«النهضة» التونسية تسعى لتجديد هياكلها وسط مخاوف من انقسامات

«النهضة» التونسية تسعى لتجديد هياكلها وسط مخاوف من انقسامات
TT

«النهضة» التونسية تسعى لتجديد هياكلها وسط مخاوف من انقسامات

«النهضة» التونسية تسعى لتجديد هياكلها وسط مخاوف من انقسامات

أعطى المكتب التنفيذي لحركة النهضة التونسية إشارة الانطلاق لعقد مؤتمرات تجديد الهياكل المحلية والجهوية للحركة، تحت شعار «تجديد الهياكل من أجل الإصلاح والتطوير»، وذلك وفق روزنامة تتواصل إلى غاية نهاية أبريل (نيسان) المقبل، بهدف توسيع دائرة استهداف الشرائح المنتمية للحزب لتشمل الهياكل اللامركزية.
واعترفت حركة النهضة بوجود «درجات جد مقلقة من الاحتقان أثرت سلبا على سير الأنشطة الحزبية داخل الهياكل»، إلا أنها اعتبرتها نتيجة منطقية لخروج الحزب من مرحلة السرية إلى مرحلة العمل السياسي العلني. وبهذا الخصوص قال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، في تصريح إعلامي إن هذه المؤتمرات تمثل «تجسيدا لمبادئ الشفافية والديمقراطية وتكافؤ الفرص بين كل المرشحين المتنافسين من خلال هياكل الحركة ومؤسساتها، وفق مخرجات المؤتمر العاشر وفي إطار سياسة التوافق بين مختلف مكونات الحزب السياسي».
وحسب متابعين للتطورات التي عرفتها حركة النهضة، فإن أهم العوائق التي قد تقف أمام تطورها خلال الفترة المقبلة تتمثل في «كيفية تنظيم التنوع والاختلاف لكل الروافد الفكرية داخل الحركة»، خصوصا بعد بروز تيارات بين مؤيديها تختلف مع القيادات العليا حول عدة ملفات، على غرار تحالفها مع بعض رموز النظام السابق، ممثلين في حزب النداء، ومغادرتها السلطة نهاية سنة 2013 على رغم فوزها في الانتخابات.
وتشير مصادر مقربة من «النهضة» إلى أن «المهم بالنسبة للحزب هو ألا يتحول الاختلاف إلى خلاف يؤدي إلى انقسامات وشقوق»، مثلما حصل في حزب النداء الذي عرف انقسامات إثر فوزه في انتخابات 2014.
على صعيد آخر، أطلقت هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية) أمس برنامجا شاملا لجمع المعطيات حول ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في تونس منذ 1956 إلى 2013 في انتظار جبر الضرر. وستنطلق عمليات جمع المعطيات وتوثيقها في 26 من مارس (آذار) الحالي بمناطق الشمال الغربي والوسط الغربي، وفي 31 من الشهر نفسه بالجنوب الشرقي والغربي على أن يختتم البرنامج في الثاني من أبريل المقبل بالشمال الشرقي والوسط الشرقي.
وفي هذا الشأن قالت حياة الورتاني، رئيسة لجنة جبر الضرر في هيئة الحقيقة والكرامة، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس إن الهدف من وراء تنفيذ هذا البرنامج «إشراك مختلف المتدخلين من ضحايا ومجتمع مدني وأجهزة الدولة لطرح تصوراتهم، والتوصل إلى إرساء برنامج تشاركي موضوعي وعلمي يشمل التعويض المادي والمعنوي، ورد الاعتبار والاعتذار، واسترداد الحقوق وإعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي والاقتصادي»، مشيرة إلى أن جبر الضرر مرتبط بإحداث «صندوق الكرامة»، الذي ما زال ينتظر صدور أمر من قبل رئاسة الحكومة، وانتقدت عدم إشراك الهيئة في إيجاد الحلول الملائمة لعدد من الإشكاليات المتعلقة بطريقة تسييره ومهامه.
في غضون ذلك، ينتظر أن تعقد هيئة الحقيقة والكرامة جلسة استماع علنية مساء اليوم (الجمعة) بمناسبة الاحتفال بالذكرى 61 لاستقلال تونس، وستخصصها للانتهاكات التي رافقت خروج المستعمر الفرنسي من تونس، وعرض وثائق نادرة تتعلق بتلك الحقبة التاريخية للمرة الأولى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.