كشف محافظ بنك السودان المركزي عن خطة جديدة تعمل على المديين القصير والمتوسط لتهيئة البيئة المصرفية في بلاده، لاستيعاب حركة التعاملات المالية الدولية والاندماج في الجهاز المصرفي العالمي، بعد رفع العقوبات الأميركية عن التعاملات المالية، مشيراً إلى مباحثات مشتركة مع الجانب السعودي لتعظيم التعاملات المصرفية.
وقال الدكتور حازم عبد القادر أحمد بابكر، محافظ بنك السودان المركزي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «سيسافر وفد سوداني من البنك المركزي والبنوك التجارية إلى أميركا، للالتقاء مع البنوك الأميركية، لفتح خط مباشر للتعامل بين البلدين في الشهر المقبل، لتنشيط تعاملات المراسلين»، منوهاً بأن هناك بعض الصادرات السودانية، مثل القطن والصمغ العربي، وصلت خلال الشهرين الماضيين الولايات المتحدة، في حين وصلت حصائل الصادر منها بالدولار.
وأضاف محافظ بنك السودان المركزي، في حواره مع «الشرق الأوسط» في الرياض: «ناقشنا مع محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي تطلعاتنا بما نتوقعه من المملكة، بعد رفع الحظر الاقتصادي جزئياً عن السودان، بتوجيه كل البنوك السعودية لتعمل مع نظيرتها السودانية، بالتحويل بالريال، فيما أرجئت مسألة التحويل بالدولار إلى ما بعد شهر يوليو (تموز) المقبل».
وأضاف: «أكدنا للجانب السعودي استعدادنا لإزالة أي شكوك وغموض حول القرار الأميركي، لأن بعض البنوك لم تبدأ بعد تعاملاتها معنا، ووعدونا بذلك، ولكن الآن التحويلات تمرّ للجهاز المصرفي السوداني، بصورة سلسلة بالريال، وهو متاح لعدد من البنوك السعودية إلى السودانية، وتوصلنا إلى معالجة بأن تتم التحويلات بالريال، ونسلمها للعميل المستفيد بالدولار».
ونوه بأن بنوكاً أوروبية وأميركية وعربية وخليجية جاءت إلى السودان لاستئناف تعاملاتها في السودان، بعد قطيعة طويلة تتصل بالعقوبات الاقتصادية، منها بنوك خليجية من الإمارات وقطر وبنوك لبنانية وأخرى أوروبية، منها بنوك إيطالية. أما على الصعيد السعودي، فهناك بنوك أصلاً تعمل مع البنوك السودانية».
وأوضح بابكر أن الجولة الإقليمية التي يقوم بها محافظ بنك السودان المركزي تستهدف التعريف بحقيقة وواقع رفع العقوبات الأميركية جزئياً عن السودان، للاطمئنان على سير التعامل المالي في البلاد، موضحاً تأكيدهم جهوزيتهم للدخول فوراً في العمل المصرفي مع السودان، مضيفاً أن الهدف من الجولة للخليج هو إزالة الشكوك واللبس الذي يعتري البعض تجاه حقيقة رفع العقوبات الأميركية مع السودان. وتابع: «بدأنا بالسعودية، باعتبار أنها تمثل ثقلاً مصرفياً اقتصادياً كبيراً بالنسبة للسودان، فضلاً عن وجود أكثر من مليون مقيم سوداني على أراضيها، في حاجة ماسة لطمأنتهم وشرح الآثار التي تترتب على رفع العقوبات الأميركية، وتقديم عدد من التحفيزات لهم، من خلال أكثر من خدمة، منها تحويلات مدخراتهم بالعملة نفسها التي يرسلون بها، دون استقطاع منها، وتقديم تسهيلات تعنى بالتمويل العقاري والدفوعات المالية والأقساط المتعلقة بالتعليم العالي في الجامعات السودانية وغيرها».
وقال: «هناك تعاملات تجارية كبيرة مع السعودية، سواء في مجال الثروة الحيوانية والأضاحي والمنتجات الغذائية والزراعية الأخرى، ولذلك جئنا لتعظيم التعاملات المصرفية مع السعودية، حتى نتجاوز الطرق القديمة كلياً، التي كانت عندما تتسلم وارداتنا نتسلم قيمتها المالية عن طريق دول أخرى، ونتطلع للتعامل المباشر بين الخرطوم والرياض». وأكد أن شهر يوليو المقبل سيشهد رفعاً كاملاً للعقوبات، منوهاً بأن هناك لجنة برئاسة البروفسور إبراهيم غندور، وزير الخارجية، مكونة من كل المؤسسات الحكومية، وتعمل في كل المحاور، مشيراً إلى استمرارية تواصلها في جميع المسارات المحددة، على أن تحقق فيها تقدم بهدف بلوغ الغاية النهائية، وهو رفع العقوبات الأميركية كاملة عن السودان، بما في ذلك إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وعن خطة بنك السودان، بعد رفع العقوبات، قال بابكر: «بعد صدور القرار الأميركي برفع الحظر عن السودان، وضع البنك المركزي خطة قصيرة المدى، وأخرى متوسطة المدى، بالاتفاق مع اتحاد المصارف السوداني. الخطة قصيرة المدى تهدف أولاً إلى تثبيت القرار الأميركي القاضي برفع العقوبات عن السودان، عن طريق توثيق علاقات المراسلين مع البنوك الخارجية، سواء أكانت للبنك المركزي أو البنوك التجارية العاملة في السودان».
وزاد أن «البنك المركزي أرسل خطابات مباشرة لمحافظي البنوك المركزية لدى كثير من الدول، شرحنا خلالها القرار الأميركي برفع العقوبات، وبينا أنه وفقاً لهذا القرار فإن التعامل مع البنوك السودانية أصبح متاحاً بعملة الدولار. وعليه، أفدناهم بأنه نتوقع أن كل بنوكهم التجارية العاملة يمكنها الآن التعامل مباشرة مع الجهاز المصرفي السوداني، بكل حرية وشفافية في مجال الصادر والوارد والتحويلات المالية بمختلف أنواعها». وقال: «اتفقنا مع البنوك التجارية، ونفذت الـ38 بنكاً اتفاقنا معها بأن كتب كل منها للمراسلين الخارجيين الذين كان يتعامل معهم قبل الحظر الاقتصادي، وجاءت ردود إيجابية بنسبة تفوق نسبة 90 في المائة من البنوك التي كانت تراسل البنوك السودانية، حيث وصلتنا منذ أن تم رفع الحظر بتاريخ 13 يناير (كانون الثاني) عام 2017. وحتى هذه اللحظة قابلت أكثر من 17 وفداً لمراسلين كانوا يتعاملون مع بنك السودان سابقاً في الخارج». وأضاف بابكر أن «الهدف الثاني هو التأكيد على أنهم يعملون مع السودان، حتى خلال الأشهر الستة قبل رفع الحظر النهائي في 12 يوليو. ووجدناهم متفهمين القرار بصورة واضحة جداً، بخصوص رفع الحظر عن التعاملات المالية والمصرفية». وتابع: «أما في ما يتعلق ببقية القرار المتصل برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب الذي سرى منذ 1997، وجدنا أنهم أيضاً متفهمون أن السودان يعمل على المسارات الـ5 المتفق عليها بين الطرفين السوداني والأميركي، وأن الخرطوم أحرزت تقدماً إيجابياً يسمح بأن يتم رفع الحظر بصورة نهائية، وبعدها يتم إطلاق كل التعاملات الأخرى بحرية وشفافية». وقال إن «بعض الدول كان لدى بعض البنوك فيها لبس بالنسبة للقرار الأميركي، وإن قرار رفع الحظر على التعاملات المالية والمصرفية سيراجع خلال الأشهر الستة المقبلة، ولكننا وضحنا للكل أنه ليس هناك مراجعة لهذا القرار، باعتبار أن رفع الحظر عن التعاملات المالية والمصرفية مستمر، غير أن مسألة المراجعة تبقى محصورة في القرارات التي تتعلق برفع الحظر الكلي المتصل برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب».
وأردف: «بنك السودان يعمل على خطة مع البنوك التجارية تتبنى تهيئة البنوك السودانية، لأن تدخل في الاندماج في الجهاز المصرفي العالمي، وأكدنا كل الاشتراطات المطلوبة، بما في ذلك المعايير العالمية والقوانين المتعلقة بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو النظام الضريبي».
وتابع: «تأكدنا من أن بنوكنا ملتزمة بها، وسنواصل في البنك المركزي التأكد من استمرارية الالتزام حتى تجد البنوك الأجنبية في حالة عودتها، واستئناف أعمالها مع الجهاز المصرفي السوداني، أن البنوك السودانية مهيئة، ولا يشوبها أي سبب من أسباب التحفظ في التعامل معها». وقال: «في الاتجاه الآخر، كونا وفوداً مشتركة للطواف، لاستهداف بعض البنوك التي كانت تتعامل مع الجهاز المصرفي في السودان قبل الحظر الأميركي، باعتبار أنها تمثل منفذاً أساسياً، حيث استهدفنا بعض البنوك واتحاد المصارف ومدراء المصارف والأجهزة المصرفية للتعامل مع بعض البنوك التي أبدت رغبتها في التعامل مع الجهاز المصرفي السوداني لتنشيط الحسابات معهم، كبداية لتثبيت قرار رفع العقوبات الجزئية عن السودان». وقال بابكر: «خلال الفترة الماضية، تمت بعض المعاملات عن طريق بنوك أوروبية وأميركية لمسائل تتعلق بالصادر والمستورد، وتمت بنجاح وبصورة طبيعية، ما يطمئننا ويطمئن البنوك الأخرى التي تريد التعامل معنا بأن الحظر حول التعامل المالي والمصرفي رفع نهائياً».
السودان لزيادة التعاون المصرفي مع السعودية بعد رفع العقوبات الأميركية
وفد من الخرطوم إلى واشنطن... وخطة للاندماج بالقطاع المصرفي العالمي
السودان لزيادة التعاون المصرفي مع السعودية بعد رفع العقوبات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة