أزمة ثقة حادة تعصف بحكومة نتنياهو

استمرار الخلافات بين وزراء اليمين ينذر باحتمال تبكير الانتخابات

أزمة ثقة حادة تعصف بحكومة نتنياهو
TT

أزمة ثقة حادة تعصف بحكومة نتنياهو

أزمة ثقة حادة تعصف بحكومة نتنياهو

في أعقاب سلسلة من الخلافات في قضايا داخلية، تعصف بالحكومة الإسرائيلية أزمة حادة، تبادل خلالها وزراء اليمين الاتهامات والتهجمات. وحذر عدد من قادة الائتلاف الحاكم من أن استمرار هذه الخلافات قد يطيح بحكومة بنيامين نتنياهو، ويؤدي إلى تبكير موعد الانتخابات.
وبلغت هذه التهجمات ذروتها حينما هاجم وزير المالية موشيه كحلون، رئيس حكومته ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، ووزير المعارف رئيس «حزب المستوطنين» نفتالي بنيت، وهاجم بنيت نتنياهو وتلقى الرد. وقال مراقبون إن «هذه التهجمات تكشف عن أن قادة الحكومة فقدوا ثقتهم في بعضهم بعضا، والشراكة بينهم لم تعد ملائمة».
وتفجرت هذه الخلافات، تحديداً، خلال جلسة بادر إليها رئيس كتل الائتلاف في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) ديفيد بيتان، استهدفت تحسين الأجواء بين نواب الائتلاف. فتغيب عنها ليبرمان. وغادرها كحلون محتجاً، واستغلها بنيت ليتهم نتنياهو بالسكوت على المساس بالمستوطنين.
ويتركز الخلاف حول قضيتين أساسيتين، أولهما إعلان ليبرمان قطع المساعدات لإحدى المدارس الدينية في المستوطنات؛ لأن أحد حاخامات التيار المركزي في الصهيونية الدينية هاجم قيادة الجيش لتشجيعها البنات على الانضمام إلى الوحدات القتالية، ودعا الجنود المتدينين إلى أن يرفضوا الخدمة في هذه الوحدات في حال تحولها إلى وحدات مختلطة.
وقال الحاخام إنه «لا يجوز، حسب الديانة اليهودية، أن يخدم الرجال والنساء معاً داخل دبابة واحدة أو داخل موقع عسكري مغلق». وأصدر حاخامات متزمتون قبل أيام رسالة تضامن مع ذلك الحاخام، وانضموا إلى انتقاد قيادة الجيش ووزير الدفاع، ودعوا الشبان المتدينين إلى الامتناع عن الانضمام إلى الوحدات القتالية المختلطة في الجيش.
واعتبر ليبرمان الرسالة سياسية بتحريض من بنيت، فرد عليه بنيت مهاجما: «هذه أمور لا تفهم فيها. اذهب وعالج إسماعيل هنية»، وهذه قرصة سياسية. إذ إن ليبرمان كان قد صرح في السنة الماضية بأنه لو كان وزيراً للدفاع لكان قد اغتال هنية، رئيس حكومة حماس في غزة. وها هو قد أصبح وزيراً للدفاع ويعمل على إدخال المواد إلى قطاع غزة ويزيد عدد العمال الغزيين العاملين في إسرائيل. ويهاجم بنيت نتنياهو أيضاً؛ لأنه يسكت على ليبرمان، ولا يتفوه بكلمة في موضوع المجندات.
أما القضية الأخرى، فتتعلق بسلطة الإذاعة والتلفزيون الرسمي؛ إذ كان نتنياهو، وضمن محاولته السيطرة على وسائل الإعلام، قرر إغلاق السلطة واستبدال تنظيم إعلامي جديد بها. ورفض العاملون في سلطة البث هذا القرار، وبدأوا حملة احتجاج واسعة، تحت عنوان «عتّموا الشاشات وأسكتوا الإذاعات». وقالوا إنهم سيخوضون «نضالاً شديداً» للدفاع عن ألف عائلة يعيلها هؤلاء العاملون.
وخرج العاملون في سلطة الإذاعة والتلفزيون في مظاهرات صاخبة خلال اليومين الماضيين. وحاول نتنياهو التنصل من مسؤوليته، وتوجه في تلك الجلسة إلى كحلون، طالباً منه أن يؤجل الموضوع ويعيد دراسته؛ الأمر الذي اعتبره كحلون محاولة تهرب من المسؤولية وتحريضاً للعمال عليه. وقال له «أنت تظهر عندما تكون هناك إنجازات لوزرائك. ولكن عندما تكون هناك مشكلة توجب عليك أخذ قرار، تهرب وتتهرب وتلقي بالمسؤولية على غيرك. هذا أمر مخز».
يذكر أن إسرائيل تشهد منذ يومين فضيحة رشى وفساد كبرى يقدر حجمها بملايين الدولارات في صناعاتها الجوية. وأعلنت الشرطة، أول من أمس، اعتقال 13 مسؤولاً رفيعاً في شركة الصناعات الجوية الحكومية، بشبهة الرشوة والخداع وخرق الثقة.
وتم تمديد اعتقال المشتبه فيهم. وحسب الضابط في قسم التحقيق وكشف الفساد العام في الشركات الحكومية أرنون هرباز، فقد «تحالف كل المشبوهين من أجل دفع مصالح شخصية واقتصادية ومصالح أخرى، من خلال ارتكاب مخالفات خطيرة في الشركة الحكومية والشركات التي تزودها بالخدمات». وبين المعتقلين العميد (احتياط) أمل أسعد، عضو مجلس إدارة الشركة، والمدير العام لشركة «دروزنت» التي تعمل في مجال البرمجة والطيران، وأنور صعب، وثلاثة مشبوهين يعملون في شركة خاصة قامت بتزويد الخدمات للصناعات الجوية.
وقالت الشرطة إن التحقيق «متشعب ومترامي الأطراف، ويتركب من قضايا عدة كشفت عن سلوك جنائي منهجي وشبهات في فساد عميق في الصناعات الجوية، يشمل عدداً كبيراً من المتورطين، وبينهم شخصيات رفيعة، أعضاء في الإدارة واللجان، ومديرون ومستخدمون، كان يفترض أن يكونوا حراس البوابة ومستشارين ومزودين للخدمات في الصناعات الجوية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».