تعليم أميركي عالٍ في الهند بتكلفة الروبية المتواضعة

الحكومة تسمح للجامعات الأجنبية بافتتاح فروع مستقلة في البلاد

تعليم أميركي عالٍ في الهند بتكلفة الروبية المتواضعة
TT

تعليم أميركي عالٍ في الهند بتكلفة الروبية المتواضعة

تعليم أميركي عالٍ في الهند بتكلفة الروبية المتواضعة

كان أداء راهول، الشاب من مدينة دلهي، جيداً للغاية في امتحان الشهادة الثانوية. وهو متحمس جداً للانضمام إلى استكمال دراسته في إحدى جامعات مجموعة «إيفي» الأميركية، التي تعتبر من أعرق الجامعات في الولايات المتحدة. وتلك الجامعات هي: «براون، وهارفارد، وكورنيل، وبرينستون، ودارتموث، وييل، وكولومبيا، وبنسلفانيا».
ولا يرجع السبب في ذلك إلى خلفيته الثرية، بل أتيحت له الفرصة من خلال البرنامج الدراسي في حرم غورغاون بالهند التابع للجامعة الأميركية.
ومن المتوقع أن يتحول حلم الآلاف، وربما الملايين من الطلاب، الطامحين إلى نيل فرص التعليم الأجنبي من الطراز العالمي في الهند بتكلفة الروبية الهندية المتواضعة، إلى حقيقة واقعة قريباً مع سعي الحكومة لفتح الأبواب للجامعات الأجنبية في البلاد.
وعلى الرغم من أن الجامعات الهندية لا تزال تستعد لفتح فروع مستقلة لها في الهند، والتأخير في ذلك يعود إلى العقبات التنظيمية الهندية، فإن بعضاً من أكبر مؤسسات التعليم العالي افتتحت مراكز بحثية لاجتزاء نصيب من السوق المتنامية للتعليم التنفيذي الهندي وغير ذلك من فرص الشراكة البحثية السانحة.
وما يزيد على 651 مؤسسة توفر خدمات التعليم الأجنبي وتعمل حالياً في الهند. وهي توفر خدمات التعليم عن بعد، وخدمات الشراكة الجامعية بين المؤسسات المتشاركة في البرامج التعليمية، أو هي جزء من البرامج التعليمية التعاونية.
وهناك جامعات عريقة وكبيرة ومعروفة على مستوى العالم لديها الآن مراكز وفروع عاملة في مدينة نيودلهي، مثل جامعة شيكاغو، وفيرجينيا تيك، وجامعة ملبورن، وغيرها وليس هناك قانون هندي ينص على إنشاء أو تشغيل فروع للجامعات الأجنبية في البلاد. وفي الوقت الحالي، تحتاج الجامعة الأجنبية لأن تنضم إلى أحد مزودي الخدمات التعليمية المحلية من أجل أن تتمكن من توفير الدورات التعليمية والدرجات العلمية التي لا تندرج تحت فئة الدرجات الجامعية الأجنبية. وفي تطور آخر في هذا الصدد، مهد مركز «نيتي آيوغ» لأبحاث السياسات الحكومية الهندية، الأجواء لصالح الجامعات الأجنبية من أجل إقامة الحرم الجامعي الخاص بها في الهند.
ولقد قررت الحكومة الهندية السماح للجامعات الأجنبية بالعمل بصورة مستقلة في الهند، وإنشاء الحرم الجامعي الخاص بها، وتوفير الدرجات الجامعية من دون الحاجة إلى الشراكة مع شريك محلي؛ وهي الخطوة التي فتحت الباب أخيراً أمام المؤسسات التعليمية الأجنبية التي تسعى لأن يكون لها وجود فعلي في البلاد. ولقد اتخذ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مبادرة خاصة لتسهيل اللوائح والإجراءات التي تسمح للجامعات الأجنبية بافتتاح الحرم الجامعي الخاص بها في الهند بموجب حلمه الخاص بتحويل الهند إلى مركز كبير للتعليم في قارة آسيا.
وذكرت مصادر حكومية هندية تقول: «مهد مركز (نيتي آيوغ) الأجواء، واقترح ثلاثة مسارات مختلفة لتسهيل إنشاء الجامعات الأجنبية في البلاد».
وفتح الباب أمام الجامعات الأجنبية للعمل في الهند لن يساعد فقط على سد العجز في المؤسسات التعليمية ذات الجودة العالية في الهند، ولكنه سوف يساعد كذلك في جذب الطلاب من مختلف البلدان الآسيوية الأخرى للدراسة في الهند، كما أنه سوف يقلل من حاجة الطلاب الهنود لإنفاق المبالغ المالية الكبيرة للدراسة في الخارج.
وهناك ما يقرب من 200 ألف طالب هندي ينفقون نحو 4.25 مليار دولار على الخدمات التعليمية في الخارج خلال عام 2015 وحده، وفقا لبيانات البنك المركزي الهندي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المقار المحلية للجامعات الأجنبية سوف تساعد الحكومة الهندية في المحافظة على الحد الأدنى من هجرة العقول الهندية إلى الخارج، حيث إن أغلب الطلاب المتميزين الذين يسعون لنيل الدرجات الجامعية من الخارج يميلون بشكل عام إلى قبول عروض العمل في الخارج.
وبصرف النظر عن المدخرات التي تتحقق من العملات الأجنبية عن طريق توفير الفرص للطلاب الهنود للدراسة في الهند، فإن دخول مزودي الخدمات التعليمية الأجنبية إلى البلاد من شأنه أن يزيد في الاستثمارات وتشجيع عمليات البحث والتطوير، وهو القطاع الذي شهد الكثير من الإهمال منذ فترة طويلة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.