مصر تقضي بسجن ضباط إسرائيليين في قضية «شبكة عوفاديا» للتجسس

مصر تقضي بسجن ضباط إسرائيليين في قضية «شبكة عوفاديا» للتجسس
TT

مصر تقضي بسجن ضباط إسرائيليين في قضية «شبكة عوفاديا» للتجسس

مصر تقضي بسجن ضباط إسرائيليين في قضية «شبكة عوفاديا» للتجسس

قضت محكمة مصرية أمس بالسجن المؤبد على ثلاثة مصريين وستة إسرائيليين، بينهم أربعة تقول السلطات المصرية إنهم «من ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية»، لإدانتهم في قضية تجسس لإسرائيل معروفة إعلاميا باسم «شبكة عوفاديا»، ليسدل الستار بذلك على أخطر وأكبر قضية تخابر وتجسس خلال العشر سنوات الأخيرة.
وقالت مصادر قضائية إن «الحكم صدر على اثنين مصريين حضوريا، فيما صدر الحكم على المتهمين الباقين غيابيا»، مضيفة أن «شبكة التجسس من واقع التحقيقات كانت مهمتها جمع معلومات عن القوات المسلحة المصرية، والأمن والأنفاق في سيناء، والمتهمين المصريين ترددوا أكثر من مرة على إسرائيل، وكانوا يتواصلوا مع المتهمين الإسرائيليين عن طريق إحدى شبكات الاتصالات الإسرائيلية».
وعرفت القضية إعلاميا باسم «شبكة عوفاديا»، لقول السلطات المصرية إن «ضابطا بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية يدعى داني عوفاديا، واسمه الحركي أبو أكرم، لعب دورا بارزا في الشبكة، وهو الذي جند العملاء المصريين، ودربهم على طرق جمع المعلومات وتحليلها وطريقة نقلها إلى إسرائيل». وأصدرت الحكم محكمة الجنايات في محافظة شمال سيناء، المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة، وعقدت المحكمة جلساتها أمس في مجمع المحاكم بمدينة الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس لأسباب أمنية، بحسب مصدر أمني.
وشمل حكم أمس المؤبد حضوريا لكل من عودة طلب إبراهيم برهم «مصري الجنسية»، وسلامة حامد فرحان أبو جراد «مصري الجنسية»، كما قضت غيابيا بالسجن المؤبد على المتهمين، محمد أحمد عيادة أبو جراد «مصري الجنسية»، وستة إسرائيليين من بينهم أربعة قالت السلطات المصرية إنهم «ضباط بجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية»، وهم «داني عوفاديا، وأهارون دانون، وديفيد يعقوب، وشالومو سوفير»، واثنان من عرب إسرائيل هما عبد الله سليم إبراهيم الرقيبة، وعمر حرب أبو جراد العوايشة، وجميعهم هاربون من العدالة.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا في مصر قد أحالت في يونيو (حزيران) عام 2013 نحو تسعة متهمين إلى محكمة الجنايات، ووجهت النيابة للمتهمين عودة طلب إبراهيم برهم وسلامة حامد فرحان أبو جراد، الذين حكم عليهم حضوريا أمس، «بتهم التخابر مع عناصر من المخابرات الإسرائيلية ومدهم بمعلومات من شأنها الإضرار بالأمن القومي المصري عن الأوضاع الأمنية في سيناء، ومقار الأجهزة الأمنية والأنفاق في رفح، والكمائن الأمنية ومدى انتشار القوات المسلحة في سيناء، من خلال الاتصالات الهاتفية بينهم، فضلا عن اللقاءات بإحدى الجهات الإسرائيلية بمنطقة بئر سبع، وذلك مقابل مبالغ مالية».
يشار إلى أنه يحق لكل من صدر بحقه حكم أمس حضوريا، الطعن على الحكم أمام محكمة النقض (أعلى محكمة مدنية مصرية)، وللمحكمة أن تؤيد الحكم فيصبح نهائيا وباتا، أو ترفضه وتأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات شمال سيناء. وتعاد تلقائيا محاكمة المحكوم عليه غيابيا، إذا سلم نفسه أو ألقت الشرطة القبض عليه.
من جانبه، قال مصدر مطلع إن «القائمين على تجنيد العملاء المصريين هم أربعة من أكفأ ضباط جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية.. والشبكة استهدفت جمع معلومات عن رفح والشيخ زويد والشريط الحدودي، وجميعها تقع في المثلث الساخن».
وتخوض قوات الجيش المصري مواجهات مع مسلحين إسلاميين بشمال سيناء منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في عام 2013، وقتل منذ ذلك الحين المئات من أفراد الشرطة والجيش، نتيجة استهدافهم في أماكن تمركزهم في العريش والشيخ زويد.
وقال المصدر المطلع إن خطورة خلية التجسس تكمن في أن المتهمين المصريين كانوا على ارتباط بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والاسم المختصر لها «أمان»، مضيفا أنه «حسب القانون الإسرائيلي فإن جهاز (أمان) مسؤول بشكل أساسي عن تزويد الحكومة بالتقييمات الاستراتيجية التي على أساسها تتم صياغة السياسات العامة للدولة، بالذات على صعيد الصراع مع الأطراف العربية».
وبحسب أوراق قضية التجسس في مصر فإن المعلومات التي حصل عليها الجانب الإسرائيلي في غاية الخطورة عن الأوضاع الأمنية في سيناء، وأوضاع القوات وانتشارها بالمنطقة، ومعلومات عن العناصر المتشددة بسيناء. وأشارت التحقيقات إلى أن «المتهم الأول عودة اتفق مع ضابط المخابرات الإسرائيلية عوفاديا، أن يمنحه مكافآت مالية مجزية بالدولار مقابل جمع معلومات عن سيناء، وحدد له طبيعة المعلومات التي يحتاجها، وهي معلومات عن العناصر العاملة في مجال تجارة وتهريب السلاح والذخيرة بسيناء وتهريب الأفارقة، ومعلومات عن العناصر الفلسطينية بالمنطقة الحدودية برفح».
في غضون ذلك، اختطف مسلحون مجهولون في شمال سيناء شخصا وسيارة إحدى الشركات بالعريش في حادثين منفصلين، وقالت مصادر أمنية بشمال سيناء أمس إن «أجهزة الأمن تلقت بلاغا بقيام مسلحين باختطاف أحد الأهالي من أمام منزله وسط مدينة العريش.. كما تلقت بلاغا بقيام مسلحين بتوقيف سيارة تابعة لإحدى شركات الأعمال وإنزال سائقها وسرقتها والفرار بها لجهة مجهولة». بينما تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة البحر الأحمر من توقيف شخص، وتبين من التحقيقات أنه يعتنق فكر تنظيم داعش الإرهابي وله علاقة بالتنظيمات الإرهابية بشمال سيناء ويروج لفكرهم بمدينة رأس غارب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».