عشرات القتلى في تفجيرين استهدفا دمشق

دراسة تفيد بمقتل 814 من أفراد الطواقم الطبية منذ بدء الحرب السورية

قوات الأمن السورية تطوّق المنطقة بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى قصر العدل القديم في وسط العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
قوات الأمن السورية تطوّق المنطقة بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى قصر العدل القديم في وسط العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى في تفجيرين استهدفا دمشق

قوات الأمن السورية تطوّق المنطقة بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى قصر العدل القديم في وسط العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
قوات الأمن السورية تطوّق المنطقة بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى قصر العدل القديم في وسط العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

استهدف تفجير ثان منطقة الربوة في دمشق اليوم (الأربعاء)، بعد أقل من ساعتين من تفجير انتحاري نفسه داخل قصر العدل القديم في العاصمة، وفق ما نقلت وسائل إعلام متصلة بالنظام.
وكان انتحاري قد فجّر نفسه في مبنى قصر العدل القديم في وسط العاصمة دمشق اليوم، موقعًا 25 قتيلاً على الأقل وفق الشرطة، في وقت يدخل النزاع السوري عامه السابع في ظل تعثر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية سياسية للحرب المدمرة.
وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، في مكان الحادث، إن القوات الأمنية فرضت طوقا أمنيًا حول المبنى المستهدف المحاذي لسوق الحميدية الشهير في وسط دمشق. كما قطعت الطرقات كافة المؤدية إلى المنطقة.
وقالت محامية كانت موجودة في القصر أثناء حدوث التفجير للوكالة: «أُصبنا بهلع شديد، كان صوت الانفجار عاليًا في البهو وهرعنا للاحتماء في المكتبة في الطابق العلوي». وأضافت: «كان المشهد داميا».
وهذا الانفجار هو الثاني الذي يستهدف العاصمة السورية خلال أيام معدودة؛ إذ قتل يوم السبت 74 شخصًا، غالبيتهم من الزوار الشيعة العراقيين في تفجيرين استهدفا أحد أحياء دمشق القديمة وتبنتهما «هيئة تحرير الشام» (تضم جبهة النصرة سابقا وفصائل أخرى متحالفة معها).
وتزيد هذه الاعتداءات من تعقيدات النزاع الذي يكمل الأربعاء عامه السادس، بعدما انطلق باحتجاجات سلمية غير مسبوقة ضد النظام السوري، واجهتها قواته بالقمع، وسرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح تسبب في مقتل أكثر من 320 ألف شخص.
ويعرب عدد من المدنيين المعارضين للنظام عن خيبة أملهم مما آلت إليه الأوضاع اليوم.
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الإدارة الدولية تريد إنهاء الحرب، والشعب يبحث عن حل، إلا أن الحروب في الداخل ستبقى مستمرة ولن تعود سوريا كما كانت في المدى القريب». ويوضح أنه «عندما تتحول مطالب الشعب السوري بالديمقراطية والحرية إلى حرب دينية وعرقية نكون أمام طريق طويل للحل».
ويدفع السوريون يومياً ثمنا للحرب وتحصد الغارات والمعارك أرواح الأبرياء.
وأسفر قصف جوي «يرجح أنه روسي» فجر اليوم، على مدينة إدلب عن مقتل «تسعة مدنيين بينهم أربعة أطفال»، وفق «المرصد».
وشردت الحرب السورية أكثر من نصف سكان البلاد داخل البلاد وخارجها؛ إذ فر نحو 4.9 مليون من البلاد، وخصوصًا إلى الدول المجاورة، حيث يعيش نحو 90 في المائة منهم تحت عتبة الفقر، حسب الأمم المتحدة.
واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، زيد رعد الحسين أمس، أن سوريا بأسرها تحولت إلى «غرفة تعذيب» وإلى «مكان للرعب الوحشي وعدم الإنصاف المطلق».
وكشفت دراسة جديدة لباحثين بينهم أعضاء في «الجمعية الطبية السورية الأميركية» أن عام 2016 كان «الأخطر» على العاملين في القطاع الصحي في سوريا.
وحسب الدراسة، فإن 814 من أفراد الطواقم الطبية، قتلوا منذ بدء النزاع.
وفي تعليق أُرفق بالدراسة، تعترف منظمة الصحة العالمية بأن الحرب في سوريا هي حاليا «أكبر أزمة إنسانية».
وأطلقت منظمتا العفو الدولية و«هانديكاب إنترناشيونال» اليوم، حملتين منفصلتين من أجل «وقف المجزرة» في البلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.