مقتل رجل أمن وإصابة مطلوب في اشتباكات جديدة في مخيم فلسطيني

مخاوف من الفلتان في الضفة تظهر حاجة السلطة إلى {فرض هيبتها»

رجل أمن فلسطيني في وضعية الاستعداد خلال تشييع جثمان زميله الذي سقط في اشتباكات أمس وعلى باب سيارته ملصق للقتيل (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني في وضعية الاستعداد خلال تشييع جثمان زميله الذي سقط في اشتباكات أمس وعلى باب سيارته ملصق للقتيل (إ.ب.أ)
TT

مقتل رجل أمن وإصابة مطلوب في اشتباكات جديدة في مخيم فلسطيني

رجل أمن فلسطيني في وضعية الاستعداد خلال تشييع جثمان زميله الذي سقط في اشتباكات أمس وعلى باب سيارته ملصق للقتيل (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني في وضعية الاستعداد خلال تشييع جثمان زميله الذي سقط في اشتباكات أمس وعلى باب سيارته ملصق للقتيل (إ.ب.أ)

قتل رجل أمن فلسطيني وأصيب أحد المطلوبين للأجهزة الأمنية في مخيم بلاطة، في مدينة نابلس في الضفة الغربية، بجراح خطيرة، في اشتباكات بين السلطة ومطلوبين مسلحين، أثارت المخاوف من تحول الأمر إلى فوضى وفلتان.
فقد استفاق سكان مخيم بلاطة مرة أخرى، على اشتباكات عنيفة ألفوها في الشهور القليلة الماضية، من دون أن يتضح وجود نهاية لهذه الحلقة من الاشتباكات.
وقال محافظ نابلس أكرم الرجوب، إن أحد المطلوبين للقوات الأمنية الفلسطينية، وهو أحمد أبو حمادة الملقب بـ«الزعبور»، المتهم بقتل مواطن من عائلة أخرى في مخيم عسكر، قبل نحو عام، بادر بإطلاق النار على حسن الحج علي، بينما كان يحاول اعتقاله من داخل سيارة، فقتله وفر باتجاه مخيم بلاطة، وجرى بعدها اعتقاله.
وأكد الرجوب على «استمرار النشاط الأمني المستدام وملاحقة الخارجين على القانون، بهدف تعزيز الأمن في نابلس، ومحاربة الخارجين عن القانون، ووضع حد لكل من يعتقد أن بإمكانه أن يتغول على حقوق وكرامة الناس».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «هدفنا الاستراتيجي هو تعزيز ثقافة النظام والقانون، الذي يجب أن يطبق على الجميع».
وتابع: «لدينا سلطة وقانون وسلاح واحد، ومن يعتقد أنه بإمكانه الاستقواء على المؤسسة الأمنية، بدعم من أي جهة، أو بامتلاك قطع السلاح فهو واهم».
وبينما كان رفاق الحج يشيعونه في قريته في كوبر في رام الله، في جنازة عسكرية رسمية، أغلق أصدقاء لأبو حمادة، الذي يخضع للعلاج تحت رقابة أمنية في مشفى في رام الله، شارعا رئيسيا قريبا من المخيم، احتجاجا على السلطة الفلسطينية.
واشتبكت عناصر من السلطة غير مرة، مع مسلحين في مخيم بلاطة والبلدة القديمة في نابلس، خلال الأشهر القليلة الماضية، كان من نتيجتها مقتل 5 ما بين عناصر في الأمن ومطلوبين.
وتقول أوساط السلطة إنها تلاحق مطلوبين متهمين بقضايا جنائية، لها علاقة بالقتل والاعتداء وفرض إتاوات، ويقول المطلوبون، إن السلطة تستهدفهم لأسباب متعلقة بـ«تصفية حسابات»، خصوصا أن معظمهم كانوا أعضاء في الأجهزة الأمنية أو حركة فتح.
لكن مصادر أمنية دأبت على تسريب أنباء بأن المجموعات المسلحة في بلاطة والبلدة القديمة ومناطق أخرى في الضفة، تتلقى تمويلا من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
ولمح الرجوب أمس إلى مثل هذه العلاقة بقوله: «هناك جهة بعينها تريد لمنطقة جغرافية محددة بنابلس، أن تبقى مزعجة لأهلنا، و(بتقصد) أن ندفع قوة عسكرية إلى داخل المخيم، لكن لن نقوم بذلك، ولدينا وسائل وإمكانات، والأسلوب الذي عملت به المؤسسة الأمنية أمس، أكبر دليل على توجهاتنا التي تخدم أمن المواطن والمجتمع».
وأشار الرجوب إلى أنه سبق لأبو حمادة أن هتف لدحلان، متسائلا: «من أين لشاب في مقتبل العمر أن يمتلك كل هذا السلاح؟ ومن الذي يورد له السلاح ويؤمن ثمنه، ويؤمن إيصاله له؟».
وترفض السلطة بشكل عام وجود أي سلاح في الضفة الغربية غير السلاح الذي يمتلكه أفرادها، بغض النظر عن طبيعته.
وصادرت السلطة أسلحة من عائلات وفصائل وجماعات في وقت سابق، في إطار فرض «الهيبة» و«القانون».
وتبرز الاشتباكات الجديدة حاجة السلطة إلى إثبات الهيبة مرة أخرى.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، إن «الحكومة ماضية في تحقيق وتوفير الأمن والاستقرار المجتمعي، ولن تتهاون في ملاحقة الخارجين عن القانون، وتقديمهم للعدالة، ضمن ما يمليه الواجب الوطني، وتفرضه مصالح المواطنين».
وأوضح المحمود أن الحكومة تجدد دعوتها للمخالفين كافة للتوجه فورا إلى جهات الاختصاص، من أجل تسوية أوضاعهم.
ويخشى كثير من الفلسطينيين من أن يدفع تكرار الاشتباكات وحوادث القتل البعض إلى أخذ القانون بأيديهم، خصوصا مع المحاولات المتكررة لاستهداف عناصر الأمن، وحوادث قتل رجال أمن ومطلوبين وأبرياء عزل.
ويزيد من هذه المخاوف، ما كان أعلنه، في وقت سابق، رئيس الوزراء الفلسطيني وزير الداخلية حول وجود جهات نافذة تقف وراء الفلتان، وأنه لا حصانة لهم ويجب اعتقالهم.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.