تفاؤل أممي بحل الأزمة اليمنية خلال أسابيع

ولد الشيخ: عدم تعاون الحوثيين وصالح في الشق الأمني يثير شكوكنا

تفاؤل أممي بحل الأزمة اليمنية خلال أسابيع
TT

تفاؤل أممي بحل الأزمة اليمنية خلال أسابيع

تفاؤل أممي بحل الأزمة اليمنية خلال أسابيع

شدد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على أنه يؤمن بحل حقيقي للأزمة اليمنية خلال الأسابيع المقبلة، لكنه شدد على أن الحل سيكون مبنيا على أسس حقيقية قابلة للاستدامة خلال أسابيع.
وأبدى ولد الشيخ، في مقابلة مع قناة «فرنس24»، شكوكا بشأن جدية الحوثيين وصالح في تطبيق الحل السياسي، في ظل رفضهم الحديث عن الجانب الأمني المتمثل في الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل، وقال: «لا بد للحوثيين وجماعة صالح أن يعترفوا أنه لن يكون هناك حل في ظل وجود سلطة خارجة عن الدولة أو ميليشيات متحكمة في القضايا الأمنية، لا بد أن يكون هناك انسحاب وتسليم السلاح».
ورغم اعتراف الحوثيين بتلقي دعم إيراني - وفقا لولد الشيخ - فإن السلطات الإيرانية نفت للمبعوث الأممي نفسه أثناء زيارتها أن تكون طرفا أو لها أي دور في القضية اليمنية، على حد تعبيره. وشدد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خلال تصريحاته لـ«فرنس24»، على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل من دون الأخذ بعين الاعتبار وجود الرئيس هادي.
وأوضح المبعوث الأممي أنه لمس أن الحوثيين وجماعة صالح يؤكدون مصادقتهم وموافقتهم على الخريطة السياسية، «ولا يتكلمون عن الجانب الأمني منها، ويمتنعون حتى الآن عن الدخول في عمل جدي في هذه القضية، وهذه من القضايا التي تخلق لدينا بعض الشكوك».
إلى ذلك، يؤكد الدكتور نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، أن الحل السياسي واضح، وهناك مرجعيات متفق عليها من كل الأطراف الوطنية، وهي منظومة من المبادئ والإجراءات التي لا يمكن أن تعمل إلا ككل متكامل لا يتجزأ، وأي تمييع لأي مرجعية إنما هو استمرار للفوضى والنزاعات والحروب في اليمن.
وأشار غلاب، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أطراف الانقلاب يقاتلون لنفي المرجعيات، وهذا الأمر واضح وتدركه المنظومة الدولية جيداً، لافتا إلى أن الأمم المتحدة ما زالت تبحث عن حل جزئي، أي الوصول إلى سلام مؤقت، بما يجعل الحرب هي المحصلة إن لم يتم وضع حل متكامل يقودنا إلى سلام مستدام.
وفي إطار حديثه عن نتائج اجتماع ممثلي الخماسية في لندن أول من أمس، أوضح إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن الاجتماع كان مهما جدا، وفرصة للنظر في التحديات التي نواجهها، وتابع: «تعلمون أن من أكبر التحديات التي نواجهها اليوم هي المخاوف من المجاعة التي تهدد 7 ملايين يمني، خصوصا في ظل تزايد العمليات العسكرية، وكيف يمكن أن نتجنب هذه المجاعة وتقديم المساعدات».
يعود الدكتور غلاب ليبيّن أن المرجعيات يتم التأكيد عليها دوما على مستوى الخطاب، إلا أن هناك سعيا لإضعافها، فتطبيق مقررات مجلس الأمن هدفه إعادة العملية السياسية إلى مسارها، وتنظمها المبادرة الخليجية، والانتقال السياسي الذي رسمته الخريطة الخليجية لا يمكن تنفيذها ما لم يتم إقرار مشروع الدستور، وقال: «الهندسة السياسية التي وضعها الدستور لطبيعة النظام السياسي هي جوهر التغيير ومسار الإرادة الوطنية لحل جميع المشكلات التي يعاني منها اليمن، ولدينا مشروع واضح متمثل في مخرجات الحوار».
ولفت إلى أن السلام ما زال بعيدا، فلا يوجد رجال دولة في الانقلاب، وإنما «سلطة سطو ونهب وهدم وقيادات متعجرفة أعماها الطمع والجشع، وكتل تابعة لها يتم تعبئتها عصبويا ومذهبيا، وتفعيل غريزة الخوف والدفع بها كقطيع لحماية أقلية طغيانية متجبرة»، بحسب وصفه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.