اتفاق لبناني ـ فلسطيني على تسليم المطلوبين المتوارين في «عين الحلوة»

الفصائل رفعت عنهم الغطاء... وقرار بإنهاء ظاهرة «المربعات الأمنية»

امرأة من سكان «عين الحلوة» تجتاز جداراً في المخيم الفلسطيني جنوب لبنان الذي شهد مواجهات مسلحة بين أطراف عدة مؤخراً (رويترز)
امرأة من سكان «عين الحلوة» تجتاز جداراً في المخيم الفلسطيني جنوب لبنان الذي شهد مواجهات مسلحة بين أطراف عدة مؤخراً (رويترز)
TT

اتفاق لبناني ـ فلسطيني على تسليم المطلوبين المتوارين في «عين الحلوة»

امرأة من سكان «عين الحلوة» تجتاز جداراً في المخيم الفلسطيني جنوب لبنان الذي شهد مواجهات مسلحة بين أطراف عدة مؤخراً (رويترز)
امرأة من سكان «عين الحلوة» تجتاز جداراً في المخيم الفلسطيني جنوب لبنان الذي شهد مواجهات مسلحة بين أطراف عدة مؤخراً (رويترز)

توصلت القيادات الأمنية اللبنانية والفلسطينية إلى اتفاق يقضي بتسليم المطلوبين اللبنانيين المتوارين في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الذين يفوق عددهم الـ20. وذلك بعد اشتباكات عنيفة شهدها المخيم الأسبوع الماضي بين عناصر من حركة «فتح» وعناصر متشددة اتخذت من مناطق في المخيم مراكز لها حولتها «مربعات أمنية» تستضيف معظمها مطلوبين للسلطات اللبنانية بقضايا إرهاب وعلى رأسهم الفنان المعتزل فضل شاكر وأحد أبرز المتهمين بقضايا أمنية شادي المولوي.
وفيما ترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، يوم أمس، في السراي الحكومي اجتماعا أمنيا لدراسة الوضع الأمني في البلاد، ولا سيما التطورات الأمنية الأخيرة في «عين الحلوة»، انشغل سكان المخيم الذي يبلغ عددهم نحو مائة ألف من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين بلملمة آثار الاشتباكات التي أدّت لمقتل وجرح عدد من الأشخاص. وكثفت القيادات الفلسطينية اجتماعاتها فيما بينها كما مع المسؤولين اللبنانيين بهدف التسريع بتشكيل قوة أمنية مشتركة مصغرة تكون أبرز أولوياتها تسليم المطلوبين الموجودين في المخيم الذين هم من غير الفلسطينيين، وحفظ استقرار «عين الحلوة» الذي اهتز بشكل غير مسبوق مع انفراط عقد القوة الأمنية السابقة بعد خلافات داخلية بين الفصائل.
وقال أمين سر فصائل التحالف الفلسطينية أبو عماد الرفاعي لـ«الشرق الأوسط»، إنه تقرر الطلب من كل المطلوبين من غير الفلسطينيين «تسليم أنفسهم للسلطات اللبنانية أو الخروج من المخيم كما دخلوا إليه، من منطلق أنّه من غير المسموح بعد اليوم أن تُستباح مخيماتنا وتكون مأوى للفارين من وجه السلطات الذين يورطون بمزيد من المشاكل التي نحن بغنى عنها»، لافتا إلى تبلور «قرار حاسم» وبالتحديد بعيد الاجتماع الذي عُقد قبل يومين في السفارة الفلسطينية ونتج عنه وقف لإطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع، بـ«وضع حد لظاهرات المربعات الأمنية التي تزيد من تمزيق المخيم وتشرذمه». وقال: «الوضع لم يعد يحتمل وقد بتنا متأكدين من وجود استهداف واضح للمخيم ولقضية اللاجئين ما يستدعي تحركا سريعا لإزالة كل الذرائع التي تبقي عناصر التوتر قائمة». وشدّد الرفاعي على وجوب أن يترافق «كل هذا العمل الأمني مع التفاتة اجتماعية واقتصادية من قبل الحكومة اللبنانية لأوضاع اللاجئين كي لا يتم استغلال ظروفهم الصعبة من الزاوية الأمنية».
وتحدثت مصادر ميدانية من داخل «عين الحلوة» لـ«الشرق الأوسط» عن «حركة خجولة وحذرة» شهدتها أحياء المخيم أمس الأربعاء بعد سريان وقف إطلاق النار بشكل كامل، لافتة إلى أن «آثار الاشتباكات وحجم الخراب بدا واضحا، وقد انصرف السكان لمعالجة الوضع تمهيدا للعودة إلى حياتهم الطبيعية». وأضافت: «وتزامنت حركة المدنيين داخل المخيم مع حركة للقيادات السياسية والأمنية الفلسطينية مع تأكيد العدد الأكبر منهم وجود قرار واضح برفع الغطاء عن أي مجموعة تحمي مطلوبين للسلطات اللبنانية».
من جهتها، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، بـ«ليلة من الهدوء التام» شهدها «عين الحلوة»، مؤكدة أنّه «لم يسجل أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيما في الشارع الفوقاني باستثناء الإشكال الفردي الذي وقع بعيد منتصف ليل الثلاثاء، في حي الزيب في الشارع التحتاني، وتطور إلى إطلاق نار ما أدى إلى إصابة شخص».
وقد شهدت مدينة صيدا حيث يقع مخيم «عين الحلوة» في جنوب لبنان يوم أمس إضرابا عاما وإقفالا لمرافقها ومؤسساتها التربوية والاجتماعية والاقتصادية، تلبية لدعوة النائب بهية الحريري في اللقاء التشاوري الذي عقد في بلدية صيدا الثلاثاء: «رفضا للاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني، ولوقف النزف الحاصل داخل المخيم».
كما جال وفد من اللجنة المكلفة من القيادة السياسية الفلسطينية المنبثقة عن اجتماع السفارة الفلسطينية، على فاعليات صيدا السياسية والأمنية لوضعها في خطوات إعادة تثبيت الهدوء في مخيم «عين الحلوة». ورأى عضو المكتب السياسي لـ«جبهة التحرير الفلسطينية» صلاح اليوسف في تصريح أن «الفصائل والقوى الفلسطينية نجحت في وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة وسحب المسلحين من الشوارع وإعادة الحياة إلى طبيعتها داخل المخيم»، لافتا إلى أن «الخطوة التالية ستكون تشكيل قوة أمنية مشتركة لتقوم بحفظ الأمن في المخيم، والتعاطي بشكل مباشر مع أي مخل بالأمن وتسليمه». وأكّد اليوسف أن «القيادة السياسية بصدد إصدار بيان تعلن فيه رفع الغطاء عن كل مطلوب للدولة اللبنانية، وتحديدا المطلوبين اللبنانيين وعددهم يفوق العشرين شخصا، وخلال أيام سيتم تشكيل هذه القوة وسيكون لها خطوات عملية في هذا الإطار».
من جهته، أكد الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري في تصريح له خلال جولة في مدينة صيدا يوم أمس أن «أمن مخيم عين الحلوة هو من أمن صيدا»، وتساءل: «لأي سبب تجري هذه الأحداث في المخيم وهل تصب في خدمة القضية الفلسطينية أو في خدمة لبنان؟» وأعرب عن أمله في أن «يعود الأمن ويستتب في المخيم وصيدا التي اتخذت موقفا واضحا برفض هذه الأحداث».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.