«يونيسيف»: أكثر من 350 ألف طفل يمني غير قادرين على مواصلة التعليم

الاعتداءات على المدارس ارتفعت من 50 إلى 212 خلال سنة

«يونيسيف»: أكثر من 350 ألف طفل يمني غير قادرين على مواصلة التعليم
TT

«يونيسيف»: أكثر من 350 ألف طفل يمني غير قادرين على مواصلة التعليم

«يونيسيف»: أكثر من 350 ألف طفل يمني غير قادرين على مواصلة التعليم

أدت الحرب المستعرة في اليمن منذ عامين لأن يدفع الأطفال حياتهم ومستقبلهم ثمناً لهذه الحماقة التي ارتكبها الحوثيون وصالح، وأصبح أطفال اليمن يكابدون اليوم مختلف ألوان المعاناة صباح مساء، بين قتلى ومصابين ومجندين ونازحين ومحرومين من التعليم والرعاية الصحية.
أرقام الأمم المتحدة تؤكد أن أكثر من 1.600 مدرسة لم تعد صالحة للاستخدام، كونها تضررت كلياً أو جزئياً أو تستخدم كمأوى للأسر النازحة أو محتلة من قبل أطراف الصراع، ونتيجة لذلك، فإن نحو 350 ألف طفل يمني أصبحوا غير قادرين على مواصلة التعليم، مما رفع عدد الأطفال خارج المدارس إلى مليوني طفل.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد الأسعدي الناطق باسم منظمة الأمومة والطفولة (اليونيسيف) في اليمن أن التقرير ركز على منظومة الأسرة التي تهددها الحرب بشكل خاص في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وأضاف: «للأسف الكلفة ترتفع كلما تأخرنا في وضع الحلول، فما نراه أن يوماً في الدمار نحتاج عاماً كاملاً لإعادة إعماره، والحرب تلتهم كل شيء دون تمييز بين الأطفال والنساء والشيوخ». وبحسب تقرير منظمة اليونيسيف الذي صدر يوم أمس بمناسبة دخول الحرب عامها الثالث في اليمن الذي يعد أفقر دول الشرق الأوسط، ارتفع عدد الأطفال الذين قتلوا وأصيبوا جراء الصراع بنسبة 70 في المائة، حيث ارتفع عدد القتلى من الأطفال خلال العام الماضي من 900 إلى أكثر من 1.500، وتضاعف عدد الأطفال المصابين، من 1.300 إلى 2.450، فيما وصل عدد الأطفال المجندين في القتال إلى 1.580 بعد أن كان 850 العام الذي قبله.
وأشار التقرير إلى أن الاعتداءات على المدارس ارتفعت بأكثر من أربع مرات من 50 اعتداء العام الماضي إلى 212، كما ارتفعت الاعتداءات على المستشفيات والمرافق الصحية بالثلث من 63 إلى 95 حالة. وقالت ممثلة يونيسيف في اليمن الدكتورة ميريتشل ريلانيو إن «الحرب في اليمن تأتي على حياة الأطفال ومستقبلهم، وإن القتال والدمار المستمرين بلا هوادة يحدثان تشوهات ترافق الأطفال مدى الحياة، وغدت الأسر معدمة وتكافح للتكيف على الوضع».
وأضافت: «تواصل اليونيسيف العمل مع شركائها لتقديم الدعم المنقذ للحياة للأطفال الأكثر حرماناً وضعفاً، من بينه توفير اللقاحات، وإمدادات التغذية العلاجية، ودعم علاج حالات سوء التغذية، والدعم النفسي الاجتماعي، وتقديم المعونات النقدية الإنسانية.
ودعت اليونيسيف لاتخاذ التدابير العاجلة وأهمها إيجاد حل سياسي فوري للحرب في اليمن، وينبغي على أطراف الصراع التوصل إلى حل تفاوضي، يضع حقوق الأطفال في البلد الذي مزقته الحرب، أولوية، إلى جانب وضع حد لجميع الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال، وينبغي حمايتهم في كل الظروف.
وطالبت اليونيسيف بتوسيع نطاق الاستجابة التكاملية (متعددة القطاعات) بشكل عاجل للحد من سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، كما يتوجب تحسين سبل وصول المساعدات الإنسانية إلى كافة أرجاء اليمن للوصول إلى الأكثر حرماناً واحتياجاً، وتعزيز آليات التكيف مع الظروف المعيشية الصعبة لدى الأسر من خلال إتاحة خدمات أساسية مجانية وذات جودة وتوفير معونات نقدية على نطاق واسع. وأردفت الدكتورة ريلانيو: «علينا أن نعمل الآن على إنقاذ الأسر من حافة الهاوية. إن المخاطر عالية للغاية وقد تمتد لأجيال قادمة». وبحسب التقرير، فقد قلص العنف سبل التكيف بشكل حاد، مما جعل اليمن من أكثر الدول تضرراً بأزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية على مستوى العالم. وباتت الأسر تتناول طعاما أقل، أو تلجأ لأطعمة بقيمة غذائية أدنى، أو تتجاوز بعض الوجبات الأساسية، ويعاني قرابة نصف مليون طفل من سوء تغذية حاد - وهي زيادة بنسبة 200 في المائة منذ عام 2014 - مما ينذر بخطر الوقوع في مجاعة.
وبشكل لافت، تزداد أعداد الذين يعانون من الفقر المدقع والضعف، فقرابة 80 في المائة من الأسر مثقلة بالديون، ونصف سكان البلاد يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، بحسب التقرير.
ومع تراجع مصادر دخل الأسرة (أو تراجع دخول الأسر)، يتم تجنيد المزيد من الأطفال، والدفع بهم نحو الزواج المبكر، فأكثر من ثلثي الفتيات تم تزويجهن قبل بلوغهن 18 عاما، مقابل 50 في المائة منهن قبل تفاقم الصراع. كما تستغل الأطراف المسلحة، وبشكل متزايد، الأطفال، خاصة مع ارتفاع وتيرة المواجهات.
وتفيد اليونيسيف بأن النظام الصحي في اليمن بات على حافة الانهيار، مما يجعل قرابة 15 مليونا من الرجال والنساء والأطفال بلا رعاية صحية. ولا يزال وباء الكوليرا والإسهالات المائية الحادة، الذي انتشر في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، مستمر في الانتشار، وقد نجم عنه 106 حالات وفاة وأكثر من 22.500 حالة اشتباه بالإصابة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.