عباس يتجه لتوقيع دفعة جديدة من المعاهدات الدولية إذا استمر الجمود في المفاوضات

كيري ينوي استئناف جهود السلام * نائب وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نقبل بالتهديد

عباس يتجه لتوقيع دفعة جديدة من المعاهدات الدولية إذا استمر الجمود في المفاوضات
TT

عباس يتجه لتوقيع دفعة جديدة من المعاهدات الدولية إذا استمر الجمود في المفاوضات

عباس يتجه لتوقيع دفعة جديدة من المعاهدات الدولية إذا استمر الجمود في المفاوضات

أفادت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» بأن القيادة الفلسطينية تحضر للانضمام إلى دفعة ثانية من المعاهدات الدولية في وقت قريب إذا ما لم تستجب إسرائيل لشروط استئناف المفاوضات. وبحسب المصادر فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يستعد للتوقيع على 15 وثيقة جديدة، وهي الدفعة الثانية من أربعة جاهزة للتوقيع. ورغم مرور الموعد الأولي المحدد لانتهاء المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أول من أمس من دون إحراز أي تقدم، تؤكد مصادر فلسطينية وأميركية أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لا ينوي التخلي عن مساعيه لتحقيق حل الدولتين.
وينتظر الفلسطينيون نتائج التدخلات الأميركية الحالية وما إذا كانت ستنجح في إعادة الطرفين للمفاوضات. وقسم فريق التفاوض الفلسطيني المعاهدات الدولية الـ63 التي ينوون الانضمام إليها إلى أربع دفعات سيدفعون كل واحدة منها على حدة، في مرحلة من المراحل، بحسب تطورات الأحداث.
ويبدو أن حماس تدعم الاتفاقيات الدولية لمواجهة إسرائيل بطريقة مختلفة. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، أمس: «خيارنا هو خيار المقاومة وطريقنا هو طريق الجهاد والبندقية». وأضاف مشعل في مكالمة بثت خلال تشييع عنصرين من حماس في الضفة الغربية سلمتهما إسرائيل بعد احتجاز جثامينهما 16 سنة: «لا تاريخ ولا مستقبل لنا إلا بالجهاد والمقاومة.. وفي ظل خط المقاومة نقوم بأعمال أخرى بالسياسة والدبلوماسية والمقاومة الشعبية الجماهيرية.. نحن مع استخدام الدبلوماسية في ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية وأروقة الأمم المتحدة».
ويؤشر حديث مشعل الذي زاوج بين المقاومة والعمل الدبلوماسي، إلى نية حماس التخفيف من حدة مواقفها بعد توقيع اتفاق مصالحة داخلية مع حركة فتح.
وينتظر أن يبدأ الرئيس الفلسطيني مشاورات تشكيل حكومة توافق خلال أيام قليلة، على أن تعلن الحكومة الجديدة في غضون أربعة أسابيع وتنهي حالة الانقسام الفلسطيني.
وقال مشعل: «نريد أن نأخذ المصالحة بجد. نريد أن ننطلق لإنجازها على الأرض، نريد أن نطوي صفحة الانقسام إلى غير رجعة، كي تتوحد جهودنا وكي نعظم طاقاتنا لمواجهة العدو المشترك، الذي لا يحترم إلا صفا مجاهدا ومقاوما كالبنيان المرصوص.. هكذا يحترمنا العالم وتخضع إسرائيل لخياراتنا وحقوقنا».
وقالت المصادر الفلسطينية في رام الله إنه بعد انتهاء المهلة التي حددها كيري لانتهاء المفاوضات، لم يرفع الأميركيون أيديهم عن الملف بعد لكنهم لم يجدوا صيغة لتجاوز الأزمة. وأضافت المصادر: «أبلغنا الأميركيين شروطنا لاستئناف المفاوضات، فإذا وافقت إسرائيل فنحن مستعدون للعودة، وإذا لا فسنمضي في الانضمام إلى المؤسسات الدولية على طريق ترسيخ الدولة كأمر واقع».
وكان الرئيس الفلسطيني حدد أكثر من مرة هذا الأسبوع شروط العودة للمفاوضات، وهي إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، ووقف كامل الاستيطان، على أن تبدأ المفاوضات برسم خرائط الحدود في ثلاثة أشهر. ورفضت إسرائيل شروط عباس وقالت إنه يطرح مواقف يعرف أنه لن تجري الموافقة عليها. وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عباس تمزيق اتفاق المصالحة مع حركة حماس من أجل العودة إلى المفاوضات. وكانت إسرائيل علقت المفاوضات قبل انتهاء مهلتها بسبب اتفاق المصالحة الفلسطيني بين فتح وحماس. وأمام هذا الوضع، تبدو عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات من دون تدخل أميركي فاعل أمرا مستبعدا في الوقت الراهن.
وفي تل أبيب، دعا وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت زعيم حزب «البيت اليهودي» إلى خطة بديلة عن المفاوضات تركز على التعايش مع الصراع. وحدد بينت الخطوط العريضة لخطته، قائلا إنها تستند إلى تطوير سلطة الحكم الذاتي في التجمعات السكانية الفلسطينية، وترك الفلسطينيين يديرون شؤونهم الداخلية دون تدخل إسرائيل، وتعزيز الوضع الاقتصادي وتطوير الأوضاع في مناطق الحكم الذاتي، مقابل ضم المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل وتطبيق القانون الإسرائيلي الكامل عليها، بما في ذلك المناطق المصنفة «سي»، على أن يخير عشرات آلاف السكان الفلسطينيين في هذه المناطق أي الجنسيات يريدون أن يحملوا، الفلسطينية أو الأردنية أو الإسرائيلية.
وفي واشنطن، كان التركيز على قضية أخرى، إذ سجلت سرا كلمة لكيري في تعليق أثار عاصفة سياسية في واشنطن. ورغم إصداره بيانا للتراجع عن تصريحه الذي يحذر إسرائيل من أن تكون «دولة فصل عنصري»، فإن الانتقادات الإسرائيلية ومن يؤيد موقف الحكومة الإسرائيلية ضد كيري مستمرة.
ففي اجتماع مغلق مع خبراء السياسة الخارجية قال كيري إنه إذا لم يتحقق حل الدولتين قريبا فإن إسرائيل تجازف بأن تصبح «دولة فصل عنصري». وكان كيري يشير فيما يبدو إلى رأي ليبراليين إسرائيليين ومنتقدين أوروبيين يرون أنه إذا لم ينفذ حل الدولتين واستمرت الاتجاهات السكانية الحالية فإن الفلسطينيين سيفوقون الإسرائيليين عددا. وفي مقال رأي شديد اللهجة ضد كيري، قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي داني دانون نشره موقع «بوليتيكو» الأميركي: «لن نقبل بالتهديد». وأضاف: «منذ مبادرته آخر جولة من المفاوضات بين حكومتنا والفلسطينيين، وزير الخارجية الأميركي عبر عن عدد من التصريحات المثيرة للقلق». ليتابع أن مثل هذه التصريحات «تثير تساؤلات حول قدرة إدارته على أن تلعب دور وسيط صادق».
وتشدد وزارة الخارجية الأميركية على أن كيري لم يستخدم مفردة «العنصرية» بمفرده، إذ كررت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركي جين بساكي: «مثلما قلنا ومثلما أوضح (الوزير كيري) في بيانه، رئيس الوزراء نتنياهو ووزيرة العدل (تسيبي) ليفني وعدد من المسؤولين الإسرائيليين من خلفيات سياسية مختلفة استخدموا الكلمة في السابق لوصف.. التشديد على مخاطر دولية وحدودية للمستقبل».
ووصفت السيناتور باربرا بوكسر عضو الحزب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا تصريح كيري بأنه «هراء وسخيف»، بينما طالبه السيناتور تيد كروز الجمهوري عن ولاية تكساس بتقديم استقالته.
ومساء أول من أمس، قال كيري في بيان توضيحي إنه لم يقل قط ولم يشر إلى أن إسرائيل حاليا دولة فصل عنصري. وغادر كيري واشنطن أمس في زيارة أفريقية تستغرق أسبوعا، وقال أحد مساعديه إنه يبدي «صبرا استراتيجيا» عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط وإنه «هادئ جدا ومتفائل إزاء الأمر برمته».
ومن جهة أخرى، سمح جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) أمس بالكشف عن اعتقال خلية عسكرية تابعة لحركة حماس في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، كانت تخطط لشن هجمات على أهداف إسرائيلية.
وقال بيان للشاباك إنه بالتعاون مع وحدات في الجيش (الإسرائيلي) اعتقلوا في مارس (آذار) الماضي، خلية عسكرية تابعة لحركة حماس مكونة من سبعة أشخاص أحدهم يحمل الجنسية الإسرائيلية. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن أفراد الخلية خططوا لتنفيذ عمليات مختلفة ضد أهداف إسرائيلية، من بينها زرع عبوات ناسفة وعمليات إطلاق نار، وإنهم باشروا بعملية شراء أسلحة من إسرائيل، مستفيدين من قدرة أحد أفراد المجموعة على التحرك بحرية من وإلى إسرائيل كونه يحمل الجنسية الإسرائيلية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.