قوات الجيش الليبي على مشارف سرت... و{كتيبة ثوار طرابلس} ترفض الهدنة

إيطاليا تغازل حفتر بعلاج 22 عسكرياً للمرة الأولى

جندي يعاين مركبة حربية تعرضت للتدمير خلال المعارك التي خاضتها قوات حفتر مع فصائل متحاربة في بنغازي (رويترز)
جندي يعاين مركبة حربية تعرضت للتدمير خلال المعارك التي خاضتها قوات حفتر مع فصائل متحاربة في بنغازي (رويترز)
TT

قوات الجيش الليبي على مشارف سرت... و{كتيبة ثوار طرابلس} ترفض الهدنة

جندي يعاين مركبة حربية تعرضت للتدمير خلال المعارك التي خاضتها قوات حفتر مع فصائل متحاربة في بنغازي (رويترز)
جندي يعاين مركبة حربية تعرضت للتدمير خلال المعارك التي خاضتها قوات حفتر مع فصائل متحاربة في بنغازي (رويترز)

بدا أمس أن وقف إطلاق النار، الذي أعلنته حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس بعد يومين من المعارك العنيفة بين الميليشيات المسلحة، أصبح مهددا بالانهيار بعدما أعلنت كتيبة «ثوار طرابلس» أن الاتفاق الذي وقع أول من أمس، بحضور المجلس الرئاسي للحكومة التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم الأمم المتحدة، «لا يمثلها ولا يمثل تطلعات الأهالي».
وجاءت هذه التطورات في وقت علمت فيه «الشرق الأوسط» أن قوات الجيش الوطني الليبي، التي يقودها المشير خليفة حفتر، وصلت إلى مشارف مدينة سرت الساحلية، التي تخضع لهيمنة ميليشيات عملية البنيان المرصوص الموالية لحكومة السراج، على نحو ينذر باندلاع اشتباكات وشيكة بين الطرفين.
وقال مسؤول عسكري في تصريحات خاصة إن «قواتنا على مشارف سرت الآن.. والموقف في طرابلس له انعكاسات إيجابية على موقف الجيش»، مضيفا أن «قوتنا ما زالت في المرحلة الثانية مع توقفات قصيرة لإعادة تقييم الموقف العسكري، وتوفير الاحتياج اللازم لتنفيذ الواجب القتالي».
في غضون ذلك التقى حفتر أول من أمس مع السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت، بالتزامن مع إعلان قوات الجيش استعادة موقعين نفطيين سيطرت عليهما مطلع هذا الشهر «سرايا الدفاع عن بنغازي» المعادية لها.
كما أعلن مسؤول بوزارة الصحة في المنطقة الشرقية أنه جرى الاتفاق مع مسؤولين إيطاليين خلال اجتماع عقد في قاعدة بنينا الجوية على إرسال بعض الجرحى الذين أصيبوا في المعارك ضد الإرهابيين إلى إيطاليا للعلاج في الأيام القليلة المقبلة، وذلك في مؤشر على تحسن العلاقات مع إيطاليا.
ومن جهتها، أكدت وزارة الخارجية الإيطالية هبوط طائرة تابعة لسلاح الجو الإيطالي أول من أمس في قاعدة بنينا العسكرية، وحملت 22 ليبيا مصابا على متنها لتقلهم إلى روما للعلاج، موضحة أنها المرة الأولى التي تستقبل فيها إيطاليا جرحى لقوات الجيش الذي يقوده حفتر، علما بأنها تقيم مستشفى عسكريا في مصراتة بغرب البلاد لعلاج جرحى المعارك التي خاضتها ميليشيات «البنيان المرصوص» ضد تنظيم داعش، وتحتفظ بقوة خاصة لحمايته منذ العام الماضي.
وقالت الخارجية الإيطالية في بيان لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي ونقلته وكالة أنباء «أكي» الإيطالية، إن هذه العملية التي نفذتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، تمت بتنسيق وثيق مع وزارتي الدفاع والداخلية والصحة، وغيرهما من الإدارات المختصة، مشيرة إلى أنها تتبع المبادرات الأخرى لإيطاليا التي تعتزم الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية إلى جميع قوات الأمن الليبية، وتشارك في الحرب ضد الإرهاب.
ونقلت الوكالة عن وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو قوله إن «عملنا لا يتوقف عند هذا الحد، ومن هذا المنطق سنضمن تقديم المساعدة أيضا من خلال توفير مستلزمات طبية عاجلة للكثير من المستشفيات المنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد»، مضيفا أن «جهودنا تستهدف مساعدة الليبيين الجرحى لندعم بذلك نشاطهم لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء ليبيا».
كما نقلت عن وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي قولها إن «التزام وزارتها بدعم القوات التي تحارب تنظيم داعش في ليبيا، يتميز بأهمية إنسانية قوية، تتمثل بعملية (أبقراط) العسكرية الصحية، بالإضافة إلى المساهمة في قوات خفر السواحل الليبي كجزء من عملية (صوفيا) الأوروبية، ليتمكن من مقاومة نشاط الاتجار بالبشر والأسلحة».
وفي غضون ذلك، أعلنت حكومة السراج عن توصلها لاتفاق يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار وخروج كافة الكتائب والتشكيلات المسلحة من العاصمة، وفق بند الترتيبات الأمنية الوارد بالاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين.
وتضمن الاتفاق الذي شارك فيه أحمد حمزة، عضو المجلس الرئاسي لحكومة السراج، ووزيرا الدفاع والداخلية وآمر الحرس الرئاسي، على تكليف الحرس الرئاسي التابع لحكومة السراج بتأمين وحماية مقر قصور الضيافة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تابعة لوزارة الدفاع لمتابعة تنفيذ خروج كل الكتائب والتشكيلات المسلحة خارج العاصمة في مدة لا تتجاوز 30 يوما. لكن «كتيبة ثوار طرابلس»، التي يقودها هيثم التاجوري، قالت في المقابل إنه كان من الواجب على الحاضرين «طلب خروج كل التشكيلات غير المنضبطة والمسؤولة عن الجرائم والمآسي والحروب، وتسميتها باسمها واسم أشخاصها ورفع الشرعية عنهم وتعقبهم وردعهم»، معتبرة أنه «لا يمكن أن يساوى بين الضحية والجلاد، ولا يمكن أن نمكن للفوضى والفساد بحجة حقن الدماء، ونترك الأهالي يواجهون المعاناة اليومية والقتل الهمجي وهتك الأعراض، فيما يتوارى أصحاب المكاتب والاجتماعات وتضيع صيحات المستغيثين في الهواء».
ولفتت الكتيبة في بيان لها أمس إلى أن «الوضع في ليبيا ما زال في مرحلة انتقالية.. والحلول الاجتماعية أثبتت فشلها، ولو أردنا دولة فعلينا بالتزام الضوابط المؤسسية واحترام خصوصيات المدن وحدودها الإدارية، وعدم الخلط بين طرابلس العاصمة كحاضنة وإرادة سياسية، وبين المدينة وحق أهلها في العيش الكريم بأمان وحرية تعم كل الأهالي والمقيمين»، مؤكدة أنه «في ظل غياب دولة المؤسسات وشرعنه الكتائب والتشكيلات داخل أروقة الإدارات فإنها، وباعتبارها إحدى كتائب مدينة طرابلس التي أخذت على عاتقها حماية المدينة وأحيائها وخدماتها وتعالج يوميا كل الخروقات التي تجتاحها، فإنها لن ترضى بأنصاف الحلول والاتفاقيات الشكلية التي ليس لها في الواقع رصيد».
من جهته نفى خالد الشريف، مدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل بسجن الهضبة، إصابة أي من السجناء الموجودين بالسجن، ومن بينهم مسؤولون سابقون في نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وقال الشريف وهو عضو سابق في تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة في بيان له أمس «نحن بعيدون عن كل التجاذبات السياسية والعسكرية التي تحدث في طرابلس».
من جانبه، أكد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته أن الغويل، رئيس الحكومة الموالية له أصيب إثر القتال الذي اندلع بسبب خلاف بشأن السيطرة على بنك في حي الأندلس بغرب طرابلس قبل أن يتحول إلى صراع نفوذ بين الجماعات المتنافسة من طرابلس ومن مدينة مصراتة الساحلية وبين ميليشيات مؤيدة لحكومة السراج وأخرى مناوئة لها.
واستنكر برلمان طرابلس في بيان له اقتحام ميليشيات السراج لمقرات الدولة، معتبرا أن المجلس الرئاسي لحكومة السراج لا يملك أي صفة قانونية أو دستورية.
بدوره، طالب مجلس النواب الموجود بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي «جميع الكتائب المسلحة بالوقف الفوري للقتال، وخروج جميع الكتائب المسلحة من مدينة طرابلس». واستنكر رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح الاشتباكات المسلحة، التي اندلعت مؤخرا بكافة أنواع الأسلحة بين ما وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية في طرابلس».
وطالب صالح بوقف الفوري كافة التصرفات العشوائية والفوضوية غير المسؤولة، ووقف كافة الأعمال الإرهابية والتخريبية، وتحميل هذه الميليشيات كافة المسؤولية القانونية والأخلاقية جرّاء هذه الأحداث المؤسفة، كما طلب من قوات الجيش وكافة الأجهزة الأمنية الشرعية القيام بدورهم المناط بهم اتجاه الأحداث الجارية في مدينة طرابلس وضواحيها.
وسيطرت ميليشيات مسلحة متحالفة مع حكومة السراج طرابلس على مجمع كان يشغله خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية لبرلمان طرابلس والمعلنة من طرف واحد، بعد قتال عنيف امتد إلى عدة مناطق، وتم خلاله حرق مقر قناة تلفزيونية متعاطفة مع حكومة الغويل، وأصابت صواريخ وقذائف مباني إدارية وفندقية قرب ساحل طرابلس وكذلك مستشفى بحي أبو سليم واندلع حريق بقسم الأطفال. ولا تزال عدة مناطق في العاصمة خارج سيطرة حكومة السراج التي تحاول استمالة بعض الفصائل منذ توليها السلطة في شهر مارس (آذار) من العام الماضي. لكنها فرضت سيطرتها على محيط قصر الضيافة الذي يضم نحو عشر فيلات فاخرة، وكان يستخدم كمقر لقيادة مجموعات موالية للغويل.
إلى ذلك، أعلنت قوات البحرية التابعة للجيش الوطني أنها أحبطت أمس محاولة هروب جماعي للجماعات الإرهابية المحاصرة في منطقة الصابري بمدينة بنغازي بشرق البلاد، بعدما دمرت قاربا سريعا قتل كل ركابه، الذين قالت إنهم مجموعة من الدواعش الفارين من محور البلاد والصابري عبر البحر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.