«داعش» يسحب مقاتليه من تدمر ويترك انتحارييه في أحيائها

الكرملين يعلن استكمال عملية استعادة المدينة بإسناد جوي روسي

جنود من قوات النظام في طريقهم أمس إلى مدينة تدمر التي يسيطر عليها «داعش» (أ.ف.ب)
جنود من قوات النظام في طريقهم أمس إلى مدينة تدمر التي يسيطر عليها «داعش» (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يسحب مقاتليه من تدمر ويترك انتحارييه في أحيائها

جنود من قوات النظام في طريقهم أمس إلى مدينة تدمر التي يسيطر عليها «داعش» (أ.ف.ب)
جنود من قوات النظام في طريقهم أمس إلى مدينة تدمر التي يسيطر عليها «داعش» (أ.ف.ب)

دخلت قوات النظام إلى مدينة تدمر الأثرية لكنها لا تزال تتقدم ببطء بسبب كثرة الألغام التي تركها مقاتلو تنظيم داعش خلفهم بعد انسحابهم من القسم الأكبر من المدينة.
ويوم أمس أعلن الكرملين «إن الجيش السوري استكمل عملية استعادة مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا من أيدي داعش بإسناد جوي روسي».
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لوكالات أنباء روسية، أن وزير الدفاع سيرغي شويغو أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين باستكمال العملية.
في المقابل قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش» انسحب من المدينة لكن النظام لم يتمكن لغاية الآن من الدخول إلى كامل الأحياء نتيجة الألغام المزروعة.
وقال عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «انسحب التنظيم من غالبية مدينة تدمر بعد تلغيمها بشكل مكثف»، لافتا إلى وجود «انتحاريين في القسم الشرقي من المدينة وأن قوات النظام لم تستطع أن تدخل عمق المدينة أو الأحياء الشرقية».
وبحسب عبد الرحمن، «لم يعد هناك من وجود لمقاتلي التنظيم في القسم الأكبر من المدينة الأثرية في جنوب غربي تدمر لكنها ملغمة بشكل كثيف».
وتمكنت قوات النظام بدعم جوي وبري روسي وبعد أسابيع من المعارك من دخول المدينة الواقعة في منطقة صحراوية في ريف حمص الشرقي، بعد نحو ثلاثة أشهر من سيطرة «داعش» عليها.
وقال الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله»، إن قوات النظام دخلت مدينة تدمر وبدأت تنفيذ عمليات تكتيكية دقيقة لاستئصال ما تبقى من إرهابيي «داعش» المتحصنين فيها، ونقلت عن مصدر عسكري قوله «إن التقدم داخل المدينة الأثرية حذر وبطيء جراء رصاص القناصين والعبوات الناسفة والمفخخات التي زرعها داعش بكثافة في المكان».
وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من دمشق يوم أمس، أن «وحدات الجيش توغلت في مدينة تدمر من المحورين الجنوبي والجنوبي الغربي بعد أن سيطرت على المزارع والتلال كافة المحيطة بالمدينة».
وقال النظام إنه سيطر على منطقة تعرف باسم «مثلث تدمر» على بعد بضعة كيلومترات غربي المدينة بعد تقدم سريع في الأيام الأخيرة بدعم من الغارات الجوية الروسية.
وأظهرت صور على حساب تنظيم داعش على «تليغرام»، مقاتليه، وهم يطلقون قذائف صاروخية على قوات النظام ويفتحون نيران دبابة. ونقل المرصد السوري عن مصادر عدّة تأكيدها أن قوات النظام لا تزال مستمرة في عمليات التمشيط داخل مدينة تدمر الواقعة في الريف الشرقي لحمص، ومحيطها، في محاولة لاستعادة السيطرة على كامل المدينة التي زرعها تنظيم داعش بأعداد كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة، قبيل انسحاب غالبية عناصره من المدينة.
وأكدت المصادر أن قوات النظام بدأت تتوغل داخل المدينة، مع سماع دوي انفجارات ناجمة عن تفجير عبوات ناسفة في المدينة التي تمكنت قوات النظام والمسلحون الموالون لها من جنسيات سورية وغير سورية مدعومين بطائرات مروحية قتالية روسية وطائرات حربية روسية ليل أول من أمس، من الدخول إليها والسيطرة على حي المتقاعدين الواقع بالقسم الغربي منها وذلك بعد سيطرتها على كامل القسم الغربي والقسم الشمالي الغربي من ضواحي تدمر، كما وصلت قوات النظام والمسلحين الموالين إلى منازل في القسم الشمالي والشمالي الغربي من المدينة.
وكان المرصد أفاد، أول من أمس، أن قوات النظام حققت تقدما كبيرا بوصولها إلى ضواحي تدمر لتصبح على مسافة نحو كيلومتر واحد من أطراف المدينة، وباتت تسيطر نارياً على أطراف المدينة الغربية، إضافة لسيطرتها النارية ورصدها قلعة تدمر (قلعة فخر الدين المعنى الثاني) ومنطقة الفنادق، فيما تشهد المدينة عمليات قصف مكثف بقذائف المدفعية والدبابات والصواريخ، وسط عشرات الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية والمروحية على المدينة.
والمدينة التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) للتراث العالمي الإنساني نظرا لآثارها.
وأقدم التنظيم خلال فترة سيطرته على تدمر على قطع رأس مدير الآثار في المدينة خالد الأسعد (82 عاما) وتنفيذ إعدام جماعي في حق 25 جنديا سوريا على المسرح الروماني. كما دمر معبدي بعل شمسين وبل وقوس النصر وقطعاً أثرية كانت في متحف المدينة.
ودمر التنظيم مطلع العام التترابيلون الأثري المؤلف من 16 عموداً، كما الحق أضرارا كبيرة بواجهة المسرح الروماني. ووصفت الأمم المتحدة ذلك بـ«جريمة حرب».
وسيطر «داعش» على تدمر مرتين خلال الصراع السوري المستمر منذ ست سنوات. وآثار تدمر القديمة مدرجة ضمن مواقع اليونيسكو للتراث العالمي. واستعاد النظام السيطرة على المدينة من التنظيم في مارس (آذار) العام الماضي لكن التنظيم سيطر عليها مجددا في ديسمبر (كانون الأول).



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.