سكان غرب الموصل عاشوا مختبئين خوفاً من «الدواعش»

فضلوا البقاء في منازلهم تحسباً من الوقوع رهائن في أيدي المتطرفين

عراقية من بلدة على مشارف الموصل تضع علما أبيض أمام منزلها خلال الحرب ضد «داعش» في المنطقة (رويترز)
عراقية من بلدة على مشارف الموصل تضع علما أبيض أمام منزلها خلال الحرب ضد «داعش» في المنطقة (رويترز)
TT

سكان غرب الموصل عاشوا مختبئين خوفاً من «الدواعش»

عراقية من بلدة على مشارف الموصل تضع علما أبيض أمام منزلها خلال الحرب ضد «داعش» في المنطقة (رويترز)
عراقية من بلدة على مشارف الموصل تضع علما أبيض أمام منزلها خلال الحرب ضد «داعش» في المنطقة (رويترز)

يقول يونس محمد الذي بقي مختبئا مع عائلته في منزله في غرب الموصل خوفا من أن يخطفه عناصر من تنظيم داعش «كان المتطرفون يدقون على الباب لكننا لم نكن نفتح لهم».
خرج يونس من بيته بعدما استعادت قوات الأمن العراقية حي الدندان الذي يسكنه مع تقدمها في الشطر الغربي من الموصل لاستكمال سيطرتها على ثاني مدن العراق. يذكر هذا الميكانيكي البالغ من العمر 39 عاما، بينما كان جالسا تحت شجرة، الأسبوعين اللذين قضاهما في قبو منزله مع والدته وأشقائه الثلاثة وزوجاتهم وأولادهم، أي «أربع عائلات من 18 شخصا بينهم ثمانية أولاد».
ويقول: «كنا نعطي (الأولاد) عقارا يجعلهم ينامون حتى لا يتكلموا. لو سمع المتطرفون أصواتنا، لقاموا بخطفنا واحتجازنا رهائن لحماية أنفسهم». وتابع يونس أنه حين كانوا يقتربون «كنا نسمع أصواتهم ونسمعهم يتكلمون بواسطة أجهزة اللاسلكي»، مشيرا إلى أن بعض المقاتلين «لم يكونوا يتكلمون العربية حتى».
ويؤكد سكان آخرون في حي الدندان أيضا أنهم بقوا قابعين في منازلهم متفادين الظهور قدر الإمكان ومكتفين باستهلاك المؤن التي جمعوها. وقال منهل (28 عاما) الذي بقي مختبئا في القبو مع زوجته وابنتيه الصغيرتين: «لم يكن بوسعنا الخروج بسبب مقاتلي تنظيم داعش». وأضاف أن «الذين كانوا يخرجون كانوا يحتجزون رهائن. كانت المعارك عنيفة جدا، وقد سقطت قذائف على سطح منزلنا وفي الفناء». قال جاره محمد ساخرا «كنا عالقين في الوسط: إن فتحت نافذة، لديك الجيش، وإن فتحت النافذة المقابلة، لديك تنظيم داعش».
تصطف سيارات متفحمة على طول أرصفة هذا الشارع السكني الصغير المحاط بمنازل جميلة تحطم زجاجها. في وسط الطريق، تظهر حفرة عريضة ناجمة عن انفجار تكشف عن أنابيب ملتوية. وقذف عصف أحد الانفجارات التي رافقت المعارك ثلاث سيارات فحطت الواحدة فوق الأخرى.
يقول أحمد الذي اختبأ داخل منزله مع زوجته وابنتيه ووالده السبعيني: «كان الأمر أشبه بزلزال». وقد أنهار سور الحديقة فيما تظهر الحديقة حيث مدت زوجته الغسيل ليجف، مكسوة بقطع أسفلت تطايرت من الشارع. تابع هذا الأستاذ البالغ من العمر 35 عاما أن مقاتلي «داعش» «فتحوا منافذ بين المنازل»، مشيرا إلى فتحة مربعة في جدار حديقته كانت تسمح للمقاتلين بالتنقل في الخفاء.
ويقول والده البالغ من العمر 71 عاما بصوت مرتجف: «كان الأمر مروعا. كان الخوف يتملكنا، وخصوصا النساء»، ويضيف مقتربا بخطوات صغيرة في جلبابه الرمادي: «احترقت سيارتنا».
يظهر أحد الجيران خلف بوابة مرتديا معطفا أسود كثيفا رغم الحر ليعلن «أخذوا كرم مع عائلته»، مضيفا وهو يكر مسبحة من العنبر: «كنا محاطين بالأشرار». لكن الخطر لا يزال قائما. فعلى مقربة في الحي، لا يزال قناصة «داعش» يترصدون في محيط المتحف الأثري الذي استعادته القوات الحكومية من قبضتهم. وبين الحين والآخر، يسمع أزيز رصاص، فيعبر جندي فجأة أحد الشوارع راكضا من رصيف إلى رصيف ليشتت انتباه القناصة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.