أحمد الجلبي: المالكي لم يقدم برنامجا لحكومته طوال أربع سنوات

قال لـ («الشرق الأوسط») إن قناعة الكتل السياسية ألا تكون هناك ولاية ثالثة

أحمد الجلبي: المالكي لم يقدم برنامجا لحكومته طوال أربع سنوات
TT

أحمد الجلبي: المالكي لم يقدم برنامجا لحكومته طوال أربع سنوات

أحمد الجلبي: المالكي لم يقدم برنامجا لحكومته طوال أربع سنوات

قال أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي وأحد أبرز الأسماء المتداولة لخلافة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، إنه «لا يهمه أن يكون رئيسا للوزراء أم لا بقدر ما يهمه تشكيل حكومة قوية ببرنامج واضح المعالم للسنوات الأربع المقبلة التي يمكن أن تكون الأخطر في تاريخ العراق».
وأضاف الجلبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المحكمة الاتحادية كانت قد ألغت المادة الخاصة بتحديد ولاية رئيس الوزراء لدورتين أسوة برئاسة الجمهورية»، مشيرا إلى أنه «أصبحت هناك قناعة لدى جميع القوى والكتل السياسية بأنه من غير الممكن أن تكون هناك ولاية ثالثة، وقد أعلن الجميع ذلك بوضوح». ويرى الجلبي أن «الانتخابات الحالية تختلف عن الانتخابات التي جرت عام 2010، وذلك لجهة ما بات يهم المواطن العراقي اليوم هو كيفية تحقيق البرنامج الذي تتعهد الحكومة التي تتولى إدارة البلاد بتنفيذه، وهذه بالطبع مسؤولية أصعب على من يتصدى لذلك لأن الناس بدأوا يتجهون إلى التفكير الواقعي والابتعاد عن المشاعر العاطفية التي أدت في الوقت نفسه إلى انحسار الطائفية بين أبناء الشعب العراقي، وهو عامل سيكون مساعدا لجهة معرفة البرامج القابلة للتطبيق على أرض الواقع».
وحول رؤيته لشكل وطبيعة الحكومة التي ستفرزها الانتخابات، قال الجلبي إن «الحكومة لا يمكن أن تتشكل من طرف واحد، ومن ثم لا بد أن تكون حكومة ائتلافية بأكثرية سياسية مع تكوين معارضة قوية داخل البرلمان لكي تتمكن من محاسبة الحكومة وليس مثلما حصل خلال الدورة الحالية التي جرى فيها التصويت على هذه الحكومة التي انتهت ولايتها من دون أن تقدم برنامجا، بينما الأصل في الحكومات أن تقدم برنامجا يجري اختيارها في ضوئه وتكون ملزمة بتطبيقه خلال المدة المقررة».
وبشأن ما إذا كان لائتلاف «المواطن» الذي يتزعمه عمار الحكيم وينتمي إليه الجلبي برنامج متكامل لإدارة الدولة، قال الجلبي: «نعم، لدينا برنامج متكامل سنعمل على تطبيقه في حال كان لنا دور في تشكيل الحكومة»، مبينا أن «نظام (سانت ليغو) يمكن أن يكون عاملا سلبيا عند تشكيل الحكومة، وقد يتكرر سيناريو مجالس المحافظات عندما تمكن متفرقون من التجمع لتشكيل بعض الحكومات المحلية، بينما فشلت كتل حصلت على مقاعد أكثر من تشكيلها، وهو ما يعني أن هذا النظام بقدر ما يفيد الكتل والكيانات الصغيرة في الحصول على مقاعد بالبرلمان، فإنه يمكن أن يعرقل تشكيل الحكومة، لكنه لن يعيق مبدأ التداول السلمي للسلطة الذي لم يعد ممكنا الالتفاف عليه، رغم أن الأحزاب الإسلامية تحاول أن تحكم طبقا للنظرة الشمولية التي حكمت بموجبها الأحزاب الثورية والآيديولوجية، بما في ذلك قوى العسكر بالعالم العربي التي تهيأت لها فرص الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية في سوريا ومصر والعراق وبلدان عربية أخرى».
وأضاف الجلبي أن «الكثير من القوى والأحزاب الحالية لم يكن لها دور كبير في قيادة المعارضة العراقية باستثناء ثلاث شخصيات كان لها الدور الأكبر وهم كل من: محمد باقر الحكيم وجلال طالباني وأحمد الجلبي». وكشف عن أن مهدي الحكيم، الشقيق الأكبر لباقر الحكيم، قال له إن «علي أن أحرق نفسي من أجل تحرير العراق وها أنا عملت بهذه الفتوى إلى الحد الذي استفاد بالقفز إلى السلطة والمواقع من كان ينتقدني ويتهمني بأنني من جاء بالاحتلال الأميركي، بينما لم يكن هدفي الحصول على مكاسب أو مواقع». وانتقد الجلبي القيادات الإسلامية والسياسية العراقية بعد حصول الانتفاضة الشيعية عام 1991 ومؤتمر بيروت الذي تلاها، «حيث كانت هناك فرصة حقيقية لإسقاط نظام صدام حسين، لكن تلك القيادات كانت تفتقر إلى عامل مهم وهو الطاقة الكاملة لإثارة الناس ودفعهم إلى الثورة الشاملة. وبعد أن اتضح هذا الفشل فكرنا في الدعم الخارجي وبالذات الأميركي وصولا إلى ما حصل فيما بعد حتى عام 2003».
وبشأن ما يثار عن الفساد في العراق وما إذا كان هذا الكلام حقيقيا أم مبالغا فيه، قال الجلبي إن «الفساد في العراق حقيقي وليس مبالغا فيه، بل أستطيع القول إنه الأكبر والأضخم، ليس في تاريخ العراق فقط وإنما لم يحصل مثله في العالم كله»، مشيرا إلى أن «هذا الفساد ناجم عن إدارة حكم فاشلة تهدد فقط بالكشف عن الفساد والفاسدين، كما أنه ناجم أيضا عن عدم محاسبة المسؤولين الكبار». وأوضح الجلبي أن «مجموع ما دخل العراق من أموال من مبيعات النفط من عام 2006 إلى عام 2013 كان 467 مليار دولار، تمثل مبيعات البنك المركزي 56 في المائة من هذا المبلغ، وإذا افترضنا نصف هذا المبلغ وليس كله فإن نحو 60 مليار دولار حولت على أساس استيراد في عام 2013. وهو ما يعني أن نحو 170 مليار دولار هي التي حولت عبر شركات صرافة، وهو ما يعني أن هناك أكبر عملية غسل أموال تحصل في العراق وهي بحدود 22 مليار دولار سنويا لا نعرف أين تذهب وكيف». وتابع الجلبي قائلا: «قمنا في البرلمان بتشكيل لجنة لمعاينة الإنفاق الحكومي من خلال السحوبات المالية، لكننا فشلنا في الحصول على كشف حساب من الحكومة في صندوق تنمية العراق، حيث لم تتعاون معنا في هذا الأمر على أهميته وخطورته».
وحول رؤيته لمستقبل العراق بعد الانتخابات، قال الجلبي إن «العراق يعيش اليوم مجموعة أزمات وهي أزمة أمنية وأزمة مالية وأزمة اقتصادية وأزمة سياسية وأزمة دبلوماسية وأزمة في حقوق الإنسان، وفي حال بقيت إدارة الحكم على الوتيرة التي تجري عليها الآن فإننا لا نتوقع حصول أي تقدم في العراق، ناهيك بأننا سوف نواجه أزمة إفلاس في الخزينة خلال السنتين المقبلتين. أما في حال انخفضت أسعار النفط فإن الأزمة ستتضاعف بشكل خطير جدا»، لافتا إلى أن «العجز في الموازنة المالية يبلغ 60 مليار دولار (...)، وهناك 6000 آلاف مشروع لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع وتبلغ قيمتها 228 تريليون دينار عراقي (220 مليار دولار أميركي)».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».