المغرب: «التقدم والاشتراكية» يطلق مؤسسة باسم زعيمه الراحل «علي يعته»

الملك محمد السادس وجه رسالة إلى جمعها التأسيسي

عبد اللطيف المنوني وعبد الإله ابن كيران ونبيل بنعبدالله لدى تدشين مؤسسة «علي يعته» في الرباط («الشرق الأوسط»)
عبد اللطيف المنوني وعبد الإله ابن كيران ونبيل بنعبدالله لدى تدشين مؤسسة «علي يعته» في الرباط («الشرق الأوسط»)
TT

المغرب: «التقدم والاشتراكية» يطلق مؤسسة باسم زعيمه الراحل «علي يعته»

عبد اللطيف المنوني وعبد الإله ابن كيران ونبيل بنعبدالله لدى تدشين مؤسسة «علي يعته» في الرباط («الشرق الأوسط»)
عبد اللطيف المنوني وعبد الإله ابن كيران ونبيل بنعبدالله لدى تدشين مؤسسة «علي يعته» في الرباط («الشرق الأوسط»)

وسط حضور سياسي وإعلامي وازن، أعلن حزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقا)، مساء أول من أمس بمقره المركزي في الرباط العاصمة، عن إطلاق «مؤسسة علي يعته»، التي يسعى من ورائها الحزب لاستعادة صورة زعيمه الراحل، والتعريف بسيرته وحياته النضالية، التي بصمت تاريخ المغرب المعاصر.
ويروم القائمون على المبادرة جعل «مؤسسة علي يعته» فضاء «منفتحا على الدراسات والبحوث والتناظر في قضايا الفكر والسياسة والمجتمع»، من خلال الخوض في «سيرة واحد من رموز اليسار التقدمي المغربي، وأحد الأسماء الكبيرة في التاريخ السياسي والإعلامي والنضالي الوطني».
ووجه العاهل المغربي الملك محمد السادس رسالة للجمع العام التأسيسي لـ«مؤسسة علي يعته»، تلاها مستشاره عبد اللطيف المنوني، أشاد فيها بخصال الراحل يعته، الذي وصفه بـ«الوطني الغيور والمناضل الملتزم»، كما أعرب فيها عن دعمه لمبادرة «إحداث مؤسسة تحمل اسم الزعيم علي يعته».
ودعا العاهل المغربي في رسالته إلى «استلهام القيم والمبادئ التي ناضل من أجلها، وجعل هذه المؤسسة منارة للوطنية الصادقة، وملتقى للفكر الرصين والحوار البناء، وفضاء للمساهمة الإيجابية في مختلف القضايا الوطنية»، كما نوه الملك محمد السادس بيعته الذي كان يحظى بمكانة خاصة لدى والده الراحل الملك الحسن الثاني، وباحترام المغاربة، وبخاصة منهم الذين عرفوه أو عاصروه.
وأضاف العاهل المغربي قائلا: «كما نكن له شخصيا كل التقدير اعتبارا للوطنية الصادقة التي كان يتحلى بها، ولرصيده النضالي من أجل الحرية والاستقلال، وإسهامه الإيجابي في بناء المغرب الحديث»، كما اعتبر الملك محمد السادس، الراحل يعته من «القادة السياسيين المغاربة الرواد، المشهود لهم بالمصداقية والعطاء الوطني البناء والوفير في المجالين السياسي والحزبي، ومن رموز العمل الوطني والحزبي الرصين».
وأثنت الرسالة الملكية، على فكر الراحل يعته ورؤيته للعمل السياسي، وجاء فيها: «كان حاملا لمقاربة متميزة للالتزام السياسي، قوامها المساهمة البناءة في العمل المؤسسي الهادف، وجعل المصلحة العليا الوطنية تعلو فوق أي اعتبار، بعيدا عن المزايدات العقيمة»، وهو ما مكنه من ترك بصمات «عميقة ودالة في مسار حزبه وتطوره منذ نواته الأولى، إلى تأسيس حزب التقدم والاشتراكية، الذي كان أول أمين عام له».
وزاد العاهل المغربي قائلا في معرض إطرائه ومدحه للسياسي الراحل علي يعته: «لقد كرس طاقته وجهوده لإعطاء هذا الحزب المكانة التي يستحقها في المشهد السياسي الوطني، وتعزيز دوره، بمعية الأحزاب الوطنية في ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وانخراطه في النهوض بورشات التنمية والتحديث ببلادنا».
وسجلت الرسالة الملكية أن الراحل «ساهم بانفتاحه وبرصيده الفكري وبالقيم السامية التي كان يؤمن بها، في بناء يسار مغربي متسم بالنضج السياسي وبروح المسؤولية العالية، بالإضافة إلى تشبثه بثوابت الأمة ومقدساتها، وحرصه على خدمة الوطن، والدفاع عن قضاياه، بعيدا عن كل ما كان يطبع التيارات اليسارية المتطرفة، التي ظهرت في بعض مناطق العالم، في النصف الثاني من القرن الماضي».
من جهته، أكد مولاي إسماعيل العلوي، رئيس اللجنة التحضيرية المكلفة بوضع أسس «مؤسسة علي يعته»، أن الراحل الذي نحتفي به اليوم «كان متشبعا بأفكار الرواد ويدرك تمام الإدراك تطور تاريخ البشرية، كما يعرف ما يعتمل في مجتمعه ومحيطه ويحرص على إدراج كل المعطيات في سياق الزمن والظرف المعيشة في مختلف السياقات السياسية»، مشددا على أن «سي علي»، كما كان يناديه رفاقه، وطني صادق «كافح ضد الوجود الاستعماري في الوطن».
وأفاد العلوي في كلمة بالمناسبة أن زعيم حزبه ورفيق دربه كان مناضلا من أجل «رفع مستوى الوعي السياسي لمنتجي الثروة بالبلاد من العمال المنجميين والزراعيين والفلاحين والمواطنين الأحرار»، موضحا أن هاجس الراحل المركزي كان «نصرة الديمقراطية الحقة التي ترعى الحقوق والحريات، وتضمن الحقوق الاجتماعية الملموسة التي تهم الحياة اليومية للمجتمع»، مضيفا أنه كان من رواد فكرة «الديمقراطية بالمشاركة التي تخفف ممارستها من الانحرافات الكامنة في الديمقراطية التمثيلية التفويضية».
وشدد العلوي على أن المؤسسة ينبغي أن تستلهم روحها من «تجربة المناضل علي يعته وحزبه، وأن تساعد المناضلين على فهم محيطه ومناقشة أوضاعه قبل تقديم خلاصات على شكل دراسات وأبحاث تنشر للعموم»، مسجلا أن المجالات التي ستنكب على دراستها المؤسسة هي «الحياة السياسية المبنية على أسس الديمقراطية، والحياة الاجتماعية المرتكزة على المساواة بحسن توزيع الثروة الوطنية وباحترام الفرد، ذكرا كان أو أنثى، والحياة الاقتصادية المعتمدة على شعب عارف، وعلى أحدث ما وصلت إليه عبقرية البشر كالأنظمة الرقمية»، بالإضافة إلى «الحياة الثقافية المنفتحة على الآخر».
أما نبيل بن عبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، فذهب إلى أن إحداث «مؤسسة علي يعته»، يأتي في إطار وفاء الحزب ومناضليه لـ«الإرث الفكري الأصيل والثري الذي خلفه الفقيد على أكثر من مستوى»، موضحا أن المؤسسة ستعمل على استثماره في «مواصلة المسير على هدي تعاليمه»، مشيرا إلى أن المؤسسة ستكون «فضاء مفتوحا ومنفتحا للتناظر في قضايا الفكر والسياسة والثقافة والإعلام والمجتمع».
وأعرب بنعبدالله عن أمله في أن تغدو «المؤسسة فضاء لتطوير الممارسة السياسية والارتقاء بأساليبها، في إطار الجمع بين التشبث بالقيم الأصيلة للمجتمع المغربي والانفتاح الواعي على العصر والتكيف الدائم مع تطوراته باعتبارها من الدعائم الأساس للتجربة الديمقراطية المغربية الفتية»، مبرزا أن الراحل، حاز مكانة بارزة في الحياة السياسية المغربية على مدى عقود.
وأشار أمين عام «التقدم والاشتراكية» في كلمته إلى أن الراحل يعته كان له «إسهام قوي في الحياة البرلمانية»، مذكرا بمقولة للعاهل الراحل الحسن الثاني، قالها في حقه إبان ذلك الوقت: «يقوم وحده بما لا تقوم به فرق برلمانية بكامل أعضائها»، وذلك في إشادة واضحة من عاهل البلاد بالأداء والقدرات التي كان يتمتع بها النائب يعته.
كما أشاد بنعبدالله، بالدور الذي قام به يعته في إغناء الفضاء الإعلامي بالبلاد، إذ اعتبر أن كتاباته اليومية وتحاليله وتقاريره المنشورة كانت تشكل «منجما من ذهب وهي بمثابة تأريخ مباشر ومتفاعل مع التطورات التي عايشها وكان فاعلا أساسيا في أحداثها»، مطالبا رفاقه وأعضاء حزبه بالاستفادة من تراث وسيرة الزعيم الراحل.
وشهد إعلان ميلاد «مؤسسة علي يعته» حضور كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال عبد الإله ابن كيران، ورئيس الحكومة المعين سعد الدين العثماني، ورئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماس، ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ومستشاري الملك محمد السادس، عبد اللطيف المنوني وأندري أزولاي، والأمين العام السابق للاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي، والسياسي محمد بنسعيد آيت يدر، ونبيلة منيب الأمينة العامة لليسار الاشتراكي الموحد، وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين والإعلاميين والمثقفين.
يشار إلى أن الراحل يعته من بين الشخصيات التي طبعت تاريخ المغرب السياسي والحركة الوطنية، رأى النور بمدينة طنجة (شمال البلاد) سنة 1920، والتحق بصفوف الحزب الشيوعي المغربي في أربعينات القرن الماضي، وانخرط في مقاومة الاستعمار الفرنسي مع رجال الحركة الوطنية، قبل أن ينفى في بداية الخمسينات إلى فرنسا ويحاكم فيها. ويعد يعته أول أمين عام لحزب التقدم والاشتراكية بعد تغيير اسمه سنة 1975 إلى (حزب التحرر والاشتراكية)، وظل قائدا للحزب إلى أن توفي في أغسطس (آب) 1997، بعد أن صدمته سيارة كان سائقها مخمورا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.