مجلة «الثقافة الجديدة»: ملف عن المشهد الأدبي الشاب في مصر

مجلة «الثقافة الجديدة»: ملف عن المشهد الأدبي الشاب في مصر
TT

مجلة «الثقافة الجديدة»: ملف عن المشهد الأدبي الشاب في مصر

مجلة «الثقافة الجديدة»: ملف عن المشهد الأدبي الشاب في مصر

صدر العدد الجديد من مجلة «الثقافة الجديدة»، وتضمن ملفاً واسعاً يرصد ملامح المشهد الأدبي الشاب في مصر الآن، تناول فيه عدد من النقاد إبداعات الشباب في القصة القصيرة والشعر، وذلك في شكل تطبيقي، فالأعمال موضع النقد منشورة بالعدد نفسه من المجلة، مما يعني محاولة لقراءة المشهد الآني بتجلياته المختلفة.
قدم القراءات النقدية كل من: د.ياسر رضوان، ود.ممدوح فرّاج النابى، وشيماء محمد حمدي، ود.شوكت المصري، ود.أبو اليزيد الشرقاوي، ود.أحمد الصغير، وقدم د.محمد سمير عبد السلام قراءة في المجموعة القصصية «الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة» لأحمد مجدي همام. واختتم ملف الأدب بحوار مع القاص طه عبد المنعم، أجراه وائل سعيد. بينما كان كتاب الشهر لهذا العدد هو رواية «يزن» للكاتبة الشابة ابتهال الشايب، ناقشه كل من: د.محمد سليم شوشة، وأشرف البولاقي. وتضمن ملف الأدب أربع عشرة قصيدة للشعراء: محمد القليني، ومصطفى أبو مسلم، ورضا أحمد، ومصطفى السيد سمير، ورغدة مصطفى، ومحمد بدران، ومصطفى محمود، وزيزي شوشة، وأحمد سعيد، ويوسف مسلم، وآلاء فودة، وإيهاب الراقد، وإبراهيم عادل زيد، ومحمد قمصان. وقصصاً لكل من: سيد شومان، وكريم فريد، وأحمد عبد العاطي، وإيناس محمد التركي، ومحمد سيد عبد الرحيم، وإسراء عماد، ومصطفى سيف، ووجدان الدواخلي، وريهام محمد، وشيرين يونس. وعلى هامش هذا الملف ضم العدد شهادات لكل من: سارة عابدين، وأحمد عايد، ودينا سليمان، وعبد الرحمن مقلد، وأحمد سمير سعد، ومصطفى الشيمي، وأحمد أبو دياب، ورانيا هلال، وفرح أبى طلعت مسلم.
في افتتاحية المجلة المعنونة «إطلالة من زاوية واحدة على المشهد الأدبي الشاب في مصر» كتب رئيس التحرير: «لا تدعي (الثقافة الجديدة) أنها تعد ملفاً عن المشهد الأدبي الأحدث، لكنها - بتواضع يليق بالثقافة نفسها - تظن أنها أخذت جانباً منه على قدر المساحة المتوفرة من ناحية، وبتطبيق قواعد النشر حسب المستطاع، بحيث لا يتكرر اسم من نشر قريباً، كما نقر أن البعض اعتذر عن الكتابة لظروف تخصه لم نناقشه فيها، والبعض وعد ولم يفِ بطبيعة الأشياء وتكرارها الذي نألفه، كما أن هناك جانباً لا يثق بنا، وهذا حقه. لكن (الثقافة الجديدة) مستعدة بكل الود أن تكرر هذه التجربة في أعدادها المقبلة...».
وتضمن ملف «تجديد الخطاب الديني» مقالات لكل من: د.غيضان السيد علي، ود.ماهر عبد المحسن، ومقال لستيفن داوسون ترجمه أحمد عبد الفتاح. أما ملف الترجمة فكان قصائد لإيريكا جونج (نهاية العالم وقصائد أخرى) ترجمها د.محمد عبد الحليم غنيم، بينما ترجمت عبير الفقي قصة إيتالو كالفينو «الخروف الأسود»، وترجم يوسف فرغلي قصة الصيني لو مين «الطفل الثاني».
أما «رسالة الثقافة» فتضمنت حواراً مع الكاتب الروائي مكاوي سعيد أجرته سماح عبد السلام، وفى باب «شخصيات» كتب محمود عبد الصمد زكريا «سيد حجاب يقرعُ الصمتَ.. فتجيبهُ الموسيقى»، وكتب د.محمد زيدان عن «طاهر البرنبالي شاعر يشرق في مرايا الحلم»، وفى باب السينما كتبت إسراء إمام «عن الرغبات التي نقتلها تقرباً إلى الله» وفى المسرح كتب د.محمد محمود العطار عن «مسرح الطفل العربي... الواقع والمستقبل»،
وكتب عثمان الأمير في الثقافة الشعبية عن «العبابدة في مثلث حلايب وشلاتين». وفى باب الكتب مقالات لكل من: أحمد سويلم، وإيمان الزيات، ورضوى جابر شعبان.
«مجلة الثقافة الجديدة» تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، ويتولى الشاعر عادل سميح، منصب مدير التحرير، والكاتبة أمينة عبد الله، سكرتير التحرير، وصاحبت لوحات الفنانة التشكيلية راوية الحلواني هذا العدد.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».