قياديين في المعارضة في إدلب أدت إلى مقتل العقيد علي السماحي، رئيس أركان «جيش إدلب الحر»، وإصابة المقدم أحمد السعود، قائد «الفرقة 13»، ووجهت المعارضة أصابع الاتهام إلى «هيئة تحرير الشام».
في حين يرجح المتحدث باسم الهيئة العليا التفاوضية، رياض نعسان آغا، أن تتخذ المعارضة قرارا بإيقاف مشاركتها في أي مفاوضات سياسية، ما لم يعلن بشكل واضح عن خطوات أو قرارات لمحاسبة النظام السوري، وتحديدا في مجلس الأمن، يذكّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بما قاله كيري، نهاية العام الماضي، خلال الاجتماع الذي كان حاضرا فيه مع كيري إلى جانب رئيس الهيئة العليا التفاوضية، رياض حجاب، قائلا: «عندما سألناه عما سيحصل في إدلب بعدما باتت معقل الفصائل المعارضة والمحطة الوحيدة التي يلجأ إليها المهجرون من المناطق التي فرض عليها النظام (المصالحات)»، أجاب كيري «الإبادة. وليس أمامنا إلا أن ننصحكم بعدم مقاطعة (جنيف)». من هنا يقول آغا «يبدو واضحا أن إبادة إدلب قد بدأت وبموافقة دولية بعد استثنائها من كل اتفاقات وقف إطلاق النار انطلاقا من تواجد (جبهة النصرة) فيها، إلى جانب الفصائل الأخرى، وهي الحجة التي يتمسك بها النظام وموسكو لتنفيذ مخططهما وبالتالي الذهاب إلى النهاية في الحملة».
من جهة أخرى، يتفق كل من الباحث السوري المعارض، أحمد أبازيد، مع العقيد فاتح حسون، الذي شارك في «جنيف» و«آستانة»، في وضع مجزرة خان شيخون» ضمن خانة «اختبار الإدارة الأميركية» من قبل موسكو والنظام. ويرى أبازيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: أن «توقيت استخدام الكيماوي هذه المرة متعلق بالخطة الروسية للحملة على إدلب والغوطة الشرقية، وبالتالي فإن ردة الفعل الأميركية ستحدد توجه هذه الخطة التي يعد الطرفان لها في المنطقتين اللتين تعتبران معقل الفصائل المعارضة».
من جهته، يقول حسون لـ«الشرق الأوسط»: «النظام يريد أن يعرف عما إذا كانت الخطوط الحمراء التي وضعها أوباما سيتقيد بها أيضا الرئيس الجديد، وبالتالي يختبر تعاطيه مع الإرهاب الذي يمارسه، فإذا كانت تقليدية سيستمر في سياسته من دون رادع». مع العلم أن ردة فعل البيت الأبيض الأولى على مجزرة الكيماوي ارتكزت على هذا الموضوع، وجاء تعليقه منتقدا سياسة ترمب قائلا: «الأعمال المشينة من نظام بشار الأسد نتاج لضعف الإدارة السابقة وترددها».
في موازاة ذلك، كان لافتا يوم أمس، اغتيال العقيد علي السماحي، رئيس أركان «جيش إدلب الحر»، لدى مروره في منطقة خان السبل بريف إدلب الجنوبي، وإصابة المقدم أحمد السعود، قائد «الفرقة 13»، الذي كان في السيارة نفسها. وقد اتهمت بعض أطراف المعارضة «هيئة تحرير الشام» بالعملية، وربطت بينها وبين قرار إنهاء الفصائل المعارضة في إدلب، لكن مصدرا إعلاميا في «الهيئة» نفى لموقع «عنب بلدي» المعارض مسؤولية الفصيل عن عملية الاغتيال، وقال: «إطلاق الرصاص تم في منطقة بعيدة عن حاجز الهيئة بكيلومترات عدة».
ورأى مصدر قيادي في «الجيش الحر» في إدلب، أن كل المؤشرات من ضرب مواقع للفصائل في إدلب الأسبوع الماضي ومن ثم مجزرة الكيماوي وأمس عملية الاغتيال، ترتبط بقرار إنهاء الثورة في إدلب بشكل خاص وفي سوريا بشكل عام، مشيرا إلى أن إخراج أهالي الفوعة وكفريا، ورقة الضغط الوحيدة في يد المعارضة، باتفاق بين إيران و«جبهة النصرة» تصب أيضا في هذه الخانة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما كنا نتوقعه منذ اللحظة الأولى لبدء عمليات التهجير من ريفي دمشق وحمص، بدأ اليوم»، موضحا «تجميع الثورة في إدلب وبعدها صبغ المحافظة وريفها باللون الأسود، ومن ثم تصنيف (هيئة تحرير الشام) التي تشكّل (جبهة فتح الشام) (النصرة سابقا) الفصيل الأبرز فيها، منظمة إرهابية، يعني وضع المجتمع الدولي أمام خيارين، إما النظام أو الإرهاب، وطبعا ستتم مساندة الأسد».
ويشكل تواجد «هيئة تحرير الشام» في إدلب، بحسب المصدر القيادي في «الحر» نحو 50 في المائة في المدينة وريفها، في حين تسيطر الفصائل الأخرى على النصف الآخر من المنطقة، مشيرا في الوقت عينه إلى أن مناطق النفوذ الجغرافية تبقى مختلطة ومتداخلة، وهو ما من شأنه أن ينعكس سلبا على المعارضة أمام أي حملة محتملة من قبل روسيا والنظام.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.